ظهور الشيخ (أحمد الغامدي) وزوجته (جواهر) على شاشة التلفزيون إيماناً منه بأن مسألة كشف المرأة لوجهها، مسألة خلافية كشفت كثيراً من المتناقضات لدينا! فنحن نعجب برئيس دولة مسلمة كتركيا لو ظهرت زوجته بجانبه محجبة ونثني على حجابها رغم أن حجابها لا يشمل غطاء الوجه! لماذا؟ لأنه خارج السعودية! فهو مبارك إذن ويستحق الثناء حتى وإن كشفت وجهها، حتى ولو وضعت مكياجاً كاملاً! وهذا حالنا حتى مع نسائنا خارج الوطن فقد تلبس إحداهن البنطال الضيق وتلبس الحذاء ذا الكعب العالي وترمي على شعرها قطعة قماش ونقارنها بغيرها ونقول "متحجبة ما شاء الله". المهم ما أريد الوصول إليه هنا هو خلط الأوراق الذي نمارسه في كل قضايا المرأة. فالحجاب عندنا حسب الأرض فقط التي تقف عليها المرأة! لذلك كان ظهور زوجة الغامدي في التلفاز ولمواطنين سعوديين طامة كبرى وخرقاً للقوانين الشرعية رغم أن زوجة الغامدي كانت أكثر حجاباً من بعض نسائنا فى الخارج. وكأننا بهذا نجعل للحجاب داخل الحدود مواصفات تختلف عن مواصفاته خارج الحدود، وغطاء الوجه غير مفروض فى الخارج ولكنه مفروض في الداخل. ونعود للأسطوانة القديمة رجالنا هنا ذئاب ومرضى قلوب وفي الخارج لا. الذئب أو الشاب السعودي - حيث أكره نعت شبابنا بمثل هذه السمات-عندما يسافر أو يدرس في الخارج، لم يهجم على النساء هناك، بل ولم نسمع عن حادثة اعتداء جنسي واحدة قام بها أحد شبابنا فى الخارج على فتياتنا المحجبات هناك. إذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا التناقض بين الداخل والخارج؟ هنا تبدو قضية خلط الأوراق واضحة. وبما أن غطاء الوجه مازال قضية جدل بين الفقهاء لماذا لا نعتبره قضية شخصية مثله مثل ممارسة أي عبادة أخرى، الأجدى أن تكون بين المرأة وخالقها. لكن لي وجهة نظر خاصة هنا، وهي أن الحجاب ليس فقط كشف الوجه أو تغطيته، الحجاب أعمق ويشمل حتى لغة الجسد. فكم من امرأة تلبس عباءتها وتضع نقابها مثلاً ولكن ما ترسله من رسائل يتناقض تماماً مع مظهرها الخارجي وكم رأيت الكثير منهن في الأسواق. أحيي الشيخ الغامدي فقد تبنى الفكر الذي يعتقد بصحته داخلياً وخارجياً، ورأيه في الحجاب واحد لا تغيره الحدود! زوجة الغامدي لن تضطر للتشكل والتلون والرياء، فهي (جواهر) هنا داخل الحدود كما هي خارجها! ولكم أن تقارنوا هذا المسلك بمن يغني بالحجاب هنا ويشدد عليه، ومحارمه فى الخارج إما بدون حجاب أو بنوعية الحجاب الذي ذكرته في موضوعي. ختاماً: المؤلم أن كل النقد والنقاش طال الشيخ الغامدي مع أنه ليس المسؤول عن حجاب زوجته أياً كان! بل خطاب الحجاب موجه للمرأة وهي التي تقرر فيه وهي المحاسبة عليه من الله عز وجل. وهكذا تغيب المرأة مرة أخرى وليست أخيرة لكي يقرر في شأن عبادتها ولي أمرها وبل المجتمع بأسره! لمراسلة الكاتب: [email protected]