كانت القمة الخليجية في الكويت بدورتها الثلاثين حافلة بالانجازات وسلسلة متواصلة من النجاحات وليس غريباً أن توصف بأنها قمة استثنائية، فقد كانت بحق استثنائية حيث شكلت دفعة قوية للعمل الخليجي المشترك وتضامن دول المجلس وأنهم جسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. وأول ملامح هذه الوحدة نلاحظها في مستهل البيان الختامي للقمة حيث اكد قادة دول مجلس التعاون تضامنهم التام مع المملكة في مواجهة الاعتداءات على أراضيها والانتهاكات لحدودها واعتبروا أن أي مساس بأمن واستقرار المملكة هو مساس بأمن واستقرار وسلامة دول المجلس كافة، في هذا اشارة قوية لوحدة صف دول مجلس التعاون وهو ما يميز هذا الكيان المهم حيث إن الروابط القائمة بين دوله تجعله بالفعل جسداً واحداً.. واذا كانت دول المجلس قد عبرت عن هذا التضامن التاريخي في قمة الكويت، فقد سبق وأن عبرت قبل القمة بصورة فردية من خلال الزيارات والاتصالات التي أكدت ان ما تواجهه المملكة من عدوان. انما هو عدوان عليها وأن ما يمس استقرار المملكة.. يمس كذلك استقرارها. وهذه هي الروح التي تعبر دائماً عن قوة ومنعة الصف وقد كانت دول الخليج العربية دائماً كذلك وستظل كذلك وهو ما مكنها من مواجهة التحديات وجعل من مجلس التعاون كياناً راسخ الجذور شامخاً صلباً ومتماسكاً واذا ما رجعنا الى مسيرة الانجازات على صعيد تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك فإن تدشين مشروع الربط الكهربائي والاتفاق على آليات تفعيل مشروع العملة الموحدة يأتيان في المقدمة باعتبارهما يمكنان من الروابط الاقتصادية والتي هي في الأساس ضمان قوة واستمرار الوحدة الخليجية. واذا ما نظرنا الى السوق الخليجية المشتركة فإن القمة قد أعربت عن ارتياحها للتقدم المحرز بشأن تنفيذ قراراتها في اطار السوق وتدعيماً لهذه المسيرة اقرت القمة المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في التعليم الفني، وهناك خطوات اقتصادية هامة تسير بايقاع سريع في التعامل مع الاتحاد الأوروبي وجدت التأييد والدعم من القمة مما يعني ان الجانب الاقتصادي يحظى بما يستحقه من اهتمام من قادة دول المجلس. وتعزيزاً وتعميقاً للتعاون العسكري والدفاع المشترك أقرت القمة الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون، وتطوير قدرات قوات درع الجزيرة المشتركة والمشاريع العسكرية المشتركة، فهنا الاهتمام بالشؤون العسكرية يأتي رغبة من دول الخليج في بناء قوتها العسكرية لحماية نفسها ولحماية المنطقة من أي أخطار محتملة.. ولم يكن الإرهاب ومكافحته غائباً عن أجندة القمة، ولدول التعاون باع طويل في مكافحة الإرهاب وقطعت في ذلك شوطاً كبيراً تجسد أخيراً في الاتفاقية الخليجية لمكافحة الارهاب والتي تضمنت تنسيقاً مستمراً ومتواصلاً لمحاصرة هذه الظاهرة حتى اجتثاثها نهائياً.. فهي كما أكدت على ذلك القمة ظاهرة خطيرة على المجتمعات الانسانية. ولاجدال في ان اذكاء الحوار أحد العوامل المهمة في محاصرة الارهاب ولهذا جددت القمة على أهمية تفعيل الحوار والحرص على بناء جسور التلاقي بين الشعوب والحضارات، وهذا بالضبط هو ما جسدته مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الحضارات والأديان والثقافات. وانطلاقاً من مسئولياتهم تجاه اخوانهم العرب تدارس قادة دول المجلس كافة القضايا والهموم العربية في فلسطين واليمن والعراق ولبنان والسودان والصومال واكدوا على كل ما يمكن ان يحفظ امن واستقرار تلك الدول. اذن مجلس التعاون الخليجي ليس كياناً مختصراً ولكنه يمثل أملاً لكل العرب يتحمل آلامهم ويشاركهم آمالهم. ومن واقع أعمال هذه القمة الناجحة المتميزة فاننا نتوقع تأثيراً أوسع على الساحة من أجل المساهمة في الاستقرار الاقليمي والعالمي ودول الخليج العربية مؤهلة لهذا الدور الريادي. | هناك نقطة مهمة أشار اليها سمو أمير الكويت تتطلب التوقف عندها فقد اشار سموه الى أن مشاركة خادم الحرمين الشريفين أثرت أعمال القمة، وهذه حقيقة إذ إنّ المليك يبدي اهتمامه بالقمم الخليجية من قبل ان تبدأ من خلال الاطلاع على التحضيرات الخاصة بها ومن خلال جدول الأعمال الذي تبحثه والقضايا المحلية والخارجية التي تتناولها ويوجه حفظه الله بما يضمن نجاح اعمال أي قمة تعقد لأن النجاح هو في حد ذاته نجاح للعمل الخليجي ودفع لمسيرة العمل المشترك الى الامام وهو ما يحرص عليه المليك المفدى، وهذه القمة بالذات حرص خادم الحرمين الشريفين على متابعة الاعداد لها منذ وقت مبكر وكانت توجيهاته حتى اللحظة الأخيرة بما يضمن نجاحها وهو ما تحقق بالفعل في هذا النجاح المتميز الذي جعل من قمة الكويت قمة استثنائية بالفعل.