ينتظر منطقة جازان بسهولها وجبالها مستقبل اقتصادي زاهر حيث بدأت أنظار المستثمرين من داخل المنطقة وخارجها، واهتماماتهم في الآونة الأخيرة تتجه نحو هذه المنطقة المعطاءة بتنوع خيراتها وكنوزها الطبيعية، ومما لا شك فيه أنّ النجاح في أي مهمة يتوقف على تذليل العقبات التي تعترضها، ومن ذلك الاستثمار الناجح المبني على أسس سليمة، أهمها معرفة العوائق التي تعترضه ووضع الخطط للتغلب عليها، وكانت إمارة منطقة جازان قد سعت لتوفير المناخ المناسب لجذب الاستثمار في جميع المجالات، بما في ذلك الاستثمار العقاري، والسياحي، والفندقي، وإنشاء المستشفيات، والمراكز الصحية، والاستثمار التعليمي بإنشاء مدارس دولية، أو مسارات دولية، وسهلت الطرق لكافة السبل التي تجذب المستثمرين، حيث إنّ المنطقة تشهد حالياً نهضة اقتصادية، ونمواً عمرانياً، يأتي على رأسها المدينة الاقتصادية، وما تحويه من مشروعات تنموية، كمصفاة النفط، وهذا يتزامن معه حراك تجاري كبير، وفق خطة إستراتيجية واضحة المعالم، الأمر الذي يجعلها مقبلة على تنمية شاملة خلال سنوات قليلة. البتية التحتية ذكر "محمد علي الفيفي" -رئيس لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية الصناعية بجازان- أنّ المنطقة شهدت في الآونة الأخيرة زيارات ودراسات وندوات جعلتها منطقة استثنائية ومكنتها من تصدر الخريطة الاستثمارية في المملكة، لا سيما وهي تتمتع بمميزات داعمة لها، كالموقع الجغرافي، ووجود الميناء، وتوفر الأيدي العاملة، والإعفاءات التي سعى في إنهائها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر أمير المنطقة، مؤكّداً أنّ من أبرز معوقات الاستثمار في جازان سوء البنية التحتية، بالإضافة إلى رأس المال الضئيل في المنطقة، حيث قدمت شركة "أرامكو" الرائدة الحوافز التي تعين وتدفع رجال الأعمال من خارج المنطقة إلى الاستثمار؛ إيمانا منها بأهمية استغلال الفرص المتاحة، ولعلمها الأكيد بنجاح الاستثمار في منطقة جازان. الميناء والمدينة الاقتصادية والمناطق الجبلية والزراعية مواقع واعدة تنتظر رجال الأعمال وأضاف إنّ جميع المحافظات سواء الساحلية أو الجبلية استفادت من المنتدى الذي عقد مؤخراً، حيث عرضت فيه كثير من الفرص في جميع محافظات المنطقة بدون استثناء، منوهاً بمعوقات الاستثمار في المنطقة، كصعوبة الحصول على التأشيرات اللازمة للمستثمرين، من أجل تنفيذ المشروعات الموكلة إليهم في الوقت المحدد وبالجودة المطلوبة، إلى جانب صعوبة إصدار التراخيص اللازمة، ومن ذلك الفسوحات الجمركية للمواد والبضائع لتحسين جودة العمل، لافتاً إلى أنّ من أبرز المعوقات التي يواجهها المستثمر عدم تفعيل دور الميناء حتى الآن، على الرغم من الإعفاءات المهيأة للمستثمرين، متسائلاً: لماذا لا يتم تشغيل الميناء في الوقت الحالي وهو مصدر جذب قوي للمستثمرين؟ مطالباً بإيجاد نظام لحماية المستثمرين ومنتجاتهم من المنافسة غير الشريفة، وتقليد البضائع، لا سيما وأنّ جازان ستصبح الآن مدينة مُصنعة. مشروعات مترابطة ورأى "محمد طروش" -المشرف الإداري بإدارة المشروعات بجامعة جازان- أننا عندما نتحدث عن الاستثمار فنحن نتحدث عن منظومة شاملة ومتكاملة، وأبرزها الاستثمار في الإنسان، منوهاً بعدم وجود مختصين في دراسة احتياجات المنطقة وبشكل جدّي، مع غياب الرقابة على المقاولين، وتركيز بعض الدوائر الحكومية على جهة بعينها تسلمها المشروعات بصورة شبه دائمة ومستمرة؛ مما يشكل ضغطا كبيرا على تلك الجهة، وبالتالي ينتج لنا بطء في الإنجاز، ورداءة في الإخراج للمشروعات، مؤكّداً ضرورة إيجاد مناخ جيد لاستقطاب المستثمرين للمنطقة، حيث إنّ هناك مشروعات ضخمة مترابطة على الساحل الغربي المطل على البحر الأحمر، ومثله في ضاحية الملك عبدالله البالغ مساحتها حوالي (78.000.000) متر مربع، متمنياً أن تكون التنمية شاملة للسهل والجبل، دون أي تقصير في إحداهما، لافتاً إلى أهمية الإعلام ودوره في التسويق الجيد والهادف للمنطقة، داعياً الشباب للاستفادة من القروض الممنوحة من الدولة واغتنام الفرصة والاستثمار في جازان. موقع إستراتيجي وبيّن "ناصر عبده مريع" -رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجازان- أنّ منطقة جازان تتبوأ موقعاً جغرافياً استراتيجياً، كونها منفذاً بحرياً مهماً للمملكة، وتقع على محور الملاحة البحرية الدولية للتجارة العالمية، وقد حظيت خلال السنوات الماضية بدعمٍ واهتمامٍ كبيرين من الحكومة الرشيدة، خاصة بعد الزيارة الميمونة التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله -، موضحاً أنّه وعلى مدى السنوات العشر المنصرمة تظهر جلياً وتيرة التحسن في مناخ الاستثمار، من خلال المشروعات التنموية العديدة التي نفذت في تلك المرحلة، سواء على مستوى البُنى التحتية، ومشروعات الطرق، التي يجري حالياً تنفيذها في عموم المنطقة، ومشروعات النقل الجوي والبحري، والموارد المائية، وخدمات الصرف الصحي، والكهرباء، والاتصالات. وأضاف: إنّ الاستثمار في القطاع الصناعي في منطقة جازان من أفضل فرص الاستثمار، لاعتبارات عدة، أهمها: وجود المدينة الاقتصادية، وما يمثله من خلق فرص صناعية أولية وتكميلية للمشروعات الصناعية العملاقة، إلى جانب توفر البنية التحتية والخدمات الأساسية اللازمة للمشروعات الصناعية، من خلال وجود مدينة صناعية على مساحة (7.000.000) متر مربع، تم تطوير وتهيئة المليون متر الأولى، وجار استكمال تطوير وتأهيل المساحة المتبقية، بالإضافة إلى القروض التي يقدمها صندوق التنمية الصناعية، خاصة التسهيلات الممنوحة بصفة خاصة للمناطق الواعدة - وعلى رأسها منطقة جازان -، حيث يغطي القرض نسبة (75%) من قيمة المشروع، بدلاً من (50%)، وتمديد فترة السداد إلى (20) عاما، بدلاً من (15) عاما، مع توفر الأسواق الاستهلاكية، سواء المحلية في منطقة جازان والمناطق المجاورة، أو على المستوى الإقليمي والدولي، كالجمهورية اليمنية، ودول القرن الإفريقي. وأشار إلى أنّ عنصر الموارد البشرية بالمنطقة يمثل جانباً مهماً من نجاح الاستثمار بها، وذلك لما تمتاز به المنطقة من توفر للأيدي العاملة المؤهلة للعمل، والراغبة في الانخراط في معظم المهن، حيث يعتبر وجود جامعة جازان عاملاً مهماً في توفر وجاهزية الكوادر المؤهلة للعمل، كما يوجد بالمنطقة عدد من الكليات التقنية، والمعاهد الفنية، والمهنية، والمعاهد الخاصة، في معظم محافظات المنطقة، وجميعها تساهم في تأهيل وتدريب الكوادر الشابة وتهيئتها لسوق العمل. علامة مهمة وأكّد "صالح الديواني" - كاتب - أنّ جازان شهدت قفزات نوعية على مستوى الأرض والإنسان معاً، وظهرت تباشير القوة الاقتصادية والتي ستلعبها على مستوى الاقتصاد السعودي، من خلال متغيرات ملموسة على الأرض، بدأت بشبكة الطرق الهائلة في كل أرجاء المنطقة ومشروعات المياه، وتمديدات الصرف الصحي في كل المحافظات، وانتهاءً بكم ونوع الاستثمارات القادمة من خارجها، لافتاً إلى أنّ كل المؤشرات تؤكّد الأثر الإيجابي للعمل التنموي ب(جازان) خلال العشر سنوات الماضية، وهي مدة تعتبر قصيرة بالنسبة لمقاييس التنمية الاقتصادية، موضحاً أنّ معوقات التنمية ما زالت تظهر بجلاء في محافظات المنطقة الجبلية، مؤكّداً أنّها لم تحظ بما حظيت به السواحل والسهول الداخلية من مشروعات التنمية؛ بسبب سياسة التنمية المتدرجة التي تبدأ عادة بالأقل وعورة، مشدداً على أنّ جازان تتمتع بمواصفات سياحية مذهلة، وستكون بإذن الله خلال السنوات القليلة القادمة علامة مهمة على خارطة السياحة السعودية والخليجية. استثمار زراعي ولفت "عبدالله مفرح الخالدي" - مستثمر - إلى أنّ عدم وجود رقابة على تنفيذ المشروعات ونقلها من شركة إلى أخرى يضعف التنفيذ، ويتحول العمل من إنجاز إلى استغلال وبحث عن الربحية، منوهاً بصعوبة وتعدد الإجراءات الروتينية لاستخراج رخص البناء؛ مما يؤدي إلى تعثر المشروعات وتأخرها، إلى جانب توقف المقاولين وسحب المشروعات منهم؛ مما يسهم بشكل كبير في تأخر التنمية، مؤملاً الاهتمام بالاستثمار الزراعي مستقبلاً، لا سيما وأرض جازان خصبة، والأمطار على مدار العام، بالإضافة لوجود مخزون السدود والمياه الجوفية. دعوة المستثمرين وأبدى "عبدالرحمن الحفاف" - معيد بجامعة جازان - تفاؤله بمستقبل المنطقة، قائلاً: "كلنا توقعات إيجابية مفرحة بأن نرى مدينة جازان باقتصاديتها في المقدمة"، متمنياً حرص الجهات المسؤولة على دعوة رجال الأعمال والمستثمرين، واطلاعهم على طبيعة (جازان)، وتوضيح احتياجات المنطقة، وتذليل الصعاب التي قد تقف أمامهم، مشدداً على ضرورة دعم وتشجيع الشباب لإنشاء الشركات الصغيرة، والتي ستسهم في إنتاج وتصدير الخيرات التي تزخر بها المنطقة. الساحل والجبل وشدد "م. حسن سالم الفيفي" على أنّ المنطقة الجبلية من جازان لم تتحقق فيها التنمية المطلوبة التي يطمح لها ولاة الأمر، مضيفاً: "تكفينا تجارب باءت مخرجاتها بالفشل، دون نمو حقيقي لهذه المناطق، فبطبيعة الحال يتم توجه المسؤول لتنمية المناطق الساحلية وإهمال الجبلية"، مطالباً بالتوازن في إحداث التنمية، ومحاسبة المسؤول في تلاعبه وإهماله. حيازات صغيرة وقال "محمد حسين دراج" -رئيس قسم الإعلام بصحة جازان- إنّ جازان بحاجة إلى التنمية المستدامة في كافة القطاعات، تلبي احتياجات الحاضر، منوهاً بأنّها تحوي (300) موقع طبيعي سياحي، تتنوع بين البحر، والسهل، والجبل، وقد تم تسجيلها وتوثيقها من قبل هيئة السياحة والآثار، كما تحوي (800) موقع أثري، لكنها تفتقد جوانب التنمية المطلوبة، مبيّناً أنّ من معوقات الاستثمار في المنطقة الحيازات الصغيرة، فأراضي جازان الخصبة متقاربة جداً، وهي حيازات مملوكة، الأمر الذي يتطلب عمل وزارة الزراعة على شراكة المزارع أو العمل على مساهمات لشركات كبيرة، مؤكّداً أنّ المستثمرين تأخروا كثيرا في الإفادة من الاستثمار بالمنطقة، مستدركاً: "لا يمكن مقارنة وضع جازان بغيرها من المدن، وعليه لا بد من طرح مزايا استثمارية لجذب المستثمرين للمنطقة". شريان اقتصادي وأشار "عطية الخرمي" إلى أنّ تطوير المنطقة يعني زيادة الفرص الوظيفية، مشدداً على أهمية العناية بإنشاء المدن والمجمعات السياحية، من فنادق، وحدائق، ومدن الألعاب، التي سيجد فيها إنسان جازان متنفساً له، متمنياً أن يتم استثمار المهرجانات العديدة والمتقاربة والتي تقام في المنطقة، بحيث تتحول لشركات إنتاج تصدر للداخل والخارج، وتدر مالاً وفيراً، إلى جانب استغلال المساحات المهملة من الأراضي؛ لتنشيط الحركة الزراعية في المنطقة، مشدداً على أهمية تطوير ميناء المنطقة المهمل حالياً؛ مما سيفتح نافذة ربح كبيرة، فهو الشريان الاقتصادي للمنطقة. يمكن استثمار جبال فيفاء بإنشاء شبكات «تلفريك» الاستثمار الزراعي فرصة واعدة في جازان جبل «عكوة» ينتظر نصيبه من الاستثمار السياحي