جميعنا يعرف قصة موسى عليه السلام وكيف هرب مع قومه من بطش فرعون وجنوده.. هرب ببني إسرائيل في جنح الظلام حتى وصل إلى البحر الأحمر فرع السويس، فوقف منتظراً فرج الله.. وحين سمع فرعون بخبر هربهم أرسل «في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون» فجمع قرابة المليون رجل للحاق بهم. وحين نظر بنو إسرائيل خلفهم ورأوا جيش فرعون قالوا يا موسى «إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين» فهداه الله لضرب البحر بعصاه «فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم» فدخلوا بين البحرين، وحين اقترب فرعون ورأى البحر منفلقاً قال لأصحابه: ألا ترون إلى البحر قد فزع مني فانفتح لي؟ فاقتحم خلف بني إسرائيل فأطبق عليهم فكانوا من المغرقين. وكي يصبح فرعون عبرة لغيره، وكي يزول شك بني إسرائيل في موته أخرج الله جسده من البحر سليماً بلا روح «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون»! ورغم أن معظم العلماء يرشحون رمسيس الثاني على أنه فرعون موسى (بسبب قوته وعظمته وقربه من زمن موسى عليه السلام) هناك دراسات جادة ترشح كل من: * الفرعون أحمس الذي طرد قبائل الهكسوس من مصر (ويعتقد البعض أنهم بنو إسرائيل). * والفرعون تحمس الثاني (الذي عاش في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد). * والفرعون تحمس الثالث (الذي يتوافق تاريخ حكمه مع رواية التوراة). * وأمنحتب الثاني (الذي رشحه المؤرخ الفرنسي دانيال روبرس في كتاب شعب التوراة). * وكذلك رمسيس الثاني (الذي يحظى بأغلبية الأثريين وعلماء التوراة المشهورين).. ومن أسباب الاختلاف (في تحديد فرعون موسى) أن القرآن الكريم لم يذكره بالاسم، ولم يحدد تاريخ انفلاق البحر، واكتفى باستعراض هرب اليهود أثناء حديثه عن قصة موسى عليه السلام. فتاريخ مصر القديمة يؤكد أن (فرعون) ليس اسماً بل لقباً كان يتم إضفاؤه على ملوك مصر القدماء - بدليل وجود مخطوطات تخص الفرعون مينا وحتب ورمسيس وخوفو وخفرع (ومعظم الأسر الست الحاكمة قبل الميلاد). غير أن الدكتور سعيد ثابت (وهو باحث أثري من جامعة القاهرة) يدعي أن فرعون موسى كان استثناءً، وأن «فرعون» كان اسمه وليس لقبه، كما هو معتقد. ويقول: إن «الملك فرعون» بلغ من القوة والعظمة حد إطلاق لقب «فرعون» على كل من جاء بعده من ملوك مصر. غير أنني شخصياً أستبعد هذا الاحتمال، وأفترض أن القرآن الكريم تحدث عن فرعون بصفته (كملك جبار ومتسلط) ولم يكن عاجزاً عن ذكر اسمه (كما ذكر اسم قارون وهامان في سورة العنكبوت).. أما القول إن جميع الملوك الذين أتوا بعد فرعون لقبوا بفرعون فيعني أن زمن سيدنا موسى عليه السلام يسبق زمن جميع الفراعنة المعروفين، ويطابق حقبة الزمن الحجري الحديث. وهذه حقبة بعيدة جداً لا تتعارض فقط مع أحداث التوراة، بل وتخل بالترتيب الزمني لكافة الأنبياء المعروفين! Your browser does not support the video tag.