لا يجب أن ننسى الأسباب الحقيقية التي دفعتنا في البداية للاستجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي والتدخل لدعم الشرعية.. حماية حدودنا، وإنقاذ اليمن بأرضه وشعبه من الوقوع في يد عصابة من العملاء والخونة المأجورين الذين امتصوا لسنوات خيرات البلاد ومقدراتها لملء جيوبهم وتعزيز سلطاتهم القبلية والدينية. أتذكر ذلك وأنا أتابع الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيشها المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح خاصة الحديدة التي أعلنت مؤخراً محافظة منكوبة. شيء مؤلم أن ترى أطفال اليمن السعيد بهذه الصورة المأساوية، في الوقت الذي يسرق فيه الانقلابيون المساعدات الإغاثية من أفواههم لتمويل معاركهم ببيعها لمن يستطيع دفع ثمنها فيما يواجه معظم الشعب خطر الموت جوعاً. صعب أن تتخيل بأن صندوق تبرعات بما يحتويه من طحين وحليب وأدوية قد يتحول إلى ذخيرة وقنابل لإطالة أمد الحرب وسفك المزيد من الدماء، ومع ذلك تفرض علينا إنسانيتنا مواصلة دعم اليمنيين حتى النهاية من خلال مسارين متوازيين يجمعان الحزم بالأمل. المسار الأول.. عسكري بحت يتطلب سرعة الحسم، وتنويع الضربات العسكرية البرية والجوية، مع تشجيع المقاومة الشعبية في المناطق غير الخاضعة للشرعية على تنفيذ عمليات خاصة لتدمير مراكز ومواقع الحوثي وصالح. ومع أن التركيز على صنعاء وصعدة إلا أن مفاتيح الحسم في الحديدة تلك المدينة الاستراتيجية التي تمثل خط إمداد لطالما حرصت الميليشيات على السيطرة عليه، فعلى الرغم من خطوط التهريب البرية إلا أن ميناء المدينة هو ما يضمن لهم استلام الكمية الأكبر من الأسلحة خصوصا الصواريخ الباليستية التي يجري تخزينها وإطلاقها من الأحياء السكنية ما يجعل الخيار صعباً على قوات التحالف فإما تدميرها في مواقعها مع ما قد ينتج عن ذلك من ضحايا في صفوف المدنيين، وإما السماح لها بتهديد مقدساتنا وإيقاع عدد أكبر من مواطنينا وهذه معادلة بالغة الأهمية وتشكل معضلة حقيقية لقوات دعم الشرعية. وعلى مسار الأمل.. تدعو الحاجة إلى إيجاد مراكز إيواء إنسانية آمنة داخل الأراضي اليمنية لمساعدة المناطق الأكثر تضرراً، يجري تمويلها بشكل مباشر من دول التحالف كما هو الحال مع مركز الملك سلمان للإغاثة، فلا بد من ضمان وصول المساعدات إليهم حتى لو كان ذلك من خلال إسقاطها جواً، فلسنا من يحاصر اليمنيين ويسعى لتجويعهم والمساومة بهم. في الأخير.. لا بد من حافز يتجاوز مسألة تحقيق السلام، فاليمنيون مازالوا يأملون في استيعابهم في مجلس التعاون، وتعزيز الاستثمارات الخليجية في بلادهم.. ماذا سيحدث لو مُنحت الحكومة الشرعية عضوية المجلس الآن حتى قبل انتهاء الحرب، وأعلنت المؤسسات الحكومية والشركات الخليجية عن مشروعات مليارية تساهم في إعادة بناء اليمن واستيعاب جميع أبنائه؟ حينها لن يبقى أي أحد مع الانقلابيين في صنعاء، وسيسارع كل من يحمل السلاح إلى توجيهه إلى العدو الحقيقي الذي حرمهم الحاضر والمستقبل.. فلماذا نتركهم أيضاً دون أمل؟