لست مع الإرهاب بجميع أشكاله ومهما كان السبب. فالجرائم التى يقوم بها البعض للأسف تشوه صورة الإسلام وتضعنا فى حرج مع الآخر، وتكرس الصورة النمطية السلبية عن الإسلام. حادثة فرنسا مؤلمة لنا جميعاً، وفرنسا كدولة أنا شخصياً أحترمها وأجد أن سياساتها في العالم العربي وفي قضية الشرق الأوسط معتدلة نوعاً ما مقارنة بغيرها من الدول الغربية. حسناً لعل الأغلب يتفق على أن ما ارتكبه الشابان جريمة ولا تبرر، وأن القتلى من العاملين في الصحيفة هم ضحايا أيًا كان إنكارنا وكراهيتنا لما رسموه واقترفوه في حق النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن ورغم إيماني بحرية التعبير وأن الفكر لا يرد عليه إلا بفكر مثله، إلا أني لا أجد سبباً أو مبرراً لما قامت به الصحيفة من نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم مرة أخرى! لنفكر ملياً في الموضوع فمثل هذه الرسوم لا تمس ولا تؤلم الفئة المتطرفة فقط! بل تؤذي حتى المسلم المعتدل! نعرف أن فرنسا وغيرها من دول الغرب تؤمن بحرية التعبير ولكن إلى أى مدى تصل هذه الحرية يا ترى؟ وهل لها أن تصل لإهانة الإنسان وفي أعز ما عليه دينه؟ ورسوله؟ لو نشرت هذه الصحيفة كاريكاتيراً ساخراً من محرقة اليهود مثلا! ماذا ستكون ردة الفعل! ولماذا لم تسخر الصحيفة من محرقة اليهود. فالحرية لا تتجزأ! إذا آمنت بها كحق للجميع فهي كذلك. ومن الصعب أن تقف وتستثني موضوعاً وتجعله مقدساً لا يُمس! كموضوع إنكار الهولوكست كما هو حاصل الآن!. قبل أيام استقال أو بالأصح ُأقيل المذيع المخضرم جيم كلانسي Jim Clancy من قناة ال CNNبعد 34 عاماً قضاها في القناة، بسبب تغريدات له في تويتر تتعلق بالهجوم على صحيفة شارلي إيبدو، ومن ثم تطور الأمر لأن يرد (جيم)على أحد المغردين وينتقده بأنه عضو في هسبرا Hasbara- وهي تحرك يهدف لدعم إسرائيل وإظهارها بصورة الضحية وتلميع صورتها في الغرب خصوصاً- وكيف أن أفرادها يستغلون الآن مثل هذه الحادثة ضد المسلمين. المهم أن تغريداته اعتبرت معادية لإسرائيل! أين إذن حرية التعبير هنا؟ أمر آخر وهام، إذا كنت تحب وتحترم صديقك وتؤمن أيضاً بحرية الرأي وقيمة الاختلاف فلماذا تسيء له الآن؟ لتغيظ فئة أخرى فقدت نعمة العقل والتفكير وبهذا تسلك سلوكه؟ أقصد هنا أن العالم ليس لديه مشكلة مع المسلمين المعتدلين فلماذا تسيء لهم هذه الصحيفة أو غيرها بإهانة مقدساتهم؟ هذا السلوك ليس له مايبرره بل ويخرج من نطاق الحكمة والمنطق؟ قد يبرر البعض أن الصحيفة تريد أن تبرهن على عدم خوفها وأن حرية التعبير مقدسة!. ولكن هل حرية التعبير مقدمة على الأمن والأرواح التي قد ُتسفك مرة أخرى بعد إعادة النشر لهذه الرسوم؟ مصاب فرنسا وأهالي الضحايا مصاب كبير جداً لابد ألا يقابل بالعنجهية واللامبالاة! نعم الحادثة نوع من الإرهاب والقتل! ولكن لابد أن تُعالج بحكمة وتروٍّ! لا بتصرف هو أقرب لتصرف الطفل الانفعالي المتحدي! إضاءة: يجب علينا ألا نتسامح مع الإساءة والجرائم اليومية التي تحدث باسم حرية التعبير. فهذه الحرية هي حرية للظلم والتهديد. (رفائيل كوريا رئيس دولة الإكوادور). لمراسلة الكاتب: [email protected]