في كل جلسة مع أصدقاء يسألني أحدهم أو الثاني كيف ترى الرياض بعد غيبة عام. من الصعب أن يلاحظ الإنسان تغير المدن الكبرى التي يعيش فيها. تتغير المدن أمام أهلها كتغير الطفل أمام ذويه. دفعني تكرار هذا السؤال إلى الانتباه. تجولت في سوقين من الأسواق الكبيرة ومكتبة وتناولت وجبات مختلفة في عدة مطاعم. زرت معرض الكتاب أكثر من مرة. ركزت انتباهي في المعرض على سلوك الناس وملابسهم. لم أكتف بالمقارنة بين الناس هذا العام والعام الذي سبقه. حاولت أن أقارن بين معرض الكتاب قبل ست سنوات وبينه الآن. دخلت أجيال جديدة. من كان عمره ست عشرة سنة أصبح اليوم اثنتين وعشرين سنة وقس على ذلك. أحسست أن سلوك الناس اختلف كثيرا. أسباب كثيرة. أهمها اختفاء الضغط الأخلاقي المصطنع في الوقت الذي ألقت فيه منصات التواصل الاجتماعي تأثيرها الحضاري (سلبا وإيجابا) حسب الزاوية التي تنظر منها. خف التوتر بين النساء. أحسست أن النساء يتحدثن مع بعضهن باستقلالية. يتحدثن بصوت خفيض بإملاء من الأنوثة، لا انصياعا للتعليمات وكتلوجات التشغيل. اختفى القلق الذي كان يسم حركة المرأة في الأماكن العامة. إذا أطلت البقاء في السوق فسوف تسمع ضحكات أنثوية أيضاً. بدأ الناس يتجهون لأنفسهم إذا أرادوا القيام بأي تصرف. أحسست أن شيئا من الطقمية زال من سلوكهم. كلمة (الطقمية) نحتها من طقم كطقم الفناجيل. تلك القوالب المتجهمة التي حشرت فيها المرأة. تابعت النساء في عباءتهن، والرجال في ملابسهم المختلفة. ازداد عدد الرجال (وخاصة الشباب) الذين يلبسون ملابس افرنجية. ازداد عدد النساء اللاتي يسرن خارج الفرمانات الصادرة. يكاد يختفي الإعلان الأيدلوجي المتظاهر في القيافات. أصبح التمايز بين الرجال بالسن والذوق الشخصي. تأثير التغير على النساء أظهر. زالت المرأة التي تمشي على الساس. نما الإحساس بالثقة وخاصة عند صغيرات السن. حركة العباءة على أجساد النساء شابها قلق كبير. تساقط جلي لمواصفات العباءة المكرسة. شاهدت أشكالاً من العباءات لا حصر لها. لكن لا يشعر أحد أن أحدا تخلى عن الحشمة. الحشمة جزء من ثقافة البلد الأصيلة وجزء من حياة الناس الأسوياء. ما يمكن أن تراه هو عودة النساء إلى طبيعتهن التي خلقهن الله عليها. أذواق مختلفة، وأناقة متفاوتة، ومستويات اقتصادية، وأعمار مختلفة. خلق الإنسان ليعبر عن نفسه. قيمته في تفرده.