هناك خلل يجب الوقوف عليه في الحال لتفادي وقوع المزيد من الأخطاء في نوعية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين من قبل الحكومة، ويتمثل هذا الخطأ في تفسير نوع العلاقة التي تربط المواطن بالمسؤول. ما زال الكثير من الأشخاص الذين كلفتهم القيادة بتوفير كل ما يلزم من إمكانات وجهد لترجمة توجيهاتها في سبيل ضمان راحة المواطن وتوفير كل ما يحتاجه في إطار ما تكفله له الدولة من حقوق في مختلف القطاعات، ما زال يجهل الأسس والأهداف التي تنظم هذه العلاقة. البعض يرى بأن المنصب يجعله في مرتبة أعلى من بقية الشعب فانشغل بما تمنحه الوظيفة من مميزات وسلطة فيتناسى الجانب الآخر المتعلق بالواجبات والمسؤوليات التي تبقى الركيزة الأهم في هذه المعادلة. كم من مسؤول وقع في هذا الفخ فتعالى على المواطن وصور له بأن كل ما يناله من خدمات يقدم له ب (بلاش) فليس له أن يطالب أو ينتقد.. الذاكرة مليئة بالكثير من هذه العينات التي سرعان ما تتم إقالتها دون تأخير. على الجانب الآخر.. هناك من يجهل حقوقه فيقبل بكل ما يحصل عليه مهما انخفضت جودته، أو قد يتنازل فينحني عندما يطالب به، بينما تسعى الدولة إلى تسخير جميع قطاعاتها وموظفيها في سبيل تعزيز حقه في العيش الكريم دون مِنيّة من أحد أياً كان. هذا النوع من تضخيم المسؤول هو أحد الأسباب الرئيسية في التجاوزات التي ترتكب في المال العام، وفي الإهمال الذي يطال تنفيذ المشروعات والخدمات العامة، ومهما كانت الأجهزة الرقابية جادة في المتابعة والمحاسبة إلا أنها لن تكون بفعالية ملايين المواطنين المخلصين. إذا كان الملك سلمان يقول لمواطنيه: "رحم الله من أهدى إلي عيوبي" وهو من عرف عنه -يحفظه الله- حرصه على مصالح شعبه باختلاف فئاتهم ومناطقهم، فمن هو ذا المسؤول الذي يظن نفسه محصناً من النقد والمساءلة؟
