منذ أن انطلق مهرجان دبي السينمائي وهو يأخذ على عاتقه مسؤولية تطوير السينما الخليجية ودعم المخرجين الشباب لإنجاز مشاريعهم الطموحة؛ ولا تكاد تخلو دورة من دوراته اللاحقة من أفلام تلقت الدعم الكامل من المهرجان سواء بتمويل الإنتاج عبر مشروع "إنجاز" وغيره؛ أو بتوفير منصة لعرضها أمام جمهور من مختلف الجنسيات. ولعل الفيلم السعودي "وجدة" أفضل مثال على الدعم اللوجستي الذي يوفره المهرجان للسينمائيين الشباب؛ حيث احتضن الفيلم منذ أن كان فكرة في ذهن مخرجته هيفاء المنصور وتولى رعايته إلى أن تم إنتاجه. المخرج الإماراتي وليد الشحي وجد ذات الرعاية خلال رحلة صناعته لفيلمه الطويل الأول "دلافين" منذ أن كان فكرة إلى أن عرض في الدورة الحالية للمهرجان ضمن مسابقته الرسمية. والشحي هو ابن المهرجان حيث كان حاضراً في الدورة الأولى عام 2004 بفيلمه القصير المميز "طوي عشبة" وبقي تحت كنف المهرجان ورعايته إلى ان أنجز مشروعه الطويل الأول "دلافين". هذا الدعم يعتبر أحد الأدوار المهمة التي يضطلع بها مهرجان دبي السينمائي تجاه صناعة السينما الخليجية؛ ورغم تقديرنا الكامل لما يقوم به المهرجان في هذا الاتجاه؛ إلا أن هذا لا يمنع من القول بأن تجربة فيلم "دلافين" لم تكن موفقة بشكل كامل حيث شابها التشتت والارتباك والهشاشة على مستوى السيناريو وبناء الشخصيات وآداء الممثلين. يحكي الفيلم قصة يوم واحد لأبطاله الثلاثة؛ الفتى سعود ووالده ووالدته المنفصلين؛ ويحاول الغوص في مشاعر هذه الشخصيات التائهة؛ الفتى الذي يشعر بأنه مهمل ويبحث عن عزاء حتى لو عند دلافين في وسط البحر؛ والأم المطلقة التي تستعد لزواج جديد؛ والأب سائق سيارة الإسعاف المُكتئب على الدوام. الفيلم يكتفي بهذه المعطيات ولا يذهب أبعد من ذلك؛ ويستمر في لوك ذات المعنى منذ البداية وإلى النهاية. مشاهد تتوالى وصور تتداعى دون تطور حقيقي على مستوى الحدث؛ بل يمكن القول إنه لا يوجد أي حدث ولا توجد قصة سوى تأملات تائهة لأبطال تائهين في فيلم تائه. العناصر التي امتلكها وليد الشحي في "دلافين" ممتازة وتكفي لصناعة فيلم جيد؛ لكنه لم يحسن ذلك وترك شخصياته تسبح في الفراغ دون صراع درامي ودون أن يربط بينها ويجعلها تؤثر في بعضها تأثيراً تبادلياً واضحاً؛ إلى حد أن حذف أي مسار لأي شخصية من هذه الشخصيات لن يؤثر في مجمل الفيلم وذلك لأن كل شخصية تسبح في فضائها الخاص ولا تتقاطع مع المحيط إلا بخيط واه لا يراه إلا صنّاع الفيلم. وإذا أضفنا لذلك نوع الحوار أو الثرثرة المجانية التي تنطق بها الشخصيات والتي حاول المخرج أن يجعلها شاعرية –حتى لو لم يكن لها معنى أو تأثير- فسنخلص في النهاية إلى أن تجربة "دلافين" كانت مخيبة للآمال أثمرت عن فيلم مسطّح لا يجيب عن أسئلة مهمة تتعلق بماضي شخصياته ولا يفسر كآبة الأب المستمرة ولا اختيار الابن للبحر مهرباً من معاناته ولا فشل الأم في زيجاتها المتكررة.