العَالَمَان العربي والإسلامي يعيشان هذه الأيام واقعاً مأسوياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، قتْلٌ وحِصَارٌ لإخواننا في غَزّة، وذبح وتهجير للمسلمين في بورما وأفريقيا الوسطى، والعديد من دول العالم، وهناك الفقر والجوع والجهل والمرض تلك التي تفتك بطائفة كبيرة من المسلمين في أرجاء المعمورة!! الشعوب الإسلامية تعيش هذه المآسي الإنسانية، بينما الكثير من قادة السياسة، وأهل الفكر والرأي من المسلمين قد انشغلوا بالصراعات السياسية والإقليمية الضيقة، والحروب الأيدلوجية والفكرية التي كرّست لانقسام المسلمين! والنتيجة صَمْت عالمي عن الاعتداءات والجرائم التي تُرْتَكب في حق إخواننا في غَزّة وغيرها، وكذا ظهور جماعات إرهابية ارتدت رداء الإسلام وشَوّهت صورته النقية بأعمالها الإجرامية!! وهنا وبحسب العُرف الإنساني عندما يَشْتد الخَطبُ، وتزيد ظلمة ليل المعاناة، ترتفع الأصوات العاقلة الناطقة بالحكمة التي تحاول فتح المعابر للوصول لنور الحقّ والعدل، ولذا فقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي وجهها ظهر أَمْسِ الجمعة للعاَلَم كلِّه في وقتها؛ فقد شخصت بنبضات صادقة واقعنا العربي والإسلامي، ورسمت النقاط على الحروف ، ووضعت الجميع أمام مسئولياتهم. فخادم الحرمين الشريفين من خلال كلمته واصل مبادراته ومحاولاته الدائمة لتقريب المسافات بين المسلمين؛ فكانت دعوته الصادقة لنبذ الخلافات والانقسامات، والاجتماع حول الإسلام، وحماية المسلمين والدفاع عن قضاياهم، وتلك الدعوة لم تكن للزعماء السياسيين فقط بل شملت أهل العلم والرأي إدراكاً منه حفظه الله لمكانتهم ودورهم في خدمة دينهم ومجتمعاتهم. ولأن الإرهاب ذاك الداء الفتاك الذي لا دين له ولا لغة (يُهَدّد العالم أجمع)؛ فقد طالب خادم الحرمين الشريفين العَالَم بأن يتحدَ لمحاربته بشتى صوره وأياً كان مصدره جماعة كانت أو دولة!! ومطالبات خادم الحرمين الشريفين في هذا الميدان ليست مجرد كلمات، بل كان هناك الأفعال فالمملكة سباقة في محاربة الإرهاب عسكرياً وفكرياً وأقامت الكثير من المؤتمرات والندوات الدولية في هذا المجال، ونظمت لقاءات سعَت لغرس ثقافة الحوار والتعايش بين أتباع الأديان والثقافات! ويبقى أن المملكة العربية السعودية سباقة دائماً لِحمل لواء الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وفي مكافحة الإرهاب؛ فالعالم يتطلع دائماً لدورها الرائد، وصوتها العاقل المتزن في تلك الميادين، و كلمة خادم الحرمين الشريفين التي حملت العديد من المضامين المهمة خطوة مهمة في هذا الاتجاه، ويجب أن يُفيد منها أهل الرأي في العَالَم للوصول لحياة آمنة مستقرة. [email protected]