من الصعب تلخيص رؤية المملكة 2030 في سطور معدودة وذلك لما تحتويه تلك الرؤية من أفكار ومشاريع ومبادرات ونظرة استشرافية عميقة للمستقبل، وطموح كبير نحو تنمية شاملة ومستدامة، كما خطط لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وحكومته الرشيدة. ولا شك أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- قد بذل جهوداً جبارة لتحقيق هذه الرؤية من خلال خطة استراتيجية محكمة ترسم خارطة طريق نحو اقتصاد قوي، وطموحاً لتحقيق أهداف المملكة في تنمية شاملة ومتوازنة من خلال تحويل أرامكو من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي يعمل في جميع أنحاء العالم بقيمة تقدر بسبعة تريليونات ريال. لقد سعدت جداً كما سعد غيري من المواطنين باللقاء التلفزيوني في قناة العربية مع سمو الأمير محمد بن سلمان الذي كان حديثاً إعلامياً جريئاً وصريحاً للتعبير عن أفكاره وتصوراته وطموحاته لإبراز صورة المملكة خلال الخمسة عشر عاماً القادمة. وكان حديثاً ولقاءً لا تنقصه الصراحة وحس المسؤولية إزاء المواطن والوطن الغالي. إن رؤية المملكة 2030 تعبر عن خطة استراتيجية طموحة لأكبر حدث اقتصادي واجتماعي في تاريخ المملكة العربية السعودية، وإن انشاء صندوق سيادي عملاق تتعدى قيمته اكثر من 2 تريليون دولار قادر على شراء اكبر اربع شركات عالمية مثل (ابل) و(مايكروسوفت) و(جوجل) و(بيركاشير هاثاواي) يدل على قدرة المملكة الاستثمارية وتوجهها بقوة نحو تنويع اقتصادها، وخاصة ما يتعلق بالتعدين والمعادن والاستثمارات المتنوعة، وإطلاق صناعة عسكرية كبيرة. وجاء في تقرير اصدره معهد (ماكنزي) العالمي بان المملكة قادرة على مضاعفة ناتجها المحلي، وإضافة عدد كبير من الوظائف للسعوديين في عام 2030. وحدد التقرير ثمانية قطاعات ذات أولوية هي.. التعدين والمعادن - البتروكيماويات- الصناعات التحويلية - تجارة التجزئة والجملة - السياحة - الرعاية الصحية - التمويل - والبناء. وأشار التقرير الى ان تلك القطاعات يمكن ان تسهم بحوالي 60٪ من اجمالي النمو المطلوب بحلول عام 2030. إن ما قدمه الأمير محمد بن سلمان يوم الاثنين الماضي هو اكبر حدث تاريخي تشهده المملكة منذ اكتشاف النفط في عام 1938م وهو إشارة من الامير الى وقف إدمان النفط الذي ساد لفترة طويلة في الاقتصاد السعودي. رؤية المملكة 2030 في حديث الامير محمد بن سلمان شملت أدق التفاصيل التي يفكر فيها المواطن والمقيم - خاصة ان 70٪ من المواطنين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما - ويحتاجون الى السكن والتعليم والترفيه والرعاية الصحية والوظيفة المناسبة - وكذلك الى خفض معدل البطالة ليصل الى 7٪ فقط. وتطرق الحديث أيضاً الى الدعم الحكومي للكهرباء والماء وخاصة لذوي الدخل المتوسط وما دون ذلك. إن رؤية المملكة 2030 رؤية شاملة لكل مناحي الحياة، وتدخل في تفاصيل دقيقة جداً حول مستقبل الوطن من النواحي الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والثقافية والحضارية.. كما ان الرؤية ترسم بذكاء وحكمة ضرورة إسهام المواطنين وتفاعلهم مع هذه الرؤية لهذا الوطن المعطاء بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد حفظهم الله .