لقد كان للوعكة الصحية التي ألمت بوالدنا الغالي وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، أكبر الأثر في تأثرنا جميعاً، ولعمري ما كان الحزن البالغ الذي خيم علينا والقلق الذي استبد بنا على ملك الانسانية ،ملك القلوب،إلا أحد الدلائل القاطعة على عظم المحبة وعمق الولاء وصدق الوفاء له حفظه الله ،فسرعان ما ارتفعت أكف الضراعة من جميع أبناء الشعب للمولى عز وجل تبتهل بأن يشفيه من كل داء ويحفظه من كل سوء،وأن يجعل هذه الوعكة برداً وسلاماً عليه كما جعل النار برداً وسلاماً على ابراهيم. وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لابتهالاتنا وحقق أمنيتنا،بأن شاهدنا مليكنا المفدى سليماً معافى،فاختلطت دموع الفرح بابتسامات السرور فالحمدلله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه على شفاء ملك القلوب،والآن يعود لنا وللوطن والدنا الحبيب حفظه الله فتزغرد القلوب وتعود البهجة للجميع وتعشب الحياة وتخضر كما هواخضرار قفارنا بالخزامى حين يأتيها الغيث،وتسجد الجباه لرب العالمين حمداً وشكراً وفرحاً بعودته ،وحقيقة يستحق أبامتعب أكثر من ذلك كيف لا ودوره القيادي وإنجازاته الضخمة المباركة وأياديه البيضاء حفظه الله،سواء في الداخل أوفي الخارج ،كلها تتحدث بطلاقة عن حبه العظيم لوطنه وشعبه، الذي يبادله الحب والولاء،وتطلعه للنهوض بمستقبل الأمة وحرصه الدائم على تحقيق التنمية الشاملة والقضاء على كافة مشاكل العالمين العربي والاسلامي، ومبادراته الدولية للسلام ومحاربة الإرهاب ،كما أن المليك المفدى ينشد الوحدة العربية والإسلامية التي تقود لنهضة الأمة. ويسعى مليكنا أيده الله لتعزيز مبدأ الشورى والحوار، فهو دائماً يدعو العلماء والمفكرين إلى المشاركة في رسم خطط المستقبل ليكون أكثر ازدهارا وتطوراً.وقد قال الملك أيده الله في إحدى المناسبات : (اننا لا نستطيع أن نبقى جامدين والعالم من حولنا يتغير ومن هنا سوف نستمر - بإذن الله - في عملية التطوير وتعميق الحوار الوطني وتحرير الاقتصاد ومحاربة الفساد والقضاء على الروتين ورفع كفاءة العمل الحكومي والاستعانة بجهود كل المخلصين العاملين من رجال ونساء وهذا كلّه في إطار التدرج المعتدل المتمشي مع رغبات المجتمع المنسجم مع الشريعة الإسلامية) ، فتتضح هذه المفاهيم العظيمة المرتبطة بحرصه على النهضة الإسلامية دائماً في أقواله وأفعاله. كما يتضح ذلك جلياً من خلال إحدى الكلمات التي وجهها خادم الحرمين الشريفين رعاه الله للقادة المسلمين لعقد مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة في مكةالمكرمة حيث قال المليك في كلمته: (إنني أتطلع إلى أمة إسلامية موحدة وحكم يقضي على الظلم والقهر وتنمية مسلمة شاملة تهدف للقضاء على العوز والفقر كما اتطلع إلى انتشار الوسطية التي تجسد سماحة الإسلام واتطلع إلى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة وإلى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته دون إفراط أو تفريط. إن النهضة يصنعها أمل يتحول إلى فكرة ثم إلى هدف وأمتنا قادرة على تحقيق أهدافها مستعينة بالله وحده مطمئنة إلى قوله الكريم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (11) سورة الرعد، وقد خاطب الملك عبدالله في تلك القمة الإسلامية الاستثنائية سبعاً وخمسين دولة إسلامية، ودعا إلى وضع خطة تنموية إسلامية شاملة لمواجهة التحديات. وبالفعل لقد كلل الله جهود المليك المفدى ومساعيه وملوك ورؤساء العالم الإسلامي بالنجاح ،وكان التوفيق حليفهم حيث ولدت خطة استراتيجية عشرية لمواجهة التحديات وخطة عمل تتواكب مع التغيرات الدولية وتطوراتها، وبلورة رؤية تستشرف آفاق مستقبل العالم الإسلامي. ووالله إني مهما حاولت في هذه العجالة التعبير عما يجيش به صدري من فرح وسعادة غامرة بشفائه وعودته حفظه الله لأرض الوطن الذي أضاء بعودته ، فإن العبارات تقف عاجزة ولا أجد الكلمات المناسبة للتعبير الذي يرقى لمقامه السامي الكريم،وما كلماتي هذه إلا تعبير بسيط جرى به قلمي واصفاً جزءاً بسيطاً مما أكنه لمليكنا المفدى ويشاركني فيه كل أفراد الشعب السعودي الوفي ،وأجدني أكتب هذه الخاطرة التي أقول فيها: عبدالله يعود اليوم فالوطنُ سعيدٌ مسرور والدنيا حُبلى بقصائدَ وقلائدَ عبقٍ منشور والأرضُ جذلى تتحلى بحدائقِ مسكٍ وزهور وردُ الكادي لمّا تهادى صافحهُ النرجسُ بعطور عبدُاللهِ أضاءَ الدُنيا ومحى بالعلمِ الديجور وبحِنْكَتِهِ وسياستِهِ أحيا فينا كُلَ شُعور عبدُاللهِ نبضُ الأُمة هو نِبرَاسُ كلِ جسور بَارَكَكُم ربي ،قادَتَنا وحُماةَ البيتِ المعمور وملوكٌ تحيي وِحْدَتَناَ بكتابِ اللهِ الدُسْتور فارحم ياربي مُؤَسِسَهُ باني التاريخَ المشهور أرّسى بُنيانَكَ ياوطني أمنٌ وأمانٌ وحبور فحمداً لله على سلامتكم سيدي،وعودتك ياملك القلوب أعادت الفرحة لكل القلوب،وأثلجت الصدور،وأخيراً وليس آخر ً لا يسعني إلا أن أسأل الله العلي القدير أن يحفظ قائدنا ويمتعه بالصحة والعافية ويطيل عمره،ويبارك في علمه وعمله ويجزاه خير الدنيا والآخرة عن كل ما قدمه ويقدمه لخدمة الإسلام والمسلمين ،ويعز به الإسلام والمسلمين، كما أسأله سبحانه أن يحفظ ويعز ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله ،وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله ،ويحفظ لبلادنا الحبيبة أمنها وأمانها واستقرارها في ظل قيادتنا الحكيمة.