السيارة نعمة من نعم الله عز وجل يجب أن نحافظ عليها ونشكره سبحانه وتعالى، فكم اسعفت هذه السيارة ملهوفاً وكم قضت حوائج الناس، ولكن بعض الشباب حول هذه النعمة إلى نقمة بسبب ولعه بالمغامرة والتضحية بالأرواح والأموال في سبيل إرضاء نزوة وتفريغ شهوة مكبوتة ينتج عنها تبديد الأموال وازهاق الأرواح. إنها لعبة (الموت والتفحيط) التي حصدت آلاف الأرواح وتشير الإحصاءات إلى وفاة أكثر من أربعة آلاف شخص جراء الحوادث المرورية بالإضافة إلى (1200) حالة إعاقة دائمة و8 آلاف حالة إعاقة مؤقتة سنوياً، وقد ازدادت الحوادث المرورية في المملكة خلال عشر سنوات بنسبة 400 بالمائة وخلال السنوات العشرين الماضية حيث بلغ عدد المصابين في حوادث المرور بالمملكة أكثر من نصف مليون مصاب توفي منهم 60 ألف شخص، وتلك أرقام مخيفة تعتبر السرعة الجنونية أحد أكبر مسبباتها بالإضافة للمخالفات المرورية الأخرى كقطع الإشارة. والتفحيط وعدم الالتزام بقواعد المرور ادمان التهور. والملاحظ أن كثيراً من الشباب المغامر يهوى أداء حركات صعبة وخطرة بالسيارة. ويميل بالسيارة يمنة ويسرة أمام جمهور من الرفاق يقفون في الطرقات ويشجعون تلك الحركات البهلوانية التي أصبحت ظاهرة في كل مدينة من المدن تقام فيها المباريات بين المفحطين وتطلق عليهم الألقاب بحسب المباريات. كما يطلق على المفحطين ألقاب عدة وأبرز ما اشتهروا به: العقرب، فروج، بوبو، كازانوفا، القشطة، آمري يا كامري، والزين يطلب حيث يعرف المفحط بين أقرانه بلقبه الشهير. انحرافات يقول أحد المفحطين: كان بعض الناس يؤمنون لي السكن والرحلات مقابل التفحيط، وفي يوم من الأيام قابلني شاب في شارع عام بالمدينة يقود سيارة فخمة. وقال لي هذا مبلغ خمسة آلاف ريال بدل مواصلات وبنزين (كما يقول) بشرط أن تفحط عندنا ثم تقف وتسلم علينا ويركب معك واحد منا. حتى يعرف الجمهور أنك من شلتنا. ومع ممارسته التفحيط وتشجيع الشباب يصاب المفحط بالإدمان كما يقول أحدهم عن التفحيط؛ لهو ثم هواية ثم إدمان بل وحتى الركاب يصابون بالإدمان. يحدثنا أحد المفحطين أن اثنين من الشباب ركب مع أحد المفحطين ونجاهما الله من الموت في حادث مروع. واليوم التالي يقول: رأيتهم يبحثون عن مفحط آخر ليفحط بهم. أضرار التفحيط أما أضرار التفحيط فهي كثيرة منها: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فهؤلاء الشباب يقومون بهذه اللعبة يغامرون بأرواحهم وحواسهم وأطرافهم. فكيف يرضى العاقل أن يقتل نفسه أو يشل جسده؟!. ومن المؤسف أن أول من يتبرأ من المفحط عند وقوع الحادث رفقاؤه الذين يركبون معه أو يشجعونه فيتركونه يصارع الموت ويهربون. ومن الأضرار أيضاً التعدي علىالآخرين بإتلاف أرواحهم وإلحاق الأذى بأبدانهم وترويعهم في الطرقات. أيضاً الخسائر المادية في الممتلكات العامة والخاصة بسبب الحوادث الناتجة عن التفحيط كذلك مفتاح لجرائم متعددة من سرقات وأخلاقيات ومسكرات ومخدرات. وما إن دخل شاب هذا العالم إلا ويتعرف على مجموعة من المنحرفين يفتحون له أبواب الشر. كذلك معاناة الأسرة فقد تكبد الوالدين وأفراد أسرته معاناة كبيرة أولاً كونه مطلوب للجهات الأمنية ومراقبة المنزل والسمعة السيئة التي تلحق الأسرة بغفلة هذا. فهذا أحد المفحطين يقول: أمي مصابة بمرض السكر وارتفاع الضغط وكنت أسبب لها كثير من المشاكل واذكر أنه عندما قبض علي وزارتني أغمي عليها لما رأتني في الزنزانة. أسباب هذه الظاهرة أما أسباب هذه الظاهرة ضعف الإيمان وحب الظهور والشهرة. كذلك الفراغ وتقليد ومحاكاة رفقة السوء أيضاً ضعف رقابة الأسرة وغفلة كثير من الآباء عن أبنائهم. وكذلك بعض ما يعرض في وسائل الإعلام والاتصال والألعاب الإلكترونية. والغنى والترف. والعلاقات الشاذة ومحاولة بعض الشباب لفت انتباه الأحداث والمردان واستدراجهم لعلاقات حب شاذة ومن خلال لقاءاتنا بالمفحطين تبين السبب الأخير هو وراء قيام أغلب المفحطين بهذه التصرفات وتحدث عند المدارس والتجمعات الشبابية. حكمها شرعاً لا شك في أن التفحيط محرم في الشريعة الإسلامية السمحة.وأن مرتكبه متوعد بالعقوبة جراء إيذائه عباد الله. قال الله تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوابهتاناً وإثماً مبيناً) وفي الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: “إن الله كره لكم ثلاث: قيل وقال،وإضاعة المال، وكثرة السؤال” ولهذا أفتى علماء المسلمين في هذا العصر بحرمة التفحيط فقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم (22036) في 27/7/1422ه مانصه: (التفحيط ظاهرة سيئة يقوم نتيجة القصور في تربيتهم وتوجيههم وإهمال من قبل أولياء أمورهم) وهذا الفعل محرم شرعاً نظراً لما يترتب عليه من ازهاق للأنفس وإتلاف الأموال وإزعاج الآخرين وتعطيل حركة السير. الوسائل العلاجية دور المدرسة في التصدي لهذه الظاهرة برفع الوعي بين أبنائنا ومتابعة وتقويم السلوكيات التي تصدر ممن يقومون بهذه الظاهرة والتعاون مع الجهات الأمنية المختصة للقضاء عليها كما ذكر ذلك الأستاذ طارق الثقفي مرشد طلابي في تعليم الطائف يقول: إن ظاهرة التفحيط أمام المدارس وفي الميادين العامة ليست بالشيء الجديد فقد عرفناها منذ زمن بعيد وتواترت الأخبار في نقل المآسي التي تحدث بسبب التفحيط ولعل الجميع يشترك في مسؤولية تفشي هذه الظاهرة ولكن الأمر الذي أحب أن أؤكد عليه المدرسة ينتهي دورها بمجرد التوعية للطلاب بالمخاطر هذه العادة الخطرة على الأرواح فالمعلم يقوم بمهام عديدة فهو مكلف بتصحيح مئات الأوراق ومراجعة مئات أخرى ففي الغالب لا يخرج المعلمون إلا بعد الظهر أيام الاختبارات ونحن نتحدث عن الفترة التي بعد الاختبارات مباشرة ولو قلنا إن المعلم سيتفرغ لربع ساعة بعد انتهاء الفترة فلديه أبناء وبنات سيذهب لتوصيلهم إلى المنزل ثم يعود ليكمل عمله. فالمسؤولية العظيمة تقع على عاتق ولي الأمر الذي لا يقوم بمتابعة ولده وولي الأمر الذي يتأخر في المجيء لأولاده بعد الاختبار وتركهم عرضة للوقوع ضحية للذئاب المفترسة التي تقود السيارات من المفحطين كما أن للجهات الأمنية مسؤولية وذلك بتكثيف الدوريات الأمنية عند المدارس وفي الأماكن التي جرت العادة بأن يستغلها هؤلاء الشباب لممارسة عاداتهم السيئة. وثانياً يأتي دور الآباء فدورهم كبير في التصدي لهذه الظاهرة في حسن تربيتهم ومراقبة سلوك أبنائهم وعدم تمكين الصغار منهم من قيادة السيارة فإن كثيراً من الآباء يشتري الموت لأبنائه وهو لا يشعر. وثالثاً: على الجهات الأمنية أيضاً دور في هذه الظاهرة فيقول مدير شرطة الطائف اللواء مساعد بن ناهس اللهيبي أوضح بأن هناك خطة تقوم بإعدادها خاصة أيام الاختبارات بتكثيف الدوريات أمام المدارس وملاحظة التجمعات بالتنسيق مع مدراء المدارس. كما نقوم أيضاً بمتابعة دورية من بداية الاختبارات حتى نهايتها وبمتابعة ميدانية من قبل ضباط الميدان وملاحظة كل ما يعكر سير الاختبارات وعدم التجمعات وتوفير دوريات في الأماكن التي قد تؤدي إلى سلوكيات يقوم بها بعض الطلاب. وهذا يأتي في إطار خطة نقوم بتنفيذها على أكل وجه. رابعاً: الأهم وهو الوقت لابد من احتواء أوقات الشباب وامتصاص طاقاتهم في النشاطات النافعة أو البرامج الترفيهية البريئة عبر المراكز والمخيمات والملاعب وغيرها كما يشير سعيد الزهراني مدير الوحدة الارشادية بإدارة التربية والتعليم بالطائف أشار إلى أن هناك ارتباطاً نفسياً بين سلوك الطالب قبل وبعد الاختبار ينتهي الاختبار فيجد الطالب نفسه في انقسام نفسي وتفريغ ما بداخله من كبت معلوماتي قد أفرغه على الورقة وبقي الكبت النفسي فيفرغه في سلوكه وممارسة قد تسيء إلى الطالب والمجتمع خاصة إذا غابت الرقابة الأسرية ونحن بدورنا في الوحدة نقوم بتزويد المرشدين بإرشادات إلى السلوك الحسن وتهيئة الطلاب إلى الاختبارات ومحاولة تكثيف الرقابة والنصح لما يمارس من سلوك أو مخالفات سلوكية وما يقوم به بعض الطلاب من تفحيط وتجمعات ومعاكسات وممارسة بعض السلوكيات وتأتي في الإطار الأول دور الأسرة ومتابعتها لأبنائهم والحرص على ايصالهم ومراقبتهم.
