تمنح الحياة الإنسان فرصاً متعددة، بعضها يأتي متقدماً والبعض يأتي متأخراً. ومن هذه المنح هي العلم ونيل الدرجات العلمية. وقد تنبه الغرب والشرق لهذا الأمر، لذلك ذللوا سبل العلم للقاصي والداني من أجل اكتساب المعرفة وليس من الدرجة العلمية فقط. لذلك وجد ما يسمى بالتعلم عن بعد Distance Learning أو ما يطلق عليه أحياناً E-learning وفق برامج مخصصة، من خلالها يتلقى الطالب العلم ويحضر المحاضرات ولو كان قابعاً في أقاصي الأرض، وله النقاش وطرح الأسئلة والتواصل مع أستاذ المقرر، بل وتفرض عليه ما يفرض على الطالب الموجود في القاعة الدراسية بدون تمييز. لكن الحال في مجتمعنا هو أن ينخرط أغلب الطلاب في برنامج للانتساب من أجل الشهادة فقط، لذلك تجدهم أشبه بموظفي مكاتب التعقيب سعياً من دكتور لآخر ومن أستاذ لآخر من أجل تخفيف العبء الدراسي، وتلخيص المقرر، وتخفيف الأسئلة بجعلها (صح وخطأ - واختيار متعدد)، وهذا أدى إلى تردي مخرجات الانتساب. أدى ضعف المخرجات إلى منع الانتساب في كثير من المؤسسات التعليمية، وهذا أدى إلى امتعاض لدى كثير ممن يريدون طلب العلم - على حد زعمهم، وإكمال مسيرتهم التعليمية، والحل بالرفض ليس مجدياً أبدا. لذلك أطالب أن يعود الانتساب في جميع المؤسسات التعليمية، ولكن وفق شروط واضحة. منها أن يتلقى طالب الانتساب جميع المقررات بدون استثناء أو تلخيص كما يتلقاها طالب الانتظام. وأن يتم الاختبار ليس وفق (الصح والخطأ والاختيار المتعدد) وإنما وفق ضخ ما في العقل من فكر في ورقة الإجابة، ليتسنى معرفة المخرجات من خلال جودة كتابة الطالب وإملائه الصحيح. وكذلك لا تمنح الشهادة في آخر العام إلا بعد أن يتم تخصيص اختبار شامل لكل ما تم دراسته في المرحلة العلمية من خلال لجنة وزارية محكمة تضع الاختبار وفق معايير علمية دقيقة لمن يمنح الشهادة من غيره. بهذه الشروط البسيطة تفتح المؤسسات العلمية الباب من جديد لكل من يسعى لتلقي العلم وتحقيق الطموح، ومن يريد أن يطبق الحديث الذي رواه مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، إن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة). وبهذه الشروط تتسم الرؤية جلياً أمام كل من يريد أن يتعلم للعلم ومن يريد التظاهر بالعلم وقد وقيل: ستعلم إذا انكشف الغبار أفرس تحتك أم حمار أتمنى أن يعاد النظر في برنامج الانتساب، وأن يمنح الطلاب والطالبات فرصة أخرى لطلب العلم والاستزادة منه من خلال الشروط المذكورة آنفاً، لأن من بينهم من يبحث عن المعرفة ولكن الحياة لم تنمحه الفرصة إلا متأخراً، فليس للعلم عمر ولا بقعة جغرافية محددة..