أميركا بلد الحرية؟ ما الذي سيقوله المثقفون الأميركان لو أن عددا من الدعاة الأميركان الأفاضل ظهروا في التلفزيون يقبلون رأس كيم جونغ اون رئيس كوريا الشمالية. لو أن عدداً من كتابهم ودعاتهم الأفاضل صمتوا عن تهديدات كيم جونغ بضرب بلادهم بصواريخه ولزموا الحياد تحت شعار حرية الرأي. احتضنا في هذه المنطقة الوعرة دعوتين. دعوة قومية انتهينا منها بالانقلابات والسجون والمشانق واخرى أممية يكفي أن اذكر منها داعش والاخوان المسلمين وقطر. استهلكتنا القومية وأضاعت علينا كثيرا من فرص التقدم ثم جاءت الأممية لتزج بما تبقى منا في صراع عالمي لا سيطرة لنا عليه ولا مصلحة لنا فيه. عندما حان وقت التواضع والبقاء في حدود ما نملكه ونستطيع إدارته وننأى بأنفسنا عن إيقاع الأذى بالآخرين أصبح في الأمر شبهة فاشية. الفاشية هي الاستعلاء على الآخرين. احساسك أنك تملك الحقيقة المطلقة. احساسك أنك أقرب إلى الله من غيرك. احساسك أن دمك الأنقى بين الشعوب. احساسك أنك من الفرقة الناجية. احساسك أن العالم مدين لك بهدايته. اقرأ تاريخ إيطاليا الموسيلينية وتاريخ المانيا النازية وتاريخ بني عثمان ولا تنسَ قراءة كتاب معالم في الطريق لسيد قطب لتقف على حقيقة الفاشية. الوطنية هي عكس هذا كل. معالجة انتفاخك الزائف بإدراكك لضعفك. الوطنية هي اعترافك بعدم قدرتك ولا حاجة لك في غزو العالم والسيطرة عليه. الوطنية ان تكف عن انتظار سحابة الآخرين ليأتيك خراجها وان تترفع أخلاقيا عن التفاخر بمثل هذا. تعب السعوديون من الزج بهم في الانتماءات الدولية ومن مصادرة حقهم في وطن يخصهم مثل بقية البشر. حان الوقت أن يفخروا بعلمهم ومليكهم وألا يحرم عليهم أفاكو الأممية الوقوف بكل اعتزاز امام نشيدهم الوطني. مسألة الحرية مطروحة منذ زمن ومازالت موضع نقاش. كل من حمل القلم ذاق مرارتها بغض النظر عن انتمائه. من ذا الذي ادعى أن المملكة أصبحت بريطانيا. إذا كنت لا تستطيع أن تعبر عن رأيك فهذا لا يعني ان المسألة فاشية أو مكارثية. جزاء كبير من هذا القيد من ثمرات سد باب الذرائع على أي حال. ما الذي علينا أن نفعله كي نغادر الفوضى والعدمية وأن نؤمن أننا في وطن علينا المحافظة عليه بعيدا عن التدويل والتمييع. علينا أن ندرك أن علاقتنا بقطر وبأي دولة أخرى علاقة بين دولتين مستقلتين بعيدا عن التغليف بالعواطف المائعة. اما ان نتعاون وفقا للمصالح المشتركة واحترام الشؤون الداخلية لكل دولة أو أن يذهب كل في طريقه. الأممية والقومية لم تجر علينا سوى المصائب. سلامة المملكة فوق كل انتماء آخر. نحن مسلمون بقطر وبدون قطر. خلاصنا من الأممية لن يؤثر على عباداتنا. يستطيع المؤمن أن يعبد الله في خيمة نائية في الربع الخالي أو ان يعبد الله متسولا تحت سور قصر توب كبي كما حكم الله على المسلمين ستمائة سنة. لا حاجة لنا في خليفة يهدم أسوار أوروبا بجحافل أرقائه الانكشارية. في كل اختلاف نترك كل شيء وننقض على القيم الإنسانية الوليدة. جرى تشويه مفهوم الحرية ثم الليبرالية ثم العلمانية وجاء الدور اليوم على الوطنية.
