نائب أمير منطقة مكة يطّلع على أعمال "الجوازات" خلال موسم حج 1445ه    مدير تعليم القنفذة يهنئ القيادة الرشيدة بنجاح موسم الحج.    القيادة القطرية تهنئ خادم الحرمين الشريفين بنجاح موسم حج هذا العام    نائب أمير مكة يعلن نجاح حج هذا العام    المملكة تحقق المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني    انطلاق أعمال الجناح السعودي المشارك في معرض يوروساتوري 2024    البرتغال تستهلّ مشوارها في اليورو بفوز صعب على التشيك    خادم الحرمين يتلقى برقية تهنئة من سلطان عُمان بنجاح موسم حج هذا العام 1445ه    الاتحاد الفرنسي يعلن تطورات إصابة مبابي    رونالدو يسعى لضم راموس للنصر    الهلال يعلن خضوع مالكوم لجراحة    قميص النصر يُزين مدرجات يورو 2024    مدير عام تعليم الطائف يهنئ القيادة بنجاح موسم حج 1445ه    حجاج بيت الله الحرام يرمون الجمرات ثاني أيام التشريق    المدينة المنورة تتأهب لاستقبال الحجاج المتعجلين وسط منظومة متكاملة من الخدمات    قوافل المساعدات تحت القصف    حرس الحدود بجازان يحبط تهريب (450) كيلوجراماً من نبات القات المخدر    الأماكن التراثية في الشرقية تجذب زوّار العيد    المملكة «ضيف شرف» في معرض سيؤول الدولي للكتاب    ارتفاع قتلى الصراعات العالمية 72 %    التوتر الكوري.. طلقات تحذيرية على الحدود    أمنٌ واطمئنانٌ لِضيوفِ الرحمن    حاجة مغربية سبعينية تستعيد القدرة على المشي    أجهزة رقمية متطورة تربط ضيوف الرحمن بذويهم    محمد بن عبدالرحمن: تسخير جميع الطاقات لخدمة الحرمين وضيوف الرحمن    مخزونات المنتجات النفطية في الفجيرة تنخفض إلى 20.7 مليون برميل للمرة الأولى    بنك التنمية الاجتماعية يختتم مشاركته في قمة اتحاد رواد الأعمال الشباب لمجموعة العشرين في البرازيل    نائب أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    «هيئة الطرق»: الخط المدني يُزيّن طرق المدينة المنورة    المفتي: ما رآه العالم من واقع فريد في الحج خير شاهد على ما تقوم به الدولة وقيادتها في خدمة ضيوف الرحمن    السعودية للكهرباء تعلن نجاح خطتها للحج وتسجل أحمال قصوى تاريخية    حجاج بيت الله الحرام المتعجلون يبدأون في مغادرة مكة بعد طواف الوداع    فتح القبول لحملة الثانوية للالتحاق بالكلية الأمنية    بطلة التايكوندو العالمية دنيا أبوطالب رابعة العالم    دولة الكويت تهنئ سمو ولي العهد بنجاح موسم حج هذا العام    جمعية "كبار السن" تزور وتعايد كبار السن المنومين    بعثة القادسية تصل إسبانيا    دعوا إلى انتخابات جديدة ..متظاهرون يطالبون بإسقاط حكومة نتنياهو    هوكستين من بيروت: نسعى لتفادي حرب كبيرة    رئيس الوزراء بجمهورية النيجر يُغادر جدة بعد أدائه مناسك الحج    أمطار بمعظم المناطق.. وأجواء حارة بالمشاعر    جامعة جازان إلى العالمية بالتنمية المستدامة    الطبقة الموسيقية الدولية: أداة توحيد للعزف والغناء    صفقة أسلحة أمريكية ضخمة إلى إسرائيل    الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في السودان    طيار مصري يفارق الحياة في الجو… ومساعده يبلغ الركاب ويغير مسار الرحلة خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    6 نصائح للمتكممين خلال العيد    تعرف على درجات الحرارة في مكة والمشاعر المقدسة    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    في 2025.. ستصبح الشوكولاتة باهظة الثمن !    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    رسالة لم تقرأ..!    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    بعوضة في 13 دولة تهدد إجازتك الصيفية !    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب الحرم المكي: المؤمن الحق طيب النفس يتجمل بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال
نشر في المواطن يوم 22 - 12 - 2017

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي المسلمين بتقوى الله عزّ وجلّ والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام اليوم إن من أوصاف المؤمن التي تبين حقيقة حاله، وتكشف عن نبل أصله وكريم خصاله، وصفه بأنه طيب، وكل امرئ منا يحب أن يوصف بذلك، ويكره ويبغض أن يوصف بأنه خبيث، بل وينفر من أن يكون من أهل هذا الطبع فإذا كان الأمر كذلك فما هي صفات الطييبين ؟ وبأي شيء يتميزون ؟ وكيف يعيشون ؟.
وذكر جملة من النصوص الشرعية التي تجيبنا عن هذه التساؤلات، فعَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تعالى خلقَ آدمَ مِن قَبضةٍ قَبضَها مِن جَميعِ الأَرضِ فجاءَ بنُو آدمَ على قَدْرِ الأَرضِ فجاءَ منهُم الأَحمَرُ والأَبيَضُ والأَسوَدُ وبَينَ ذلكَ والسَّهلُ والحَزْنُ والخَبِيثُ والطَّيِّبُ). رواه الترمذي، وقال هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ، فهذا يدل على التفاوت الفطري في الطباع الخَلْقية، وفي مسند الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِد) فشبّه عليه الصلاة والسلام المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطناً وأخلاقُ الإسلام ظاهراً بالنحلة التي تأكل بأمر مسخرها سبحانه (ثم كلي من كل الثمرات..) وإن وضعت، وضعت طيباً فلا يخرج منها إلا الطيب (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس..) وهكذا المؤمن طيب الأفعال كريم الأخلاق صالح الأعمال.
وقال الشيخ غزاوي إن الإنسان الطيب هو الطاهر المطهر الذي يحرص على أن يتجرد من كل نقص ودنس يتطرق إليه ويُخل بإيمانه، وينأى بنفسه عن التلبس بالجهل والفسق وقبائح الأعمال، وفي المقابل يتحلى ويتجمل بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال ويسعى في إصلاح نفسه وتقويمها وتكمليها، فطاب قلبُه بمعرفة الله ومحبتِه، ولسانُه بذكره والثناءِ عليه، وجوارحُه بطاعته والإقبالِ عليه، روى الإمام أحمد وغيره عن علي رضي الله عنه قال جاء عمار بن ياسر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ائذنوا له مرحباً بالطيب المطيّب) أي الطاهر المطهر.
وأوضح فضيلته أن المؤمن طيب في كل شيء في أعماله وتصرفاته وتَجواله وتنقلاته وفي حياته وبعد مماته فإن سألتم عن نفس المؤمن فهي نفس طيبة، فعن معاذ بن عبْدِاللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ َبِيهِ عَنْ عَمِّهِ قال (كنا في مجلس فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى رأسه أثر ماء، فقال له بعضنا : نَرَاكَ اليوم طَيِّبَ النَّفْسِ ؟ قفَالَ : أَجَلْ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، ثُمَّ أفاض القوم في ذكر الغنى، فَقَالَ : لا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى، وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، َوطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النعَيمِ) رواه ابن ماجه.
وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن من النعيم أن يكون العبد طيب النفس، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على مكان كلِّ عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) قال ابن حجر رحمه الله: والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس، وقال ابن عبد البر رحمه الله: هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومُه عليه صدقة.
وبين الشيخ غزاوي أن للمؤمن كلمة طيبة يعتز بها لا تفارق لسانه مدة بقائه وعند مماته وقد جاء ذكرها في قوله تعالى (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)، يبين لنا معنى الآية ما أخرجه الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (كلمةً طيبةً) شهادة ألا إله إلا الله (كشجرة طيبة) وهو المؤمن (أصلها ثابت) يقول لا إله إلا الله ثابت في قلب المؤمن (وفرعها في السماء) يقول يُرفعُ بها عمل المؤمن إلى السماء فطب نفساً وقر عيناً أيها المسلم بهذه الكلمة الطيبة كلمةِ التوحيد لا إله إلا الله واستحضرها دوما وتذكّر أن من كان آخرُ كلامه في الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة فسل ربك الثبات حتى الممات، قال الله تعالى (وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد) فهدى الله المؤمن إلى الطيب من القول الذي أفضلهُ وأطيبهُ كلمةُ الإخلاص، ثم سائر الأقوال الطيبة التي فيها ذكر الله، أو إحسان إلى عباد الله، وقال جل ثناؤه (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فالكلم الطيب من قراءة وتسبيح وتحميد وتهليل وكل كلام حسن طيب فيرفع إلى الله ويعرض عليه ويثني على صاحبه بين الملأ الأعلى ومما يحرص عليه المؤمن كذلك إفشاء السلام فإنها تحية من عند الله مباركة وموصوفة بأنها طيبة لأنها من الكلام الطيب المحبوب عند الله الذي فيه طيب نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة.
وبين أن الطيبين من الرجال والطيبات من النساء يحرصون على أشباههم وما يوافق أفعالهم، قال تعالى (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) فكل طيب من الرجال والنساء والكلمات والأفعال مناسب للطيب وموافق له ومقترن به ومشاكل له، وفي قوله تعالى (والطيبات للطيبين ) تنبيه أن الأعمال الطيبة تكون من الطيبين فداوموا عباد الله على الأعمال الطيبة ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، لا تأخذوا الأعمال السيئة وتتركوا الأعمال الصالحة والطيبات من الكلام أفضلُه وأحسنُه فاعملوا بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم (أطعموا الطعام وأطيبوا الكلام) رواه الطبراني، وتذكروا بشارة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقول : (إن في الجنة لغرفاً يُرى ظهورُها من بطونها وبطونُها من ظهورها، فقام إليه أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله ؟ قال هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام) رواه الترمذي من حديث علي رضي الله عنه.
وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن المؤمن ينتفع بالطيبات من الرزق، قال تعالى (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) ويحرص أن يكون كسبه طيباً، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم) وقال (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك. قال القرطبي : ساوى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام ثم شمل الكل في الوعد الذي تضمنه قوله تعالى (إني بما تعملون عليم) صلى الله على رسله وأنبيائه وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم فإلى من استبدل الخبيث بالطيب وكَسَب المالَ من الحرام وأنفقه في الحرام تذكر قولَه عز وجل (إني بما تعملون عليم) وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم (الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه من طيب) رواه ابن ماجه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، والمسلم يحرص كذلك أن تكون صدقته من كَسب طيب عملا بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد) أمر الله أن يقصد العباد الطيب عند الإنفاق ولا يقصدوا الخبيث وما أعظمَ أجرَ من تصدق من كسب طيب ولو كان شيئا يسيرا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وبين أن من علامة طيبة المؤمن التزاور والتواصل مع إخوانه المسلمين وهو في سبيل تحقيق ذلك يمشي إلى الخير ويسعى إلى الطيب جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه منادٍ أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا) قال الطيبي رحمه الله : دعاء له بطيب العيش في الأخرى كما أن طبت دعاء له بطيب العيش في الدنيا ومعنى طبت بمعنى طُهّرت وزكيت فبوركت أقدام تمشي إلى الطهارة والزكاة وتعساً لأقدام تمشي إلى الحرام وتقصد الحرام وتطييب قلوب عباد الله من علامات طيب القلوب، كما جاء في وصف الذين يؤدون إلى الناس حقوقهم وافيةً زائدة قوله صلى الله عليه وسلم: (إن خيار عباد الله عند الله الموفون المطيبون) رواه الطبراني من حديث أبي حميد الساعدي، وأقصر طريق إلى القلوب الكلمة الطيبة قال رسول الله : (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة) رواه البخاري من حديث عدي بن حاتم والمؤمن أيضاً عباد الله يطلب الطيب في مظهره فيلبس البياض لقوله صلى الله عليه وسلم : (الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ) رواه النسائي من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال المناوي رحمه الله : قوله (وأطيب) لغلبة دلالتها على التواضع والتَّخشُّع وعدم الكِبر والعُجْب، ولهذه الأَطْيبية ندب إيثارها في المحافل كشهود جمعة وحضور مسجد ولقاء الملائكة؛ ولذلك فُضِّلت في التكفين كما قال: (وكفِّنوا فيها موتاكم).
وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن من اهتمام المؤمن بطهارة جسده اهتمامه بنظافة فمه يطهره ويطيبه بالسواك كما في الحديث الصحيح (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) رواه النسائي من حديث عائشة رضي الله عنها فهو يطيب فمه إذ هو محِلّ الذكر والمناجاة وكذلك يتطيب في جسده اقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُكة يتطيب منها، ومعنى السُكة : طيب مجموعَ من أخلاطٍ، ويحتمل أن يكون وعاءً يجعل فيه الطيب ومن هذا يتبين خطأ الذين يهملون أنفسهم فتبدو ثيابهم متسخة وروائحهم كريهة وهم قادرون على نظافتها وطهارتها، وعجبا لحال أولئك الذين يتركون التطيب ويغيرون روائح أفواههم وملابسهم بالدخان والمستقذرات وهكذا أيها الأخوة فإن الطيبين حياتهم طهارة وزكاة ونقاء.
وأكد الشيخ غزاوي أن المؤمن يعيش في هذه الدنيا حياة سعيدة مستقرة وذلك لطمأنينة قلبه وسكون نفسه وانشراح صدره، إنه يعيش حياة طيبة، وهذا ما وعده الله عباده المؤمنين في كتابه المبين (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة..) الآية وبعد أن يعيش في هذه الدنيا حياة طيبة يُتوفى طيباً ويموت طاهراً قال تعالى : (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) طيبين طاهرين من الشرك صالحين زاكية أفعالهم وأقوالهم، وتكون وفاتهم طيبة سهلة لا صعوبة فيها ولا عسر ولا ألم معافَيْن من الكرب وعذاب الموت تقول لهم الملائكة (سلام عليكم) طمأنة لقلوبهم وترحيباً بقدومهم (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) تعجيلاً لهم بالبشرى هذه هي النفوس المؤمنة الطيبة تبشر عند موتها وتخرج طيبة وينادى عليها، فقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحاً، قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان، وربّ غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا ؟ فيقول: فلان، فيقال: مرحباً بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله تبارك وتعالى فيا لها من خاتمة حسنة وثمرة طيبة نسأل الله من فضله، ثم يوم القيامة وعلى أبواب الجنة يقال لهم (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) ويجدون من النعيم الدائم الذي لا ينقطع، قال تعالى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) طوبى قيل هي اسم شجرة في الجنة وقيل بل إشارة إلى كل مستطاب في الجنة من بقاء بلا فناء وعز بلا زوال وغنى بلا فقر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.