تتسلح مدينة جدة بعدة مزايا اقتصادية ومشروعات تنموية نوعية وآلية عمل مُحكمة، تساعد على تعزيز مكانة سوق العقار فيها، وتحافظ على نسبة نموه وحركته النشطة، وتحد في الوقت ذاته من تأثير المتغيرات والأزمات العالمية، التي قد تعطل انطلاقة هذا السوق أو تدفعه للتراجع نوعا ما، وخلال الأيام الأخيرة نجحت تلك المزايا والمشروعات مجتمعة في دعم نشاط سوق العقار، بعد فترة من الركود النسبي، بفعل الظروف السياسية والاقتصادية العالمية التي تشهدها المنطقة العربية والعالم، وكان لها تأثيرها السلبي على القطاعات الاقتصادية، ومنها قطاع العقار. وقال هاني خاشقجي مدير عام شركة شريك -إحدى شركات مجموعة دلة البركة- إن مدينة جدة تحتل المركز الثاني في الانتعاش العقاري بعد الرياض، حيث تزدهر فيها حركتا البيع والشراء، بمعدل شهري يتجاوز 7 مليارات ريال، بحسب إحصاءات وزارة العدل، كما تبلغ قيمة المنشآت العقارية التي تم تشييدها في المحافظة خلال العام الماضي (2014) نحو 200 مليار ريال، ومن المتوقع أن ينمو سوق العقار خلال الأعوام القليلة المقبلة بصورة ملحوظة، وهو يؤكد على حجم سوق العقار المتنامي في المملكة بصفة عامة وفي جدة بصفة خاصة. وتحتل جدة صدارة المدن السعودية في مبيعات الشقق السكنية، حيث كشف المؤشر العقاري لوزارة العدل عن ارتفاع مبيعات الشقق السكنية في مدينة جدة بنسبة 48 في المئة، لترتفع عن كل من الرياضومكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وذلك رغم تسجيل المؤشر تراجعًا بنسبة 28 في المئة خلال النصف الأول من شهر يناير الماضي مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية في المدن الكبرى؛ وبحسب سجلات وزارة العدل، فقد بلغ عدد صفقات الشقق التي بيعت في جدة خلال أسبوعين فقط 232 شقة، مقابل 171 شقة في الرياض، و43 شقة في المدينةالمنورة، و39 في مكةالمكرمة. ويلعب سوق العقار في محافظة جدة، دوراً لا يستهان به في استقرار وانتعاش القطاع العقاري في المملكة، حيث بدت المحافظة من أكبر المناطق في المملكة استحواذاً على الاستثمارات العقارية، تدعمها برامج تمويل عقاري تقدمها شركات القطاع الخاص إلى جانب البنوك المحلية، كما يلاحظ المتابع أن هناك تدفقات استثمارية عقارية على جدة، ما يمهد لمستقبل استثماري عقاري فاعل في المدينة. ويرى خاشقجي أن جدة تشهد نقلة نوعية في مشاريع التنمية والبنية التحتية، التي يتوقع لها أن تغير في ملامح المدينة والطابع العمراني، الذي سيؤثر على القطاعات العقارية خلال السنوات الخمس المقبلة، من خلال ظهور الشبكات الفعالة للنقل العام، والمشاريع الريادية الأخرى؛ ويستطيع المتابع للحراك العمراني في جدة، التأكد من أن المدينة قد تحولت إلى خلية نحل لا تهدأ أبداً، بفعل الحركة الكبيرة في إقامة المنشآت الحيوية، التي يتم الانتهاء منها، بين إقامة جسور وأنفاق، أو تحسين خدمات الشوارع من توسعة وأعمال رصف، أو شق طرق جديدة، وتجديد أعمدة الإنارة، وصيانة الحدائق والمتنزهات وأعمال النظافة وبعض المشاريع الضخمة التي تم تدشينها وأصبحت علامة حضارية وعمرانية مهمة. في المقابل أحدث مشروع "قطار الحرمين" ردة فعل إيجابية في قطاع العقار في جدة، حيث يربط القطار بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، مروراً بمدينة جدة ورابغ، بطول يزيد على 450 كلم، ويمر عبر السكة الحديدية بمحطتين في مدينة جدة، محطة المطار ومحطة السليمانية، ويتوقع افتتاحه في نهاية العام الجاري (2015)، ومن المتوقع أن ينعكس تأثير قطار الحرمين على أسعار العقارات الواقعة بالقرب من المحطات الرئيسة نتيجة كثافة المسافرين المتوقعة بالمناطق التي يمر بها القطار. ولا يقل مشروع "مترو جدة" أهميةً عن سابقيه، ويتكون المشروع من ثلاثة خطوط رئيسية، تربط أجزاء المدينة، ويتوقع الانتهاء من المشروع في نهاية العام 2020، وسيؤثر تشغيل مترو جدة على حركة النقل العام كما يتوقع أن يسهم في التقليل من ازدحام الحركة المرورية في المدينة، وتؤكد المؤشرات ارتفاع أسعار العقارات بالقرب من محطات الركاب التي سيتم تحديدها لاحقاً في المشروع. وكانت الصفقات العقارية في المناطق الأربع الكبرى في المملكة، سجلت خلال الأسبوع الثالث من شهر ربيع الآخر الماضي، تراجعًا طفيفًا مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، وبحسب المؤشر العقاري لوزارة العدل، فإن قيمة الصفقات العقارية لم تتجاوز في كل من منطقة الرياض، ومكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، والمنطقة الشرقية 8 مليارات ريال خلال الأسبوع ذاته، محققة انخفاضًا قدره 100 مليون ريال عن الأسبوع الثاني من الشهر نفسه، والذي سجل 8 مليارات و100 مليون ريال فقط، وسجلت معظم الصفقات العقارية انخفاضًا في الأسبوع الثالث مقارنة بالأسبوع الثاني، فيما عادت منطقة المدينةالمنورة الذي استمر نمو مبيعات العقار فيها بنسبة 22 في المئة، وبزيادة 100 مليون ريال، مقارنة بالأسبوع الثاني من الشهر الحالي، في حين سجلت منطقة الرياض أكبر انخفاض بما يقارب مليارين و900 مليون ريال، ويرجع سبب هذا الانخفاض لتسجيل يومي 14 و15 من ربيع الآخر أكبر صفقات الشهر، وهي مبيعات الأسبوع الثاني، والتي بلغت 4.5 مليارات ريال، عن الأسبوع الأول والثالث في منطقة الرياض.