توقفت حائراً وأن أشاهد تلك الموظفة وهي تتغنج وتضحك بصوت مرتفع وكانها بين مجموعة من السيدات وفي مكان خاص بهن، وتناست تلك الموظفة بأنها تقف بين مجموعة من الموظفين الشبان الذين كانوا ينظرون لها بعين التعجب وبعين الترقب، فمنهم من يخاطب نفسه في تلك اللحظة "ويش قصتها هذه" وأخر يهمس في أذن زميله "ماذا تريد". تصرف تتباين حوله الآراء، رأيته أنا نوعاً من "انعدام الحياء"، ورأته صاحبته أنه "عادي"، بعض الموظفات يتبخترن في أماكن العمل بكامل زينتهن، وتكاد لا تدري أهي موظفة أم عارضة أزياء أم عروس؟ عباءتها مزركشة مليئة بالأحجار اللامعة، وشعرها مصبوغ بألف لون، وجهها ممتلئ بكل أنواع المكياج، بينما المفروض أن تتصف ملابس مكان العمل بالرصانة والهدوء، منهن من تتعامل مع الرجال الموجودين في مكان العمل بأريحية تامة، تميل عليه لتريه شيئاً على الكمبيوتر، ترسل له إيميلات “بناتية"، تلقي عليه النكات، وتسر له بالشائعات، وتضيفه على “البيبي"، وتعزمه على "كوب قهوة أحياناً". العديد من الموظفات أصبحن يفتقدن لما يمكن تسميته الأدب الوظيفي، وهو ما يفرض على الزميل وزميله احتراماً لحدود العمل والتعامل بشيء من الرقي فما بالك أن كان ذلك التعامل بين فتاة وشاب، وأين في مقر عمل له وضعه ومكانته، مما يستوجب على الفتاة وضع خط فاصل بينها وبين زميلها في التعامل، مما يتوجب عليها أن تلتزم بحياء العربيات وتبتعد فيه عن السلوك المثير للتساؤلات، بالطبع هذه ليست دعوة للعبوس والتعامل العنيف مع زملائها الرجال، لكنها دعوة لوضع حدود من الأدب و"الحياء" في أماكن العمل. الكثير من الفتيات وبكل أسف يضربن بآداب أماكن العمل عرض الحائط، فيبالغن في التعامل مع الزملاء الرجال، ما يجعلهن صيداً سهلاً لضعاف النفوس، وأضحوكة لناقلي الوشايات. من أجل النجاح والوصول السريع للمناصب الإدارية تندفع بعض الموظفات إلى زيادة التعامل مع الموظفين الرجال، خاصة إذا كان ذلك الزميل هو الرئيس في العمل، مما يجعلها تتعامل معه بصورة تشبه تعامل السكرتيرة أو ربما "الزوجة" تلاحقه بنظراتها، وتعليقاتها، واتصالاتها، وحتى مسجاتها، بينما يعاني الرجال "غالباً" هذا الموقف، فلا يودون إحراج الموظفة، ولا يعرفون كيف يمكن إيقافها. اللطف في التعامل أمر مستحب وهو من مبادىء ديننا الحنيف ولكن يجب أن يكون له حدود ومواضع، فليس من المعقول زيادة اللطف بين فتاة وشاب لدرجة أزالت الكلفة في التعامل وأدابت جليد الحياء، فالموظفة ينبغي عليها بناء سمعة حسنة من خلال إجادتها للأعمال المناطة بها وتعاملها الحسن والمحدود لتصبح محل ثقة في أداء عملها، وقادرة على الانسجام بهدوء ضمن فريق العمل وواضحة الأهداف، وبالطبع أنتكون تصرفاتها السلوكية رزينة خاصة بالنسبة إلى مجتمعنا العربي. الكثير من الموظفات يحتجن إلى دورات تدريبية في فن التعامل مع الزملاء، وفن الانسجام في بيئة العمل المختلط، ومن تعتقد منهن بأن إزالة الحواجز بينها وبين الزملاء الذكور ستكون سبيلها للتميز، فهي تعيش في نظرية خيالية محدودة، فلم ولن تكن الأنوثة مفتاح الأبواب للنجاح، الأداء الفعال وحسن القيام بالواجبات الوظيفية والحفاظ على سمعة طيبة هو المفتاح المناسب والصحيح للوصول إلى التميز المهني. المهندس/عبدالله عمر العمودي عضو الهئية السعودية للمهندسين