من الحوادث الطريفة المبكية في الوقت نفسه ان من قتل واحرق الجندي ماجد الغامدي"رحمة الله عليه", اختلفوا حول من يقوم بتصوير الاغتيال الإرهابي، لان ذلك حرام شرعاً، تخطيط ومؤامرة وقتل وحرق إنسان أمر حلال والتصوير حرام، أي فكر يمكن ان يصنف له التفكير.! لنكن واقعيين، حرمة التصوير عشنا ألمها منذ صغرنا، في الابتدائية ونحن صغار كنا نجبر بوضع خط على الرقبة، لتكون الصورة حلال، تخيلوا، أنا حتى الآن لا اعرف تفسيرا علميا شرعيا لهذا الخط، كانوا يقولون لنا انه يعني ان الرسمة بدون روح وبذلك لا نغضب الخالق عز وجل. ولدت وعشت العشر سنوات الاولى بمدينة الطائف، كنت محظوظا ان المجتمع كان منفتحاً هناك، لم تكن الصورة والتصوير غريبا علينا، كان جزءا أساسيا من فرحة المصطافين وهم يرصدون لحظات الأجواء الباردة بالصيف والفعاليات الخاصة به، لذلك احتفظت بصور عديدة لي من الصغر، لان صوت تحريم الصور كان ضعيفاً نوعاً ما. كنت اذكر وانا طفل ان التلفزيون السعودي كان يعرض أغاني ام كلثوم وصباح وعبدالحليم حافظ، وكانت الحياة بسيطة، كانت من فخامة بعض الزواجات بالطائف عرض فيلم سينمائي، وفي معسكر للتدريب في الطائف كان يعرض للطلاب المجندين فيلم سينمائي كل أربعاء، وبطبيعة الحال تغيرت امورنا بعد حادثة الحرم 1400م وأصبح مجرد الحديث عن هذا الامر فسقا وفجورا ومحرما..!! ابناؤنا وبناتنا وبكل صراحة حاليا يعيشون تجربة من التناقضات كبيرة وهامة، في الصف الثالث والرابع ابتدائي يلقن الصغار تحريم الأغاني والمسلسلات بصورة فجة جداً، تجعل فكر هذا الصغير او الصغيرة يبدأ بالبرمجة على مفهوم العيش بالمتناقضات، اكثر من الفترة التي عشنا بها، ولا يستوعب للأسف القائمون على التعليم لدينا ان هذا الامر هو اللي يولد الأفكار التي جعلت الإرهابيين يحللون قتل وحرق إنسان مسالم ويحرمون تصويره.! هل تذكرون مع بداية الثورة بسوريا وعندما كان أغلبية مشايخنا متعاطفين بقوة مع الثوار، هل تذكرون كلمات المشاهير منهم بطلبهم من الثوار ان لا يصوروا قتل الجنود او المخالفين لهم، ليس من باب التحريم والتنكيل وإنما لكي لا يكون سبباً لبعض الدول الغربية لوقف دعمهم او الوقوف ضدهم، وسبق ان تناولت هذا الامر المحزن بمقال لي بعنوان اذبح وانحر ولكن لا تصور.! الآن لاحظوا وبصراحة حملة التناقض من البعض مما يجري حولنا، كيف نثق بأنفسنا قبل ان نثق بهم، ما هو مستقبل تفكير اجيالنا، هل يصبح مثل التافه الذي كان يمتدح رجال الهيئة ويذم المواطنين لفسقهم وفجورهم، ويكشف ستره الكريم عندما صور نفسه وهو بحالة من الهياج يهجم على سيدة ويقبلها ويهرب..!! اكثر من كان يحرم الصور والفضائيات هم اكثر ناس حرصا على تصويرهم بكاميرات أمهر المصورين وبالمكياج أحياناً وتجدهم لا يمانعون بالظهور بقنوات الفجر والفسوق على حد زعمهم، لذلك لا غرابة ان يختلف الدواعش الإرهابيون باستحلال التفجير والقتل غيلة والحرق بوحشية ولكن التصوير حرام، ومن الممكن مستقبلا الاستعانة بمصور كافر ليقوم بهذا الدور المحرم..!!