الجيش الأمريكي: الحوثيون أطلقوا صواريخ وطائرات مسيرة    الأخضر يواصل استعداداته لمواجهتي باكستان والأردن    ولي العهد يتوج فريق الهلال بكأس خادم الحرمين الشريفين للموسم الرياضي 2023 – 2024    الإعلان عن إطلاق معرض جدة للتصميم الداخلي والأثاث    مدينة الحجاج "بحالة عمار" تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    الاتحاد الأوروبي يرحب بمقترح "واقعي" لوقف النار في غزة    الأمم المتحدة تحذر من خطر تعرض ملايين السودانيين للمجاعة    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    أسعار النفط تتراجع قبيل اجتماع "أوبك+"    200 دولة في العالم و66 قناة تلفزيونية نقلت نهائي كأس الملك    جمعية لياقة تستقبل وفد سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بعرعر    سفير المملكة لدى اليابان: العلاقات السعودية اليابانية خلال السبعين السنة القادمة ستكون أكثر أهمية    جامعة الطائف تقفز 300 مرتبة في تصنيف RUR العالمي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطلق خدمة (المرشد التوعوي الرقمي)    استقبال الحجاج عبر منفذ البطحاء بالمنطقة الشرقية    انجاز جديد لميتروفيتش بعد هدفه في كأس الملك    بمتابعة وإشراف أمير تبوك.. مدينة الحجاج ب«حالة عمار» تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ركلات الترجيح تمنح الهلال لقب كأس الملك على حساب النصر    بونو يُبكّي رونالدو بْزَّاف    موعد مباراة ريال مدريد وبورسيا دورتموند اليوم في نهائي دوري أبطال أوروبا    "أرامكو" ضمن أكثر 100 شركة تأثيراً في العالم    رصد 8.9 ألف إعلان عقاري مخالف بمايو    تدريب 45 شاباً وفتاة على الحِرَف التراثية بالقطيف    الإبراهيم يبحث بإيطاليا فرص الاستثمار بالمملكة    "كروم" يتيح التصفح بطريقة صورة داخل صورة    ضبط مقيمين من الجنسية المصرية بمكة لترويجهما حملة حج وهمية بغرض النصب والاحتيال    اختتام ناجح للمعرض السعودي الدولي لمستلزمات الإعاقة والتأهيل 2024    ثانوية «ابن حزم» تحتفل بخريجيها    ترمب: محاكمتي في نيويورك «الأكثر جنوناً»    ضبط مواطنين في حائل لترويجهما مادة الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بزيارة تفقدية    مشرف «سلمان للإغاثة»: 129 مليار دولار حجم المساعدات السعودية ل169 دولة في 28 عاماً    وكيل إمارة حائل يرأس اجتماع متابعة مكافحة سوسة النخيل الحمراء    خلافات أمريكية - صينية حول تايوان    «الجمارك»: إحباط تهريب 6.51 مليون حبة كبتاغون في منفذ البطحاء    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    رياح مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    5 مبتعثات يتميّزن علمياً بجامعات النخبة    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    "سامسونغ" تستعد لطرح أول خاتم ذكي    ترقية 1699 فرداً من منسوبي "الجوازات"    المملكة ضيف شرف معرض بكين للكتاب    توجيه أئمة الحرمين بتقليل التلاوة ب"الحج"    أطعمة تساعدك على تأخير شيخوخة الدماغ    الرياضة المسائية أفضل صحياً لمرضى للسمنة    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    كيف نحقق السعادة ؟    المعنى في «بطن» الكاتب !    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحذر من الخلط والتخوض في دين الله وشريعته والترويج للشاذ من الأقوال


مكة الكرمة ( الاولى ) :
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل حق التقوى وأن يستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى .
وقال في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام "كلنا سائرون إلى الله تعالى مسافرون إلى الدار الآخرة وهناك تنشر الصحف وتوضع الموازين" فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى "ولقد جاءت شريعة الله في هذه الدنيا لإخراج الناس من داعية أهوائهم حتى يكونوا لله عبادا وهذه هي حقيقة العبودية لله أن نستسلم له في شرعه وقدره وأن نتحقق من مراد الله لنأخذ به لا نتحين عليه أو نتهرب منه . إذ مقصد وجودنا هو تحقيق هذه العبودية لله" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وعبادة الله تعالى تتمثل في توحيده وطاعته وامتثال حكمه في أمره ونهيه وهل الطاعة إلا في الحلال والحرام.
وأضاف الحاكم بالحلال والحرام هو الله تعالى ونعرف حكم الله من كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم الصحابة رضي الله عنهم لا بالهوى والتشهي وأن الله تعالى اصطفى من هذه الأمة من حمل الشريعة خالصة نقية كما جاء بها المصطفى المعصوم صلى الله عليه وسلم وجعل إتباعهم سنة وهدى وترسم آثارهم سلامة ورشدا وأول أولئك وأولاهم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا التنزيل وعلموا التأويل وهم أعلم بمراد الله ومراد رسوله يليهم علماء راسخون وأعلام بالسنة قائمون أذابوا عمر الشباب وشطرا من سن الكهولة في حلق العلم والتعلم ثنيا للركب في النهار ومجافة للنوم في الليل يقطعونه بحثا واطلاعا وحفظا وتفقها يصاحب ذلك خشية تجلل الأفئدة وتقوى تعمر القلوب ناهيك عن رحلاتهم لفجاج الأرض تحصيلا للعلم واستقصاء في الطلب ثم بعد ذلك كله لا يتصدى احدهم للفتيا في مسالة من دين الله إلا بعد أن يشهد مائة من أهل العلم انه لذلك أهل . وبهؤلاء حفظت الشريعة واستقامت الملة واجتازوا بها قرون من الكيد والعداء كما يجتاز المركب لجج البحر وعواصفه حتى وصلت إلينا الشريعة بعد خمسة عشر قرنا بيضاء نقية.
وحذر فضيلته من الخلط والتخوض في دين الله وشريعته بلا ورع ولا خوف من الله رادع وبث ذلك عبر وسائل إعلام وشبكات اتصال تروج الشاذ من الأقوال وتفتي بالرخص حتى أحدثت عند الناس الاضطراب وأودت بهم في مسالك الانحراف ومن يفسد على الناس دينهم أولى بالعقوبة والمنع ممن يفسد دنياهم ولو كان كل قول معتبرا ما استقام للناس دين ولا عقيدة فان لإبليس قولا ولفرعون مقالة ولكل إنسان رأي وفهم إذا لم يضبط بالشرع فلا حد لضلاله . فقد قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله "إن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل أو وحي من السماء ولو ردوا لأهوائهم فلكل واحد عقل" وكم من معجب برأيه لا يدري أنه إمام في ضلالة عليه وزره ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وقد قال الله تعالى عن فرعون وملاه "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار".
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام "وفي خضم هذا التخوف وكثرت من يبدي في الشريعة حكما وفي الدين رأيا فإنا نقول كما قال الأولون" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . وإذا وقفت غدا أمام الله فلن تعذر بإتباعك من لا تبرء الذمة بإتباعه ولا يوثق بعلمه ولا دينه ولا فقهه وورعه . لم تأخذ عنه إلا ما وافق هواك واطرحت قول العالم الرباني الذي يخاف الله ويخشاه ويعلم كيف يتقيه ويعبده وكيف يصل إلى مرضاته وجنته ، إن الدين لله منه نزل وإلى جلاله يعرج والله الذي له الخلق والأمر يقضي ما يشاء ويحكم ما يريد والحق في المسائل المختلف فيها واحد والحكم عند الله ثابت مهما اختلفت أقوال المفتين وليس تبرأ الذمة بمجرد أن تجعل بينك وبين النار مفتيا ولكن الواجب على المكلف أن يتحرى وأن يعرف من يسأل ليخرج من التبعة ويصيب حكم الله عز وجل ويحقق مراده سبحانه والبلية كل البلية في القصد إلى الأخذ بأخف الأقوال في مسائل الخلاف وسؤال من ليس أهلا للفتيا والله يقول "فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" فبسؤال غيرهم لا تبرأ الذمة ولا يخرج المكلف من التبعة .
وأضاف "إن حدود الله لا تستباح بزلة عالم ولا فتوى متعالم ومن تتبع الرخص فتق بإجماع العلماء ومن أخذ برخصة كل عالم اجتمع فيه الشر كله والبر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوا".
وقال"إن اللافت للنظر في المشهد العلمي اليوم ورغم وجود بقية من أهل العلم تترسم خطى الأسلاف وتعي ثقل التركة إلا إن حمى علم الشريعة غدا مستباحا في كثير من الأحيان حتى دهمه الدهماء واغتاله الغوغاء وتسارع للخوض فيه أنصاف المتعلمين وأرباعهم واجترأ عليه من لم تمس يده مختصرا فقهيا أو شرحا حديثيا ومن لم يسمع في حياته عن الأحكام التكلفية والوضعية ودلالات الألفاظ على الأحكام ومقاصد الشريعة وموارد الأحكام ومصادرها حتى إنك لترى أحدهم يعتمد على حديث منسوخ ويستدل بأثر ضعيف ويتكئ على شبهة أجاب عنها العلماء وأصبحت المسألة الشرعية التي لو عرضت على أبي بكر لجمع لها أهل بدر ولو سئل عنها أئمة العلم لتدافعوها أصبح كثير من المسائل العلمية فريسة لصحفي أو عنوانا جاذبا لحوار فضائي أو فكرة لرسام هزلي وأصبح عرض كثير من أهل العلم وطلبته كلا مباحا ومرتعا خصبا للهمز واللمز واستمرأت هذا الأمر صحف ووسائل إعلام حتى أصبح لا ينكر وصار يتصدى للعلماء وفتاواهم من لا حظ له في العلم بل ولا حتى في الديانة ومع قناعتنا بأنه لا كهنوتية في الإسلام ولا معصوم إلا سيد الأنام ، فإننا نعتقد في الوقت نفسه أن هذه سابقة خطيرة لا نعلم أن لها مثيلا في عصور الإسلام السالفات . إن مسائل العلوم الشرعية يجب أن تبحث حسب أصولها وبين أهلها الفقهين بها ، وإن المتطفل على مسألة شرعية ليس لها أهل كالمقحم نفسه في مسألة طبية بجهل ؛ بل إن علم الشريعة أشد خطرا وأعظم أثرا من علم الطب إذ تصلح بهذا الأبدان وذلك تصلح به الأديان . وإذا تعين منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين . قال الإمام بن حزم رحمه الله ولا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون إننا في الوقت الذي نحتاج فيه إلى خالص ديننا ويموت فيه كبار علماؤنا ويتفلت بعض أبناء المسلمين من أصول الدين فضلا عن فروعه إلا إننا نرى علماء الشريعة في أكثر ديار الإسلام قد تناوب على الحط من أقدارهم الأقزام وأصبح التنافس في التنقيص منهم مهنة تقام .
وقال الشيخ صالح آل طالب "يا أيها المسلمون في كل بلاد الإسلام إن الوقوف إلى علماء الشريعة في هذا الوقت بالذات لو لم يكن الإسلام يستدعيه لكانت السياسة توجبه وتقتضيه ومصلحة الدنيا قبل الآخرة تومئ إليه وتستدعيه . نعم أخطاء العلماء واردة وزلاتهم متصورة وشذوذاتهم مردودة وأخطاء العامة في فهم كلامهم أكثر ورودا . وقصور فهم غير المختصين أكثر شيوعا إلا انه على كل الأحوال تبقى للعالم حرمته وللعلم حرمته فالعلماء هم نجوم الأرض يهتدى بهم في ظلمات الجهل إن ظهروا اهتدى الناس وإن غابوا تحيروا خير من وطئ الثرى وأحسن المكلفين عاقبة إن قاموا بأمر الله ومن أسوئهم إن فرطوا وخالفوا.
إن العالم يجتهد فيخطئ ويصيب ويوفق وقد لا يحالفه التوفيق . ولكن صواب العلماء أكثر من خطئهم وتوفيقهم أضعاف زللهم وهم في ذلك بين الأجر والأجرين والمنصف من اغتفر قليل خطئ المرء في كثير صوابه أما غير العالم فهو آثم وإن اجتهد مخطئ ولو أصاب لأنه ليس من أهل الفتوى فماله والتكلم فيما لا يدريه والدخول فيما لا يعنيه وحق مثل هذا أن يلزم السكوت . ويا أيها الناس لا تشمتوا فيكم عدوا ولا حاسدا ولا تتقحموا أمرا لا يزيدكم الخوض فيه إلا فرقة ولا يزيد إفهامكم إلا بلبلة ولا نفوسكم إلا تنافرا . كفوا فقد كفيتم وانتهوا عن الاختلاف فقد نهيتم وترسموا خطى من عز عليه دينه وغلت عنده ذمته فلم يسلمها إلا لمن يعتقد أنه يقوده إلى رضا الله وجنته .
وأكد فضيلته أن فتاوى العلماء لا تموت بموتهم وقال "ارضوا لأنفسكم ما رضي به القوم لأنفسهم واحذروا من حذركم منه نبيكم صلى الله عليه وسلم بقوله / سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم/ قال الإمام النووي رحمه الله ( ولا يتعلم إلا ممن كملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته ) وفي الأثر ( دينك دينك إنما هو لحمك ودمك فانظر عمن تأخذ ، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا ) قال النخعي رحمه الله : كان الرجل إذا أراد أن يأخذ عن الرجل نظر في صلاته وفي حاله وفي سمته ثم يأخذ عنه".
وشدد فضيلة إمام خطيب المسجد الحرام على أهل العلم بأهمية الاستقامة على الحق ونبذ الباطل وقال : يا أهل العلم استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا فان أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون . أين الورع". إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا اؤلئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم".
روى الإمام ومسلم بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة . فهذا أثر من معين حكمة أحد مبلغي الشريعة الكبار وفقهائها العظام وأحد أساطين علوم الإسلام فيه درس لكل عالم وحكمة لكل داع خصوصا عندما يضعف الدين في كثير من النفوس إن العالم لا يعين الناس على الافتتان فكم من هو على شفى جرف هار والأمة اليوم في حاجة إلى التثبيت لا تشتيت والى الاجتماع لا الفرقة وقبل ذلك وبعده فان قلوبنا ملا بالرضا عن ما جاء عن الله والتسليم بما صح عن رسول الله لا نطأطئ بذلك رأسا ولا نتمحل له عذرا فكم طوت الأيام من ساخر ومازال الدين منتشرا وظاهرا والبلاء مكتوبا على الخلق والسعيد من ثبت .
واستعرض فضيلته جانبا من قضايا الأمة الكبرى وقال : لا يمكن لأحد أن يغفل عن مشهد الحصار في فلسطين والاحتلال المستمر والتحدي السافر للمبادئ والقوانين ويأبى القتلة إلا أن يستمروا في القتل ويوما بعد يوم يؤكدون على أرض الواقع ما وصفهم به القران بأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا ، فهاهي سفائن الحرية المتجهة إلى غزة تقابل الأسر وحاملي أمل الحياة ، غزة تسلب حياتهم ترى الأدوية في المراكب متناثرة وألعاب الأطفال مبعثرة كأنما حرام على أهل غزة أن يتداووا وجريمة أن يلعب أطفال غزة كما يلعب الصغار ، وقد رأى العالم كله ما جرى .
وأكد أن على العرب والمسلمين أن يعوا أن الحصار المفروض على غزة ليس حصارا على أهل غزة فحسب وإنما هو حصار على كرامة الأمة وإرادتها ؛ هو تحد لكل حر في العالم هو اختبار لدعاة الحقوق وحماتها هو فضح لكل الهيئات والمؤسسات الدولية المعنية بالإنسان وكرامته هو صفعة لكل دولة حامية لذلك الكيان أو راعية لتلك الشراذم إن فك الحصار عن أهل غزة فرض كفائي على الأمة وأمانة في عنق كل حر شريف في هذا العالم يجب أن لا تدخر الأمة وسعا في ذلك وأن تستنفر كل قواها السياسية والاقتصادية لرفع الظلم وفك الحصار وإنهاء الاحتلال . إن الرضا بهذه الحال مؤذن بعقوبة معجلة من الله وإنه لمؤشر على ضعف الإيمان فقد قال صلى الله عليه وسلم / والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم / إن قهر الشعوب واضطهاد الأمم وتوالي المظالم من أقصر الأحوال عمرا وأسرعها رجوعا على الظالم وقد خلت من قبل المثلات ولنا في التاريخ عبرا وآيات . إن استمرار هذه الحال مذكية للعداء بين الشعوب مميتة لكل دعوة للسلم مفسدة لكل نشاط يبشر بحسن النوايا بين الأمم . لا يمكن الهناء بمنتجات الحضارة أو التنعم برفاهيتها وطبول الحرب تدق ودماء الأبرياء تسفك وأرضهم تسلب وتنتهك وشعوب الأرض تشعر بالتمييز والعنصرية والقادرون من دول يعينون الظالم على ظلمه ويدينون الذبيح وهو يتشحط في دمه . ومع هذا فلابد من وقفة نسجل فيها الشكر والتقدير لكل أحرار العالم وشرفاء الشعوب من كل عرق ممن انعتق من أسر الإعلام الصهيوني والتضليل العالمي ليعلن رفضه للظلم وشجبه للاعتداء ومطالبته بفك الحصار عن أهلنا في غزة إن ذلك مما يبشر بالخير ولعلها بداية لصحوة الشعوب المغيبة عن الظلم الذي طال ليله وطال ويله واشتدت ظلمته . وعلى الإخوة في فلسطين أن يستزيدوا وسيلة نصرهم وكسب ثقة العالم في اجتماع كلمتهم واتحاد صفهم بعد الصدق مع الله ربهم ، وحدوا الصف واجمعوا الأمر واتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم. //
وفي المدينة المنورة أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة أنه لا ينال ما عند الله من الخير إلا بطاعته ولا شر نازل إلا بمعصيته ، قال الله تعالى / ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما / مشيرا فضيلته إلى أن الشر والعقوبات في الدنيا والآخرة سببها الذنوب والمعاصي ، قال الله تعالى / ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره / ، وقال الرب في الحديث القدسي / يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه / .
وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله رغب عباده اشد الترغيب في فعل الخيرات وعمل الصالحات فقال عز وجل / وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين / مضيفا فضيلته إلى أن الله سبحانه حذر عباده من معاصيه فقال عز وجل / ومن يعص الله ورسوله ويتعدى حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين / .
وأضاف فضيلته أن الله سبحانه وتعالى ورسوله أوقف عباده على عقوبات الذنوب والمعاصي في الدنيا والآخرة ليبتعدوا عنها وعدم التهاون بها وعدم الغرور بالإمهال حيث أن الذنب لا ينسى والديان حي لا يموت وقص الله في كتابه القصص الحق عن القرون الخالية كيف نزلت بهم عقوبات الذنوب وتجرعوا كؤوس الخسران والوبال ولم تنفعهم الجموع والأولاد والأموال موضحا فضيلته أن سنة الله لا تحابي أحدا فالخلق كلهم عباد الله عز وجل ، قال الله تبارك وتعالى / أكفاركم خير من اولئكم أم لكم براءة في الزبر / .
ومضى الشيخ على الحذيفي قائلا إن العصيان قد كثر في ارض الله عز وجل وتجرأ الكافر على ربه فسب الله جهرا وسب رسوله صلى الله عليه وسلم وسب الدين وتمردت البشرية على ربها ولم يبق ذنبا اهلك الله به الأمم الماضية إلا عمل به في هذا الزمان ولم ينج من ذلك إلا قلة من المؤمنين والمسلمين ، قال الله تعالى / ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ / مبينا فضيلته أن واجب كل مؤمن بالله أن يحذر الناس من سوء أعمالهم فقد انعقدت أسباب العقوبات ونزلت بالبشرية الكربات موجها كلامه للمسلمين بأنهم إذا ما أوقفوا زحف الفساد في الأرض دفع الله عنهم العقوبات مشددا على أن إيقاف الفساد هو بالاستقامة على دين الإسلام وترك مجاراة الكفار في تقاليدهم وأعمالهم ، قال الله تعالى / ولوا دفع الله لأناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله لذو فضل على العالمين / .
وشدد فضيلة أمام وخطيب المسجد النبوي على أن الذنوب والمعاصي شؤم وعار وشر ودمار وخزي ونار إنها تبدل صاحبها بالنعم حرمانا وبالأمن خوفا وبرغد العيش جوعا وباللباس عريا وبالبركان محقا وذهابا وبالغنى فقرا بالعفاف فجورا وبالحياء استهتارا وبالعقل والحلم خفة وطيشا وبالاجتماع فرقة واختلافا وبالاستقامة زيغا وفسادا وبالتواد والتراحم كراهية ونفرا وبغضا وبالخصب شدة وجدبا وبالجنة في الآخرة نارا وبالفرح بالطاعة هما وغما وبالحياة الطيبة معيشة ضنكا مشيرا فضيلته إلى أن الإنسان ليس بمعصوم من الذنوب ولكن الواجب على كل احد التوبة إلى الله ، وفي الحديث كلكم خطاء وخير الخطاءين التوابون داعيا المسلمين إلى التوبة إلى الله حيث أن التوبة إلى الله باب عظيم يدخل منه المسلم على ربه وان من مكفرات الذنوب كل طاعة لله سبحانه وتعالى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.