شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله رحمه الله منذ مبايعته في 26 / 6 / 1426ه حتى رحيله رحمه الله في فجر 3 ربيع الثاني 1436ه العديد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة تشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته مما يضعها في رقم جديد في خارطة دول العالم المتقدمة فقد تجاوزت في مجال التنمية السقف المعتمدة لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها "إعلان الألفية" للأمم المتحدة عام "2000م" كما أنها على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة. وتحقق لشعب المملكة العربية السعودية في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العديد من الانجازات المهمة على كل الأصعدة، ففي مجال الحوار بين اتباع الاديان والثقافات والحضارات ونبذ الصدام بينهما وتقريب وجهات النظر دعا الملك عبدالله في أكثر من مناسبة إلى تعزيز الحوار بين اتباع الاديان والثقافات والحضارات المختلفة وإلى ضرورة تعميق المعرفة بالآخر وبتاريخه وقيمه وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والاعتراف بالتنوع الثقافي والحضاري واستتثمار المشترك الانساني لصالح الشعوب. وللتأصيل الشرعي لمفهوم الحوار الاسلامي مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة في العالم رعى الملك عبدالله رحمه الله في الثلاثين من شهر جمادى الأولى 1429ه حفل افتتاح المؤتمر الاسلامي العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الاسلامي بقصر الصفا في مكةالمكرمة. وأوصى المشاركون في المؤتمر يومها بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبدالعزيز الدولي للتواصل بين الحضارات بهدف إشاعة ثقافة الحوار وتدريب وتنمية مهاراته وفق أسس علمية دقيقة وإنشاء جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للحوار الحضاري ومنحها للشخصيات والهيئات العالمية التي تسهم في تطوير الحوار وتحقيق أهدافه، وامتدادًا للجهود التي بذلها الفقيد الراحل من أجل تعزيز التواصل والحوار بين الحضارات والثقافات والتوافق في المفاهيم تم إطلاق جائزة عالمية للترجمة باسم "جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة"، إيمانا بأن النهضة العلمية والفكرية والحضارية إنما تقوم على حركة الترجمة المتبادلة بين اللغات كونها ناقلاً أميناً لعلوم وخبرات وتجارب الأمم والشعوب والارتقاء بالوعي الثقافي وترسيخ الروابط العلمية بين المجتمعات الإنسانية وقد أنهت هذه الجائزة دورتها السابعة قبل أسبوع بتكريم الفائزين فيها ضمن حدث عالمي واكبه العالم كله من جنيف وتكمن أهمية الأعمال الفائزة بهذه الجائزة في كونها تمنحها مكانة مرموقة في الأوساط العلمية والثقافية على مستوى العالم، وهو ما يجعل الأعمال الفائزة بها موضع تقدير ويجعل منها قيمة مضافة ترفد أهميتها العلمية وتضعها في دائرة الضوء من حيث الجودة والتميز وكل هذا يعد إضافة مهمة ونوعية للمكتبة العربية وسيغطّي جانبا كبيرا وهاما من احتياجاتها في مصادر المعرفة ومجالات العلوم التجريبية والتطبيقية. الحوار بين أتباع الأديان.. جائزة الترجمة.. دعم العلم والعلماء.. أبرز إنجازات الراحل الكبير على المستوى المحلي شهدت المملكة في عهد الراحل الكبير نهضة إبداعية وعلمية، تمثّلت في إثراء مفهوم حرية التعبير ليكون بعداً مهماً على كافة المستويات خصوصاً في مسألة الوحدة الوطنية والإيمان بثقافة التنوع والقدرة على قول الأسئلة والقضايا المؤرقة لأي إنسانٍ مهما كانت الفئة العمرية التي ينتمي لها أو الخطاب الثقافي الصادر منها، ومن هذا المنطلق فلقد حرص الملك الراحل رحمه الله على زرع مفهوم حرية التعبير في كافة الحقول الاجتماعية والإنسانية وتكريس كافة الأدوات لذلك؛ عِلماً منه وإيمانا بالإنسان خصوصاً وأن هذا الجيل يعيش في القرن العشرين، قرن الفضاء الممتد والواسع، الفضاء الذي أصبح الكل يستطيع أن يقول دون أن تصاب كلماته بالموت مبكراً. لقد أسس الملك الراحل -يرحمه الله- الكثير من الجهات المعنية بذلك، والتي تساعد في تنظيم مفهوم "التعبير" وتكريسه اجتماعياً وإعطائه الحرية التي يستحقها سلوكياً وتنظيرياً؛ ليصبح صادراً عن الأفواه بشكل إيجابي له غاياته الواضحة وشروطه البينة وطريقته المحددة، ومحاولةً منه لإلغاء التعصب الفكري والتحيز للآراء الفردية وما ينتج عنها من استشكالات فردية وثقافية فتنامت بشكل ملحوظ حركة النشر والطباعة وحضورالمبدع الحر بالإضافة لحضور الكتاب المختلف والمتنوع من خلال الدورات المتلاحقة لمعرض الرياض الدولي للكتاب الذي ظل يشهد من عام لآخر قفزات نوعية على مستوى الحضور والتسويق فالمعرض مع كل عام يتصدر قائمة المعارض الدولية من حيث المبيعات فضلا عن حضور الكتاب المختلف والمنفتح على الثقافات العالمية جميعها، وللملك الفقيد يرحمه الله جهود ثرية في رعاية الموهوبين.. فآمن بالموهبة كركيزة من ركائز النمو الحضاري وقد قال -رحمه الله- في أول اجتماع ترأسه لمجلس أمناء مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين" بأنه لا يريد أن تكون هذه المؤسسة مجرد فكرة، بل جاءت تلبية لاحتياجات بلادنا من أجل استثمار العقول والمواهب التي هي عطاء الله لنا ولنتذكر دائماً أن الفكرة هي نتاج الحاجة وأن الحاجة هي أم الاختراع ومسؤوليتنا منه تحتم علينا العمل الجاد لتطوير الطرق الكفيلة باكتشاف الموهوبين من خلال الممارسة. وتابع يومها قوله "إن أعضاء مجلسنا هذا محاسبون من الله قبل محاسبة ولي الأمر وأن أي تقصير سيحاسب صاحبه وكل عطاء سيثاب فاعله واعلموا بأن المواطن لا يقبل الأقوال دون الأفعال فلن تكون التجربة ناطقة دون القول فلا موهبة دون اكتشاف ولا اكتشاف دون رعاية ولا رعاية دون إخلاص" رحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد عقد كان فيه الحاكم الأب الذي قاد البلاد لقفزات تنموية على مستوى الإنسان والأرض معا وسيحتفظ التاريخ به كضوءٍ لايأفل..! الراحل الكبير خلال مصافحة عدد من المشاركين بمؤتمر مدريد للحوار بين أتباع الديانات والحضارات حوار أتباع الأديان قفزة إنسانية حضارية