الزخم الإعلامي الكبير ذو العيار الثقيل الذي يطلع علينا عبر الصحف ومن ثم يخمد مع الوقت عن المداخلات من قبل أعضاء مجلس الشورى، وآخرها المداخلة الجريئة للأستاذ محمد نصر الله يوم الأحد المنصرم 28 فبراير 2011 عن وضع العمالة السعودية المؤجرة للشركات الكبرى ومنها أرامكو خصوصا، إضافة لما يطرح من قبل ممثلي هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أيضا، في تعليقهم في الإذاعات وغيرها من وسائل الإعلام، وما يخرج في تقاريرهم السنوية عن حل المئات من القضايا العمالية التي لا تعد ولا تحصى.. لا نملك إلا أن نقف متعجبين لما يبذلونه من جهد بالرغم من بعد التخصص عنهم والمفترض الإناطة به إلى اللجان والاتحادات العمالية لو كانت قائمة.. لكن الكثير من المتغيرات الاجتماعية والحياتية التي تحيط بنا نحن أبناء البشر في ظل الركود الاقتصادي ومنحنيات السير التي تضغط على مرتاديها بتوخي الحذر... أو الانفلات إلى خارج الحد والتعدي على الآخرين وتعريضهم للخطر... مما جعلنا لا نميز بين البشر من حيث الإخلاص والأمانة وبعد النظر.. وبتنا نتلقف الضربات تلو الضربات ونعيش مع القهر... فجميل أن يصحو ضميرنا ونبدأ نستشعر الوضع المأساوي الذي يعانيه كثير من مواطنينا، الذين بدأنا نفقدهم ونفقد قدراتهم وعقولهم وأرواحهم يوما بعد يوم ونستبدلهم بالمتهالكين والضعفاء والمحتالين... فهل لنا الحق أن نطرق أبواب مؤسسات المجتمع المدني المزمعة لنحتفل سنويا مع المحتالين ونطلب تأسيس نقابة لهم أو جمعية من ضمنهم؟ فالمتهالكون والضعفاء لهم جمعيات حقوقية كثيرة واجتماعية حبلى بمشاكلهم وغير قادرة في ذات السياق على استيعابهم، ينامون ويصحون وحالهم بلا تغيير معتبر يذكر كالنفخ في قُرَبٍ مفقوعة لا ينفع معها الرقع مَلِيَّا... فأما المحتالون فهم أكثر الناس حبا للظهور والاتفاق فيما بينهم على المستهلكين المساكين والتشدق من حين إلى حين بدعم التكوينات الاجتماعية والخيرية... على أن فعل الخير باليد اليمنى يجب أن يخفى على اليسرى للظفر بالحسنات والخيرات للحياة الأخروية السرمدية... فعلى وزارة العمل ومجلس الشورى أن يقوما بشد قواهما نحو التصحيح للتصرفات غير المسؤولة من بعض البشر، ولما يدور بسببهم من عذاب واستغلال ومحسوبيات في أروقة القبول والتوظيف في كل القطاعات، وفي عقود الإمداد للموارد البشرية الوطنية في المنشآت الكبرى الصناعية وغير الوطنية الوافدة منها التي بدأ تزايدها وتكدسها بأرقام هائلة.. وإلا فسنعيش وضعا مأساويا مستقبليا من العنوسة الوظيفية “البطالة” في عدم ارتباط أبنائنا وبناتنا في كسب الرزق الذي تخفيه عباءة المحسوبية والمصالح الفردية... فإليكم الشاهد الواضح لتردي الأوضاع بما دار في مجلس الشورى قبل عدة سنوات من سخط وضجر، حين لم يُجِب وزير البترول المهندس النعيمي على تساؤلات عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالجليل السيف للمغزى الوظيفي المؤقت غير الآمن من عقود إمداد أرامكو للعمالة الوطنية... وحتى على النسبة والتناسب بين العمالة المستأجرة الوطنية والأخرى الدائمة الجاثمة على قلوبنا الأجنبية.. ولم تلتزم بعدها بتاتا بما خرج من توصية بخصوص العقود.. بل نراها على ذمة الراوي توظف المعاقين وحتى كبار السن من الجنسيات الأجنبية وإبقائهم باسم الإنسانية والحاجة الاستشارية... وتفرط في خُبَرائنا وكوادرنا وتترك معاقينا بعيدا باسم النقص وعدم اجتياز الفحص لدخول معترك الحياة الوظيفية... على أن السياق العالمي لتوظيف المعاقين والمرضى يوجه عادة للأعمال الحاسوبية والمكتبية وهي متوفرة في كل القطاعات... وإن كنت أرى الوافدين للدول الغربية، هم في المجمل من المهرة وليس كما لدينا الكثير من العمالة النَخِرَة... فأي تناقض هذا الذي تسترسل به الشركات الكبرى نحو المشاركات الاجتماعية ولديها الكثير من القضايا الحقوقية العمالية غير الإنسانية.. حِكمة: من يقع في خطأ فهو إنسان ومن يصر عليه فهو شيطان.