أعلنت المملكة رؤيتها للمستقبل 2030 بتاريخ 12/7/1437ه، حيث رسمت منهجاً وخارطة طريق للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، وحددت التوجهات والسياسات العامة والأهداف والالتزامات الخاصة بها،لتكون المملكة نموذجاً رائداً على كافة المستويات، ومنذ ذلك التاريخ، وجميع مؤسسات المملكة الحكومية والأهلية تقيم خططها الحالية، وتوجه خططها المستقبلية ومخرجاتها لتنفيذ الرؤية، وهذا ما وجدناه في برنامج الشراكات الاستراتيجية، وبرنامج التوسع في التخصيص، وبرنامج التحول الوطني، وغيرها من البرامج التي تسهم وتمهد الطريق أمام بناء هذه الرؤية. في مقالتي هذه سأركز على التعليم شريان المستقبل، وأهم المتطلبات لنجاح وتحقيق جميع استراتيجيات الوطن الحالية والمستقبلية؛ وكما هو معروف هناك العديد من التطورات، والتحسينات في مجال التعليم سواء على مستوى المدارس أو الجامعات أو الإدارات التعليمية، وكذلك هناك العديد من القرارات التحولية للتطوير، وتحقيق طموح بلادنا، منها مشروعات هيئة التقويم في إعداد معايير للمناهج، ورخص للمعلمين، ومركز للاعتماد الأكاديمي والقياس والقائمة تطول من المشروعات التطويرية في هذا المجال الحيوي. لكن كل هذه الجهود والمشروعات والقرارات تحتاج إلى تنسيق دقيق وموجه لتحقيق الهدف، وهذا لن يحدث بدون تغير في معتقدات من يعمل في هذا القطاع أو يستفيد منه. لذلك نجد في العديد من البلدان في العالم عندما يكون لديهم خطط جديدة أو استراتيجيات مفصلية تكون عملية التهيئة النفسية والسلوكية والتحفيزية مركزة على العنصر البشري، وبخاصة الاعتقادات التي تؤثر على السلوك، ونقصد بالاعتقادات هنا هي أفكار تنشأ لدى الفرد نتيجة خبرة محددة، وهذه الأفكار تحدد لنا صواب الشيء من خطئه من وجهة النظر الخاصة، ومعتقداتنا تولد من خبراتنا التي تقيمها ثم نعززها مع الوقت أو نغيرها. فالمعتقدات هي التمثيل العملي للمعرفة أو هي الأساس للاتجاه، والدافعية، والسلوك، وهناك العديد من الدراسات السابقة أشارت إلى وجود علاقة طردية قوية بين معتقدات الأفراد وخاصة المعلمين وممارساتهم العملية. وبالرغم أن هناك العديد من الدورات التدريبية عن رؤية 2030 والتعريف بها وبأهدافها وبرامجها،لكن للأسف لم تعط أهمية أكبر لما هو مطلوب من العنصر البشري، ولاتركز في تعديل المعتقدات أو تغير في الاتجاهات، أو تنمي الدوافع نحو المشاركة بفعالية لتحقيق هذه الخطط والبرامج. فالعديد من الأكاديميين والمعلمين والإداريين في حاجة ماسة للتهيئة للأدوار الجديدة التي يجب أن يقوموا بها لدعم الرؤية المستقبلية للمملكة. فتنمية الموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب وتشجيع الإبداع والاختراع تمثل المحرك الأساسي لنجاح هذه الخطط والطموحات الوطنية، ولن تؤثر المعارف فقط أو القرارات الإدارية بتنمية اتجاهات إيجابية أو تعديل معتقدات أو توليد دوافع دون أن يكون هناك تهيئة وتدريب للجانب الوجداني والذي يركز على الأفكار والمشاعر والمعتقدات والاتجاهات وتعديلها بشكل إيجابي نحو المشاركة بفعالية لتحقيق رؤية بلادنا الغالية. وينبغي أن ندرك تماماً بهذا المجال أن الاعتقاد يؤثر بشكل مباشر في السلوك، لذلك فلنركز على العقول والأفكار لتنعكس على السلوك، ولنركز على السلوك لينعكس على تحقيق الاستراتيجيات، ولنركز على الاستراتيجيات لتنعكس على المخرجات، وعلى المخرجات لتنعكس على الوطن. * أستاذ مشارك في التربية العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود