السعودية: نرحب بمصادقة برلمان سلوفينيا على قرار الحكومة باعترافها بدولة فلسطين    وزير الخارجية يستقبل المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة الهندوراسي ووزير الاستثمار في هندوراس    أمير المدينة يستقبل رئيسي "سكني" والمياه الوطنية    الهلال الأحمر الفلسطيني: نعيش مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة    معرض التطبيقات الإلكترونية 2024 يطرح فرصا استثمارية بقيمة 50 مليون ريال    أمير الحدود الشمالية يؤكد على أهمية تهيئة الأجواء النفسية للطلبة اثناء الاختبارات في مدارس المنطقة    والدة أحمد قِران في ذمة الله    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 37    سفير المملكة لدى كوت ديفوار يتفقّد الصالة المخصصة لمبادرة "طريق مكة"    "مركزي" القطيف ينقذ عين وافد ثلاثيني بعملية جراحة معقدة    فعالية "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    نجاح أول عمليه قلب مفتوح بالروبوت الجراحي    إي اف جي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لمجموعة «فقيه للرعاية الصحية»،    القيادة تهنئ ملك مملكة الدنمارك بمناسبة ذكرى يوم الدستور لبلاده    هجوم إلكتروني يستهدف حسابات بارزة على تيك توك    هجوم مسلح على السفارة الأمريكية في بيروت    الأمن الأردني يحبط تهريب تهريب 9.5 ملايين حبة مخدرة متجهة للمملكة    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر ذي الحجة مساء غدٍ الخميس    5.5 مليار لتطوير مشروع عقاري شمال الرياض    رونالدو بحاجة لتمريرتين حاسمتين ليعادل الرقم القياسي للاعب الأكثر صناعة للأهداف    استمرار توافد ضيوف الرحمن إلى مطار الملك عبدالعزيز بجدة    صندوق الاستثمارات العامة يعلن تسعيراً ناجحاً لأول عرض سندات بالجنيه الإسترليني    النفط يتراجع لليوم السادس والذهب يرتفع    «نمّور» يلهم الشباب والأطفال بأهمية الحفاظ على البيئة    «الأرصاد»: طقس مكة والمشاعر في الحج حار إلى شديد الحرارة    النسخة5 من برنامج "جسور" لتأهيل المبتعثين بالولايات المتحدة    ارتفاع درجات الحرارة العظمى في 3 مناطق    حشد عربي لمواجهة التصحر وتحدياته بالمنطقة    الدوسري يشارك في المران الجماعي ل"الأخضر"    تستمر 3 أيام.. والرزيزاء: احتفالنا ليس للصعود    أمير الباحة ل«التعليم»: هيئوا وسائل الراحة للطلاب والطالبات    نسرين طافش: «النسويات» قاصرات منافقات.. ونوايا خبيثة !    الإسباني "هييرو" يتولى منصب المدير الرياضي في النصر    صدق أرسطو وكذب مسيلمة    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية "2"    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان ( 1 2 )    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بمنفذ الوديعة الحدودي    خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء عبر الاتصال المرئي.. خادم الحرمين: المملكة تعتز قيادةً وشعباً بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما    انطلاقة مشرقة لتعليم عسكري احترافي.. الأمير خالد بن سلمان يدشن جامعة الدفاع الوطني    «أندرويد» يسمح بتعديل الرسائل    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. مؤتمر دولي عن البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة    عالم عطور الشرق !    كيف يمكننا أن نتخذ قراراتنا بموضوعية؟    من أعلام جازان… فضيلة الشيخ الدكتور علي بن محمد الفقيهي    البرازيل تستعرض أغلى بقرة في العالم    قصة «خالد مسعد» لم تنتهِ بعد!    وزير الشؤون الإسلامية يناقش تهيئة المساجد ومتابعة احتياجاتها    تعزيز مبادرة أنسنة الخدمات بتوفير مصاحف «برايل» لذوي الهمم من ضيوف الرحمن    جمعية تعظيم تطلق مبادرة تعطير مساجد المشاعر المقدسة    قمة بمواصفات أوروبية    تخصيص منزل لأبناء متوفية بالسرطان    انتخابات أمريكية غير تقليدية    «لا تضيّقها وهي واسعة» !    بعد انتشار قطع ملوثة دعوة لغسل الملابس قبل الارتداء    أمير تبوك يشيد بجهود المتطوعين لخدمة الحجاج    أمير نجران يُثمِّن جاهزية التعليم للاختبارات    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات لخدمة ضيوف الرحمن    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ضرورات الدولة والمجتمع .. ما السبيل لمواجهة التحديات؟
نشر في الرياض يوم 24 - 02 - 2015

شهد العالم العربي في السنوات الأربع الماضية حراكا فكريا وسياسيا غير مسبوق بدليل ان الاهتمام بتداعيات ما حدث من حراك شعبي شمل اغلب شرائح المجتمع، ولعل المثير فيما جرى في دول الربيع العربي انه ركز على ضرورة التغيير الداخلي وليس مواجهة العدو الخارجي كما جرت عليه العادة في فترة ما بعد الاستقلال وضمن سياقات وشعارات مكررة. وهذا تحول مهم ولافت على صعيد آلية التفكير للعقلية العربية التي أدركت أخيرا بان لب ازماتها ومشاكلها داخلية في المقام الأول ما يجعلها بطبيعة الحال عاجزة عن مواجهة التحديات الخارجية، ولذا فالعالم العربي، كما يقول ماجد كيالي، "يعاني نقص الدولة قبل ان يعاني استعصاء الديمقراطية وان الاستعصاء في الثانية هو نتاج النقص في الأولى"
ولم يعد خافيا ان ما يعيق عملية التحول الديمقراطي في المرحلة الانتقالية للدول العربية هو الانقسام الحاد ما بين القوى الإسلامية والقوى الليبرالية، واتضح ان ما يطرحانه من شعارات كلها هلامية وربما خادعة وهي تعبر عن مصلحة فئوية لهذا الفريق أو ذاك، لا مصلحة كل الفرقاء.
إن السبيل لمواجهة تحديات الدولة الخارجية يبدأ من معالجة ملفاتها الداخلية، وذلك بالشروع في مسيرة الإصلاح، فالتحديات صعبة ما يستوجب التصدي لها ان ارادت هذه الدولة او تلك ان تنتقل الى موقع يتيح لها من خلاله المنافسة والمشاركة
على ان مواجهة التحديات تكون بالبدء في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي في العالم العربي وهي عملية ضرورية جداً وذلك ليس مجرد رغبة بل هي ضرورة لان الانماط السياسية الحالية السائدة في العالم العربي لم تعد تناسب المرحلة المعاصرة. ولذلك فالحل يكمن في الكلمة الأكثر شيوعا والأكثر رواجا: الإصلاح. والذي يعني تحسين وتطوير ومعالجة الخلل في أمر قائم، وليس بالضرورة الإتيان بشيء جديد، بل يهدف هنا الى تعزير المواطنة وترسيخ دولة المؤسسات. وهذا يعني أن العوائق التي كانت تحول بالأمس دون إرساء مشاريع الإصلاح في دولنا العربية لم تعد تجد اليوم ما يبررها، خاصة أن هناك إجماعا برفض التدخل الأجنبي في شؤون المنطقة. ولعل دقة المرحلة وحساسية الظرف وتسارع التحولات تقتضي من الحكومات ان تتعاطى مع تلك التحديات من خلال مسار الاصلاح، وان كانت العجلة الإصلاحية في بعض البلدان العربية تسير ببطء دون مراعاة وتيرة المتغيرات.
كان الإصلاح كفكرة مطروحة منذ عهد فلاسفة اليونان وتحولت عبر التاريخ الى قلب النظريات السياسية للفلاسفة والمفكرين منذ أيام ميكافيلي في العصور الوسطى حتى كارل ماركس في القرن العشرين. اما في العالم العربي فقد كانت إرهاصاته الأولى قد بدأت في الدولة العثمانية وتحديدا في المجال العسكري بعد الهزيمة التي تعرضت لها أمام روسيا القيصرية عام 1774، ثم امتدت لاحقاً إلى المجالات السياسية والإدارية والاجتماعية.
ومع ذلك فالإصلاح لتنطلق مسيرته بحاجة الى آليات وجداول زمنية حتى لا نقع في الفخ، كون الاصلاح السريع مهلكا والإصلاح البطيء قاتلا، وكلاهما يقود إلى الفناء، ما يعني أهمية الاخذ في الاعتبار المدة الزمنية والتمرحلية. وان كان هذا لا يعني أن يتحرك المشروع بخطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء، وإنما يُبدأ به فورا ضمن برنامج عمل محدد يشمل المجال الديني والسياسي والثقافي ضمن بوتقة واحدة كون الإصلاح كعلاج يبدأ بتحرير الإنسان العربي من كل القيود التي تكبله، وعندئذ لا يلبث ان يشعر بالواجب أو الإرادة الصالحة، كما سماها كانط، ولذا متى ما كانت الجبهة الداخلية صلبة، فإنه من الصعوبة بمكان اختراقها.
ولعلنا نذكر هنا ان جان جاك روسو ربط بين السياسة والاخلاق، فما العقد في نهاية المطاف الاّ قانون مرتكز على (العقل) و(الضمير) وبالتالي فالعالم العربي بحاجة ماسة الى اعادة تشكيل نسيجه بما يتواءم ومتطلبات العصر.
وأصبح من الطبيعي أن يتبوأ الإصلاح الديني أعلى الأجندة، فتجديد الخطاب الديني ونقد الطرح التكفيري مهمة شاقة ولكنها ضرورية، وعلى المؤسسات والمنظمات الدينية الاضطلاع بها بأسلوب متجدد ومرن. فالغلو والكراهية والقطيعة مع العالم، مفاهيم ترسخها عقليات متشددة وتتوسع يوماً بعد يوم.
ولم يعد مستغرباً ظهور ايديولوجيات لجماعات متطرفة وعنيفة تمارس وسائل القتل والخطف والتهديد، لكل من هو لا يتفق مع خطها ورؤيتها، سواء أكان مسلماً أم غير مسلم. أما الإصلاح السياسي، فهو الركيزة لنجاح المشروع ذاته، وهو الذي يحرر قيود المجتمع، لان القرار المؤثر في عالمنا العربي عادة لا يصدر إلا من القمة، أياً كانت طبيعته، وهو الضابط لنجاح الإيقاع الإصلاحي إن جاز التعبير، وتعزيز المواطنة لا يأتي الا عن طريق الايمان بالتعددية والمشاركة السياسية وحرية التعبير وحماية حقوق الإنسان.
أما الإصلاح الثقافي والتعليمي، فهو حلقة ضمن سلسلة، وحجر الزاوية في فعالية مشاريع الإصلاح ونجاحها، فإنضاج التجارب في الواقع المجتمعي، والانطلاق منها إلى آفاق أرحب، يتطلب أرضية متنوعة من العلوم والمعارف، مستندة إلى إعمال العقل والنهج المعرفي في التحليل والدراسة، وبالتالي الانعتاق من اساليب التلقين والحفظ والارتجالية التي تقتل روح الابتكار والإبداع.
صفوة القول: إن السبيل لمواجهة تحديات الدولة الخارجية يبدأ من معالجة ملفاتها الداخلية، وذلك بالشروع في مسيرة الإصلاح، فالتحديات صعبة ما يستوجب التصدي لها ان ارادت هذه الدولة او تلك ان تنتقل الى موقع يتيح لها من خلاله المنافسة والمشاركة، او اثبات الوجود على اقل تقدير، وان كان هذا يحتاج بالضرورة الى إرادة سياسية بكل تأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.