بعد الصراعِ بين جمال عبدالناصر وجماعة الإخوان المسلمين في خمسينيات القرن العشرين وصلت الدفعة "الريادية" الأولى إلى قطر، ثم تلتها الدفعة الثانية من سورية بعد صدام حافظ الأسد معهم في الثمانينات في أحداث حماة، ثم اتجهت الدفعة الإخوانية الثالثة إلى قطر بعد لفظ السعودية لهم في التسعينيات، ثم استمر المد الإخواني بدفعاته وبلغ ذروته بعد الحادي عشر من سبتمبر، ولحقتها الدفعة الخامسة من الجزائر يتقدمهم عباسي مدني رئيس جبهة الإنقاذ الإسلامية. الدفعة السادسة كانت بعد طرد خالد مشعل وجماعته "حماس" من الأردن، والسابعة خرجت بعد اندلاع الثورة السورية واستقبلتها قطر، أما الدفعة الأخيرة فكانت بعد تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو. وبذلك غدا تاريخ "قطر" بأسره ملاذاً آمناً لجميع وبقايا الإخوان المسلمين، يتقدمهم كبيرهم الروحي -آخر دفعة- يوسف القرضاوي، ومرشدهم المؤقت محمود عزت، وأمينهم العام محمود حسين وبقية من رعاعهم حيث ألبستهم "قطر" بعباءات الدين والصحافة والإعلام والسياسة. "قطر" ومن خلال تجربتهم ظنياً، تعتقد مراراً أن حبال الإخوان هي الأمان الحركي الوحيد الذي لا يمكن أن يشكّل خطراً عليهم، فعندما لم ينتقد "الإخوان" النظام القطري وساروا على أهوائه واتجاهاته واستعداداته، أصبح هذا العامل السياسي هو الأبرز وراء التقارب القطري الإخواني، حتى تمكنوا تغلغلاً في شريان وتفاصيل الحياة القطرية دينياً وتعليمياً واجتماعياً، تلا وصولهم إلى النفوذ السياسي الكامل والمؤثر، فكان من أهم ملفات "الإخوان" والتي تدندن عليه وتتراقص به -كما حصل في جميع الدول التي "لوثتها"- هو مفاصل وزارة التربية والتعليم القطرية وصياغة مناهجها التربوية، واختيار عدد كبير من نفس الدم والاتجاه كأعضاء هيئات التدريس في كل مراحل التعليم القطري. "قطر" دولة صغيرة ضمن أدبيات السياسة الدولية، وتبحث عن تعويض ضعف إمكاناتها البشرية والجغرافية باستثمار أموالها وميزانياتها الهائلة لرفع مكانتها، وتمر بمتلازمة عقدة النقص الملتهبة توجساً عبر تاريخها من القوى الإقليمية الرئيسة كالسعودية والإمارات سياسياً وتنموياً، فكانت ردة فعلها وإحدى أوراقها أن تنافس دول الخليج باستقطاب ودعم الإخوان المسلمين -المصنفة إرهابياً- فوفرت لهم بالمقابل إلى جانب الملجأ، دعماً مادياً وسياسياً وغطاءً إعلامياً؛ لتقوية شوكتهم وسلاحاً قوياً في وجه الأنظمة الخليجية والعربية لينطلقون منه لتحقيق مصالح ومشروعات مدمرة أكبر عملوا عليها!. بقي أن دول الخليج لم تتدخل يوماً فيما تقوم به قطر داخلياً وذاك شأنهم، ولكن لم يرتض الخليج فيما يخص "الإخوان" تحديداً بسكوت قطر على ما يقومون به من محاولات لتمزيق التجانس الخليجي وهدمه، ورغمها لم تكتف "قطر" بفزاعة الإخوان بل تمادت بفضائح شتى متفرقة تُكشف كل يوم، وتظل تتعنت ببكائية وبتقية حربائية، أما الإخوان فنعتقد أنهم لن يكونوا "آخر دفعة" تستولي على قطر!.