شاهدت على اليوتيوب مقطعا يؤدي فيه ساحر أوروبي عملا غرائبيا. أقول أوروبيا لأستبعد المشعوذين. فالساحر الأوروبي سيجد من يطلبه للتسلية ولكنه لن يجد من يطلبه ليضحك عليهم. قدم هذا الساحر عملا رهيبا. تقطيع أجساد بعض الحضور وتركيبها على أجساد أخرى. يقطع جسد المرأة ويركب الجزء السفلي منه على الجزء العلوي لرجل وهكذا. كانت أصوات الجمهور تتعالى بصيحات الرعب. طبعا لا يمكن أن يكون هذا صحيحا. وإذا أردت تفسيري لما يحدث سأقول لا أعلم. عدم علمي لا يعني أن ما يفعله هذا الساحر له علاقة بالعفاريت أو الجن أو غير ذلك من أمور الغيبيات. قيمة عمل هذا الساحر تكمن في أنه يعرف الحيلة ونحن لا نعرفها. بتأمل قليل سترى أن المشهد يبدو مرتبا. عدد الجمهور قليل وفي مكان عام متوار، والمصور لا يقترب كثيرا من الأجساد. قطعا لا يوجد سر غيبي. كل شيء في الغرب يخضع للبحث العلمي ثم يتحول إلى تجارة وأرباح. لو كان في هذا العمل سر غيبي لتوصل إليه الباحثون والعلماء وأساتذة الجماعات. لن يترك للسيركات والتسالي التلفزيونية ولم يترك أصله بين يدي المشعوذين في البلدان الفقيرة والمتخلفة. إذا تأملت في سحرة الغرب وسحرة الدول المتخلفة ستلاحظ انعكاس التقدم التقني على العمليات السحرية عند الطرفين. مازال مشعوذ البلدان الفقيرة والمتخلفة يعتمد على أدوات بسيطة (أوجار ونار وبخور وظلمة وصرخات تخويفية) بينما تحول السحر في الغرب إلى عروض مبهرة. يعود هذا في ظني إلى فارق التكنولوجيا. حيرتني حادثة فترة طويلة من الزمن. لم أجد لها تفسيرا. في فترة التسعينيات وقليل من بداية الألفية الثانية تكررت زيارتي العائلية للبنان وسورية. كنا نسكن في قرية معينة كل عام. في احدى زياراتي وقف أمامي غجري وطلب أن يقرأ بختي. قررت أن أتسلى فوافقت. بدأ بأشياء عمومية عن حياتي وفجأة أخذ يذكر أشياء خاصة تتعلق ببيتي وعائلتي. أخذ يسرد معلومات لا يعرفها إلا أهل البيت والأقرباء من الدرجة الأولى. صعقت وأعطيته كم قرش ورحل. ليس من طبعي تصديق هؤلاء ولا يمكن أن اقبل أن هناك علاقة بين البشر وبين الجن أو بين أي قوى خفية. كيف عرف هذا الرجل كل هذه المعلومات عن بيتي. مضت الأيام دون إجابة. تركت الموضوع يرسب في لا شعوري. قبل عدة أشهر كنت ابحث في النت عن بعض المعلومات عن الغجر.. وقعت على مقال ادهشني. قدم الجواب على أعجوبة الغجري التي حيرتني سنوات. كيف عرف ذلك الغجري في سورية كل تلك المعلومات الخاصة عني وعن عائلتي. طبيعة حياة الغجر متنقلة. يتحركون كقبائل أو عائلات. يسكنون على أطراف الحواضر ويعملون في كثير من المهن :العلاج وتنظيف المنازل والشحاذة.. الخ. من تكنيك الرحيل: قبل أن تتحرك القبيلة إلى القرية المستهدفة يذهب عدد من رجالها أو نسائها إلى تلك القرية والعمل فيها فترة محددة. هؤلاء يعملون كمستكشفين. يختلطون بالناس ويتعرفون عليهم وعلى أدق ما يمكن الحصول عليه من معلومات ثم يرحلون. فتأتي القبيلة بعد شهر أو شهرين مزودة بكل هذه المعلومات التي جمعها المستكشفون الذين سبقوهم على القرية. عندما يلتقيك واحد من هؤلاء الغجر سيفاجئك بسرد معلومات خاصة بك لا يعرفها إلا القليل ممن يحيطون بك. قد لا يملك معلومات كافية فيخلط ما يعرفه ببعض التهاويل والتراتيل والطقوس وربما تساعده أنت من غير أن تدرك ببعض المعلومات الأخرى. لا تنس أن هذه صنعته ورثها أباً عن جد. يمتلك القدرة على إقناعك. في الأساس هو يضرب على وتر الخرافة المستحكمة في عقول كثير من الناس. إذا اقتنعت أن المعلومات التي سردها عنك جاءت من الجن فما الذي سيمنعك أن تصدق كلامه عن مستقبلك.. ومن له حيلة فليحتلْ. لمراسلة الكاتب: [email protected]