من النادر أن يتواجد في كبار ساسة العالم المعاصر صدق المواقف وتعدد المواهب وعمق الوعي بالحراك الاجتماعي والتاريخي كما تتواجد هذه الخصال الفريدة لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فمواقفه في الداخل والخارج تتصف -حفظه الله- بالمصداقية والوضوح والرسوخ والثبات في مناصرة الحق وتوطيد العدل ومؤازرة أعمال الخير في كل مجال، مستنداً -حفظه الله- لمنهج الشرع المطهر، وموقراً للعلم والعلماء، ومعيناً للثقافة والمثقفين، ومستنيراً بآراء المختصين، ومشاركاً المواطنين أفراحهم وأحزانهم، ومتفانياً في العمل يُضرب به المثل في التواجد المبكر المستمر وتفقد كل مايلزم على الطبيعة وفي الميدان، حتى أصبح -حفظه الله- قدوة لكل العاملين في الالتزام بالعمل والدوام والحرص على الإنجاز والاتقان.. كُلُّ هذا يعرفه الجميع عن سلمان بن عبدالعزيز مذ كان أميراً لمنطقة الرياض خمسين عاماً نقل فيها مدينة الرياض من بلدة صغيرة الى مدينة كبرى تزخر بالمشاريع وانتشار التعليم، وتسابق الزمن في التقدم والازدهار ويفخر بها من سكنها أو زارها، ويُبهر بها من عاد إليها ولو بعد شهور قليلة لقوة الإضافة التنموية فيها، مع حرصه - حفظه الله - على تنمية جميع المناطق واهتمامه بكل مايحدث في المملكة التي هي عشقه وهدفه وهمه -حفظه الله ورعاه- مع اعتماده سياسة (الباب المفتوح) فهو يستقبل المراجعين - من مواطنين ووافدين- في مقرِّ عمله مباشرة، ويستقبلهم في قصره كل أسبوع، ويُشجع الشباب ويقف معهم ويفتح لهم أبواب النجاح، ويحل المشكلات العظام بين الناس بِحِكْمَةِ القويّ الأمين وإخلاص المحب الواعي ، وحنكة السياسي الواسع الآفاق، مع وفاء نادر المثيل يجسد شهامة العرب ومروءة الكرام وأخلاق المؤمنين..أما ثقافة سلمان بن عبدالعزيز ومتابعاته لما يجري ويُكتب في الداخل والخارج واهتماماته بالتاريخ عامة وتاريخ المملكة خاصة، فهذا مما يعرفه القاصي والداني، وتشهد به مجالسه ومحاضراته وكلماته التي تعكس عمق ثقافته ووعيه بحركة التاريخ وتطوُّر المجتمعات وأهمية المعرفة في بناء الانسان ونهضة الأوطان. . ومن محاضرات الملك سلمان في مختلف الجامعات أذكر بعض ماأورده (حفظه الله) في محاضرته الشهيرة في الجامعة الإسلامية بالمدينه المنورة: (.. قبل تأسيس الدولة السعودية الأولى كان في كل إقليم دولة، وفي كل قبيلة دولة، وداخل كل دولة من هذه الدول دولٌ متناحرة، قال المؤرخ عثمان ابن بشر يصف الحال في ذلك الوقت في واحدة من البلْدات الصغيرة في نجد: " فقسموا البلد أربعاً كل واحد شاخ في رُبِيْعِها" .. (.. تمت المبايعة التاريخية بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب على أساس المنهج الشرعي ..) (..أصبحت هذه البيعة ركناً أساساً من أركان الدولة السعودية إلى اليوم..) قلت : لقد استبشر الجميع بمبايعة الملك سلمان، والذي كان قبلها ولعدة عقود بمثابة (ملك غير متوج) يعتمد عليه إخوانه الملوك في جلائل الأمور ويستشيرونه في عظائم المهام. وإن ما أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان من قرارات تاريخية حكيمة بتعيين أمراء أكْفاء أقوياء مخلصين في أهم المناصب يعكس بعض دلائل حكمته -حفظه الله- وبُعْد نظره وحرصه العميق على الاستقرار العميم الذي تنعم به المملكة بشكل منقطع النظير.