أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة سموه للتفوق العلمي الرس    بالتعاون مع مجمع الملك سلمان للغة العربية..وزارة الطاقة تُطلق معجمًا لمصطلحات الطاقة بمختلف مجالاتها    "طريب للتفوق العلمي" تستقبل شهادات الجامعيين والدراسات العليا (بنين وبنات) بدورتها (13)    بدء عملية فصل التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» بمستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بالرياض    إطلاق النسخة المطوَّرة من تطبيق ديوان المظالم    وزير الدفاع يبحث مع العليمي مساعي إنهاء الأزمة اليمنية    مانشيني: مباراة باكستان مهمة لتعزيز الصدارة    رونالدو أفضل لاعب في "روشن" لشهر مايو    تفوق كاسح للأخضر.. تاريخ مواجهات السعودية وباكستان    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    "الخريف" نتجه لتوطين صناعة السيارات    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    "ساما" ينضم ل"mBridge" للعملات الرقمية    الأرصاد: استمرار ارتفاع درجات الحرارة العظمى في 5 مناطق    الثقفي ل«عكاظ»: «ناظر» الرئيس المناسب للاتحاد    رقابة مشددة.. أغلى بقرة سعرها 4.1 مليون دولار    «خارطة بايدن» تخنق نتنياهو    «الراجحي» في الأمم المتحدة يستعرض منجزات السلامة والصحة المهنية    إنشاء صندوق للاستثمار في شركات أشباه الموصلات بأكثر من مليار ريال    20 عاماً على موقع «فيسبوك».. ماذا تغير ؟    وكيل «الأوقاف» اليمني ل«عكاظ»: لمسنا خدمات متطورة في المشاعر المقدسة    يا اتحاد افرح بأبطالك.. دامت لك الفرحة    5 أطعمة تزيد التعرّق في الصيف    بتوصية من مانشيني.. الأخضر الأولمبي يقترب من مدرب إيطالي    السعودية تستضيف بطولة غرب آسيا الثالثة للشباب    تقنية لتصنيع الماس في 15 دقيقة    حرارة الأرض ترتفع بشكل غير مسبوق    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    الضليمي والمطيري يزفون محمد لعش الزوجية    القصبي أجاب على استفسارات الأعضاء.. "الشورى" يطلع على إنجازات ومبادرات" التجارة"    مبادرة السعودية الخضراء تُطلق شخصية «نمّور» بهدف إلهام الشباب والأطفال    مراكز معالجة وتدوير نفايات السفن    الحجيلي يحصد جائزة "المعلم المتميز"    سروري مقدما ل " ثلوثية بامحسون "    إعادة كتاب بعد 84 عاماً على استعارته    الرئيس جيله استقبل وفد اتحاد الغرف.. المملكة وجيبوتي تعززان العلاقات الاقتصادية والاستثمار    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    استعرضتها ديوانية الراجحي الثقافية.. المملكة ..خدمات متميزة لضيوف الرحمن    ماء زمزم المبارك يطفئ عطش زوار المسجد النبوي    المملكة تدين اقتحام عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء الكنيست ومستوطنين متطرفين للمسجد الأقصى    وزير الدفاع يجري اتصالًا هاتفيًا بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    حذّروا من إضاعتها خلف الأجهزة الإلكترونية.. مختصون ينصحون الطلاب باستثمار الإجازة    أدوية الأمراض المزمنة ضرورية في حقيبة الحاج    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    إيجارات خارجة عن السيطرة !    اختبارات أيام زمان !    الفصول الدراسية: فصلان أم ثلاثة.. أيهما الأفضل؟    «موارد مكة» ينفذ مبادرة «نسك» لاستقبال ضيوف الرحمن بمطار جدة    جمجوم وشعبان يحتفلان بعقد قران عبدالرحمن وليان    هند بنت خثيلة والتاريخ!    «ليلةٌ في جاردن سيتي»    المصريون ينثرون إبداعهم في «ليالٍ عربية» ب «أدبي الطائف»    الوزير الجلاجل وقفزات التحول الصحي !    حماية حقوق المؤلف    المملكة ترحب باعتراف سلوفينيا بدولة فلسطين    السديري يدفع ب93 خريجة من «تقنية بنات المجمعة» لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الصحراء في الجزيرة العربية
أحاديث في الأدب الشعبي
نشر في الرياض يوم 14 - 05 - 2015

يشهد الواقع العربي اليوم أخطر حالات الانهزام والانقسام الذي لم تجنبه خبراته ومكتسباته الثقافية ما يواجه من مآسٍ تعصف بوحدته وتطلعاته، ولم يستفد من خيراته، حتى عاد يذكرنا بقصيدة «الدودة الأخيرة» للشاعر حسين سرحان - رحمه الله - في ديوانه أجنحة بلا ريش، وما أسرع تدارك العرب والمسلمين هذا الأمر لو أرادوا وفكروا وقدروا وعادوا إلى سواء السبيل وتجاوز التناحر والأزمة، وعدنا إخوانا نبنى جسد الأمة بقوة أعضائه. وهذا الصراع الذي نشهده اليوم يذكرنا بشيء من ثقافة الصحراء في الجزيرة العربية حينما كانت القبيلة هي الدولة، تذود عن أراضيها وتنظم علاقاتها بالقبائل الأخرى وفق ضوابط يحترمها الجميع، كحقوق الإنسان والجوار ومعقبات تقلب الأيام فترشد مواجهاتها للأزمات، ما أجمل الصلح والتسامح وحقن دماء الأبرياء.
الدبلوماسية الصحراوية قيمة اجتماعية لا تلغي الاعتداد بالنفس والمفاخرة بالأمجاد
بين يدي حوار شعري جرى بين شاعرين لقبيلتين متنافستين، أضعه بين أيديكم، ومن أعمل فكره أحاط بالمعاني التي يطرحها الحوار، يقول الشاعر الأول:
سلام منِّي بامَّهات الحارس
اللي فعايلهن قديم ودارس
يُشْبع عملهن كل ذيب وفارس
نهار في المرقاب شِبَّتْ نيرة
وكان رد الآخر ما يلي:
يا مرحبا لو اللِّحِي تضارس
يا غليِّماً على الشَّرَك وتشارس
ياكم صبيٍ من وَلَمْنا كارس
نسقيه سم اللمس من تمريرة
ويجيبه الأول:
حنَّا - لك الله - في القَرَى منزلنا
زَبْن الدخيل وزَبْن من يَزْبِنا
عاداتنا الطالات وانشد عنا
مطلوبنا العاني وامان الديرة
ويجيب الثاني:
حِنّا - لك الله - ما نْكُبْ املنا
يَقَع الليال بغُلْبهن يَبْلِنّا
لا ناكل الخاطر ولا ياكلنا
ما عندنا يا غير قَنْ الديرة
نبدأ بشرح المفردات: أمهات الحارس: البنادق. المرقاب: مكان. شِبَّت: أوقدت. نيرة: معركة. والمعنى الإجمالي مفاخرة بالانجاز الحربي. ونوع الشعر حداء حربي معروف فيما بين الحرمين الشريفين والمناطق المجاورة.
وفي الرد تأكيد مبدأ السلام عند المقابلة وترحيب بالخصوم، أدبيات تمليها الدبلوماسية الصحراوية، قيمة اجتماعية لا تلغي الاعتداد بالنفس والمفاخرة بالأمجاد والانتصارات السابقة الحاسمة والمواقف المشرفة كما جاء في الرد. أما المفردات فشرحها: اللحي: الاحناك الضارسة المتلهفة للالتهام. تضارس: تحتك الضروس كناية عن طحن الأعداء. تشارس: من الشراسة والاستفزاز. صبي: فتى. ولمنا: استعدادنا وجاهزيتنا. كارس: محتقن وجاهز للمواجهة. سم اللمس: سم قاتل سريع التأثير للقتل.
وفي الرد الآخر تعبير عن المكانة والكرم بدلالة وضوح المكان، نجير ونحمي من يحتمي بنا، وأيضاً من عاداتنا التفوق والتميز في المواجهات، وليس لنا من الأهداف غير تحقيق أمان الديار والعدالة باستعادة الحقوق المسلوبة وفق القوانين المعتمدة. أما المفردات فإن: لك الله: قسم وعهد. القرى: الأماكن الواضحة للعيان. زبن: ملجأ. الدخيل: المستجير. الطالات: الامتياز والتفوق في المواقف. العاني: أسلوب قبلي لاستعادة الحق وفق خطوات متبعة ومتفق عليها من قبل نظم وضوابط اجتماعية مرعية.
وفي الرد الأخير إشارة إلى التمسك بحسن الظن وإفساح المجال للسلام وحل المشكلات دون إراقة دماء، ويستثني حالات الابتلاء:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
عندها لن نقف مكتوفي الأيدي، فلا نعتدي على زائرنا ولا ندعه يعتدي علينا، محافظة على القوانين والضوابط التي تحفظ حقوق الأطراف، وشرح المفردات: نكب: نترك. أملنا: تطلعنا للرجوع للحق. يقع: إلا استثنائية. غلبهن: أحداثها. يبلنا: يمتحننا. الخاطر: القادم شبهه بالضيف الذي يجب الترحيب به. ناكل: نعتدي. يا غير: غير. قن: قانون. الجيرة: الجوار.
هذا النص من أدبيات الماضي لمواجهة الازمات التي تحل بالمجتمعات، لم أعثر على أكثر من ذلك منه، ولكنه يطرح بين أيدينا نوعاً من الحوارات التي تذكر الأطراف بما ينبغي أن يكون عليه مواجهة الأزمات لئلا تدمر الصراعات الأمن والسلام الذي يقوم عليه الاستقرار. حوار هادئ يستعرض الواجبات ويذكر بها للحيلولة دون الحرب التي تأتي على الأخضر واليابس.
إن الواجب الذي تمليه مسؤولية القيادة على القائد يحتم عليه القيام به للمحافظة على حقوق مواطنيه وأرضهم عندما تواجه الأخطار والعدوان مواطنيه أو جيرانه المستعينين به، ولا يعود الخصم إلى رشده ويخضع للتفاهم والحل السلمي فإنه لا مناص من المواجهة بما أوتي من قوة، وسيكون النصر حليفه طالما كان دفاعه عن الحق.
إن مخططات العدوان لم تعد تخفى، وأن النوايا تكشفها طلائعها، فليس لها بعد الحوار سوى الحزم وتقدير الأمور ومواجهة العدوان بعزيمة القائد الملهم قبل فوات الأمان. حفظ الله بلادنا وجيراننا وأيد قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لما فيه خير البلاد والعباد.
حسين سرحان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.