يمكن اختصار معنى وصول المنتخب السعودي للشباب للمباراة النهائية لكأس آسيا ومواجهة نظيره الياباني بأنه بوابة واسعة للعودة لمحطة الانجازات الكبرى، التي غادرتها الكرة السعودية منذ زمن بعيد على مستوى المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها، وهو ما يجعل قيمة الفوز باللقب تتجاوز مجرد الحصول على بطولة وإن كانت قارية. الراصد لمسيرة الكرة السعودية التي ظلت تتسيد القارة الصفراء طوال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي يدرك أن آخر بطولاته القارية مضى عليها نحو 20 عاماً، فالمنتخب الأول كان آخر عهده بمثل هذه البطولات في العام 1996، أما منتخب الشباب فكان آخر مرة ارتقى فيها منصة التتويج بالذهب الآسيوي في العام 1992، بينما لم تلامس أيدي الناشئين السعوديين كأساً قارية منذ العام 1988، وهي أعوام طوال لا تليق بقيمة منتخبات كانت تجلس على العرش الآسيوي وتحكم سيادتها عليه. هذا الواقع المرير الذي عاشته الكرة السعودية هو الذي جعل عاصفة الفرح تهب منذ لحظة إعلان تأهل "الأخضر الشاب" إلى كأس العالم بعد الفوز على العراق لتجتاح كل الوطن، وهو الذي حول تلك العاصفة إلى إعصار أمل اقتلع كل اليأس من نفوس السعوديين بعد الفوز على إيران، إذ حرك هذا الوصول الحنين لأعوام الأمجاد التي كانت فيها الكرة الخضراء تراتيل اعتزاز تنشد على كل شفاه. حتى الآن يمكن القول ان الكرة السعودية عبر منتخبها الشاب اصطادت أكثر من عصفور بحجر واحد، فإلى جانب اكتشافها لهذا المنتخب الرائع، بعناصره الفذة، وطاقمه الفني الناجح بقيادة المدرب الوطني سعد الشهري الذي ينبغي أن يُنظر له على أنه بطولة بحد ذاته، فقد سجلت نفسها في مونديال الشباب من خلاله ليتجدد الحضور العالمي بعد آخر مشاركة كانت في مونديال كولمبيا 2011، وها هي تلعب في النهائي بحلم تحقيق اللقب الذي إن حصل فسيكون بمثابة المصل الذي سيحرك الدماء التي تجلطت في شرايينها بعد أعوام من الخيبات والإحباطات. الآمال تتسع مع هذا المنتخب من كل النواحي؛ خصوصاً مع ترقب المرحلة الانتقالية المقبلة للكرة السعودية برحيل اتحاد الكرة الحالي ومجيء اتحاد منتخب جديد مطلع العام المقبل، وهي فرصة سانحة لمن سيقود الكرة السعودية ليؤسس لعمل استراتيجي مع المنتخبات السعودية، ومع هذا المنتخب تحديداً، الذي ينتظر أن يكون نواة للمنتخب الذي نأمل أن يكون أول المتأهلين لمونديال قطر 2022، إذ سيكون هؤلاء اللاعبون يومها في سن ال 25 عاماً ما يعني أن عدداً كبيراً منهم سيكون في ذلك المونديال. أحلامنا مع "أخضرنا الشاب" هي اليوم تعانق السحاب، خصوصاً بعدما جعلنا الجنرال سعد موقنين أننا نملك كتيبة قادرة على سحق أي فريق مهما كانت قوته، كما فعلت مع منتخبات كوريا الجنوبية، والعراق، وإيران في المباريات الثلاث الماضية، وجميعها منتخبات كانت مرشحة للقب، ما يعني أنها قادرة على إلحاق "محاربي الساموراي" بسابقيهم، وهو ما جعلنا نطمع في اللقب بعدما كان العبور للمونديال هو أقصى الطموح، لاسيما وأننا ندرك أن احتضان الكأس بالنسبة لنا أكبر من مجرد بطولة، وأكثر من كونه إنجازا.