لم يكن يدور في ذهن عامل المدفأة (وورد ) أنه سيصبح سيد القصر ذات يوم . وأن اللورد ( جاك ) الذي صفعه ذات مساء شديد البرودة سيتحول الى رجل بئيس يسكن بيتاً خشبياً في أطراف مدينة الضباب ..!! «1» .. ( جاك ) حطم المرآة وهو يرى وجه ( وورد) يمر من خلفه.. وصاح في وجهه : « قلت لك لا تمرمن هنا «..!! «2» .. ربما كان خطأ ( وورد) الذي لايغتفرأنه حمل الحطب من الخارج على ظهره كي يوفر الدفء لسيده . لكن الخطأ الأكبر عند ( جاك ) أنه يشبهه وكثيراً مايرددون : كأنك هو أو كأنه أنت «..!! «3» .. المسألة بالنسبة ( لجاك ) تتجاوز الشبه وهو يرى أنه (يخلق من الشبه أربعين ) مجرد خرافة ..!! ..القضية الحقيقية هي الشعوربوجود مسافة كبيرة بين الاثنين ..!! «4» .. وأنا ( هنا ) سأتجاوزعملية الشبه ،فما يهمني هو حجم المسافة بين الطرفين . وما يهمني أكثر هو لون وطعم الحياة في داخل كل طرف ..!! «5» .. من فضل الله علينا أن حجم الرضا في وجدان الطرف الأدنى كبير جداً، لذلك هم يعيشون حياتهم ببساطة هادئة بعكس أولئك الذين دائما هم متوترون ،متجهمون..!! «6» .. قبل أسبوعين كنت مدعواً عند صديق في أحد الفنادق الشهيرة ،كان على الطاولة المجاورة سيدتان يبدو أنهما من ذوات الثراء الفاحش، إحداهن كانت منفعلة بطريقة غريبة ..! وحين غادرت وجدت في موقع ليس ببعيد عجوزاً من جنسية أفريقية تنبش في صندوق مخلفات ،وقف الى جوارها أحدهم أعطاها نقوداً.. تبسمت ودعت له ..!! «7» .. قبل أسابيع أقام جيراني من إحدى الجاليات في مكة زواجاً.. افترشوا ساحة أحد الأزقة الخلفية وستروها بتيازير الخيام .. المكان ببساطته الشديدة كان يضج بالضحكات والحكايات والثرثرات والرقصات..!! «8» .. وفي ذات الأسبوع ،حضرت زواج شخصية مرموقة في قاعة ليلتي بجدة .. (هنا ) النقيض تماماً.. فخامة (ومشالح ) ومظاهرفارهة لكنك كأنك تدخل مقبرة، صمت وتجهُّم وذاتية مفرطة..!! «9» .. حتى في الحزن تجد ذات الفرق ..فهناك من يواسي من قلبه وهناك من يتحدث عن الصفقات فوق المقبرة ..!! «10» .. تذكرت تلك المسافة التي كان يتحدث عنها ( جاك ) ليست مجرد شبه . الحياة والفرح والحزن هي هي ولكنها تختلف فقط في مقدار إحساسنا بها .!! «11» .. انه الشعور الحقيقي الذي كان يصفه لنا سيد الخلق ( من بات آمناً في سربه ،معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)لكي نعيش حياة هادئة ..!!