لم يروعني الرجل الذي انقض على أدوات الوفد الماليزي الموسيقية في معرض الكتاب. من الواضح أن ما قام به عمل فردي وممتلئ بالاستعراض. وفي أقصى التوقعات: الرجل قرر أن يشتغل داعية. التطرف في التصرف وفي القول يصعد بأصحابه سلم المجد والشهرة بسرعة. قراءة كثير من تواريخ دعاتنا الأفاضل ستخبرنا أن أهم عامل قادهم إلى المجد الذي يرفلون فيه هو العنف المرشد الذي يقود إلى تداول اسم صاحبه دون أن يؤدي به إلى عقوبة كبيرة. العمل الاستعراضي جدير بأن يأخذ صاحبه إلى هدفه بأسرع وقت وأقل التكاليف، وخصوصا إذا سارع وألحقه بشتم الطوائف الأخرى والليبراليين. احتج بعض الإخوة في وسائل التواصل على هذا التصرف. تعاملت بعض الاحتجاجات مع الحدث وفقا لأحداث الماضي عندما كان الدعاة الحركيون يجوبون معرض الكتاب ومهرجان الجنادرية. ينشرون الفوضى. يزعجون الآمنين والنساء على وجه الخصوص. هذه الصيغة من الاحتساب انتهت. كان المحتسب يقوم بفوضاه بصحبته عدد من المراهقين الأتباع. عمل تنظيمي معد. شعر هذا النوع من المحتسبين بعدم الجدوى، أو بعد أن عرفوا أن السلطات لن تتسامح، أو نتيجة شح في الفئة المتأرجحة (صغار السن والبسطاء) التي كانت تقاد بسذاجة. هذا الرجل جاء متأخرا. لم يكن بصحبته جماعة ينقادون خلفه ولا يتحرك تحت قيادة محتسب بارز. لا يرقى إنجازه هذا إلى مستوى الاحتساب الفوضوي السائد في السابق من حيث الإدارة والترتيب المسبق. تكسير ممتلكات الماليزيين يقود إلى إحداث ضجة (سيصل صداها مملكة ماليزيا). لعله يطمع في اكتساب شهرة خاطفة في وسائل التواصل الاجتماعي وحصل عليها. يسره أن يسمع الشتائم والنقد وأن يرى نفسه حديث الجرائد كما أفعل الآن. يذكرني عمل هذا الرجل ببعض الشباب والشابات في الملاعب الأوروبية الذين يقفزون داخل الملعب عرايا أمام آلاف الجماهير لكسب الشهرة والاستمتاع بمطاردة رجال الشرطة. جريمة محتسبنا هذا لا يمكن أن تصيبه بضرر كبير. يمكن أن يعاقب بتوقيف يوم وتعهد ويعود في مناسبة أخرى لترسيخ اسمه وشكله وخصوصا أنه مودرن يضع العقال على رأسه. لو كان في الثمانينيات من القرن الماضي لسميناه محتسبا حداثيا. إيجابيات هذا التصرف كبيرة وواعدة. قفزة أساسية قد تسهل له طريق العمل كداعية أو راق بل ومفسر أحلام. يعتمد ذلك على نوع موهبته وحسن إدارته لها والمثابرة أيضا. من درس تاريخ بعض مشاهير الدعاة سيرى أن إحداث الفوضى في المناسبات مكنته من شراء ما شاء له من البشوت الثمينة والعطورات الشرقية المصنعة في باريس والزواج المتكرر، ومن سار على الدرب وصل.