يعيش في رعاية ألوف مؤلفة ينفقون عليه، يستبقونه بينهم، وهو يتربص بهم وبنا وبأحبتنا فيضر ويقتل! وليس هذا تقولاً ومبالغة لإثارتكم، فأنتم تعرفون صحته بالتجربة وبالعلم وحتى بالفطرة. كلكم تعرفون العفن المستشري، قرين السوء الذي بات كغيره من الأمور التي تفشت واستهنتم بها وضعفتم دونها حتى انقلب الأمر فاعتدتم عليها بل وعلى الدفاع عنها وتغضبون ممن يكلمكم فيها! أكره هذا العابث الهين الذي جعلناه عزيزاً! كيف لا أكره التدخين كرهاً شديدا وقد أرسل أحبة لي إلى المستشفيات وأسلم غيرهم للجراحة والمعاناة قبل أن يغيب بعضهم بسببه عن حياتي؟ عجبي لا ينتهي ممن عانوا بسببه ولا يكرهونه. إن لم يكن حراماً فانه في أهون الأحوال مكروه، دخيل بغيض بمآسيه، منفر برائحته التي تتعدى كما يتعدى صاحبها بنفثها فيمن حوله بلا أدب الإستئذان الذي يكون حتى في الأمور غير الضارة، وبلا مراعاة لود ولا لصداقة ولا لقرابة ولا لاحتمال مرض أحد حوله! أيها الأفاضل المحترمون الأجلاء المترفعون عن كل أمر مقزز وعادة كريهة وخلق شاذ، الباحثون عن العطر الجميل والعادة الحسنة والخلق الجذاب، كيف تحابون وباء خبيثا وتتخذونه خليلاً تنفقون عليه ما يحتاجه آخرون في كل مكان وتحتاجونه أنتم في الحياة الأخرى؟ ليتكم تترفعون عن ظلم أنفسكم وغيركم بأن تكُفّوا أذى التدخين عنكم وعن الصغار والكبار. ألا تخشون من سنة سيئة تعرفون مردودها الخطير ممن يعمل بها اقتداء بكم؟ تذكروا آباء وإخوة وأبناء عذبهم أو قتلهم ذلك البلاء لتنتقموا لهم بتركه إن صدقتم في محبتهم ومحبة أنفسكم وضيوفكم ومضيفيكم وجلسائكم. كل من رضي ذلك البلاء الوضيع علامة له ومسيطرا عليه أسأله أن يحرك الغيرة في نفسه ليكرمها ويرفعها، أسأله أن يبدأ حياة جديدة حرة صحيحة خالية من سموم ووهم أدخنة حارقة منفرة ليرى النتائج السحرية في ذهنه ونشاطه وأنفاسه وقدراته كلها وفيمن حوله من أهله وغيرهم، وفي الطمأنينة اذا ما قام بين يدي مولانا جل جلاله في جماعة أو وحده. ما ألذ اتخاذ القرار الذي فيه العدل الراقي مع النفس والأنفس، وما أسهل البداية فهي دائما بخطوة حرة حازمة واحدة فقط وفي أي وقت وعمر. فارس محمد عمر - المدينة المنورة