المياه الوطنية تجري 4100 فحص مخبري يومياً خلال موسم الحج    القادسية يشارك في بطولة MADCUP الإسبانية    فيلم "ولاد رزق 3" يحطم الأرقام القياسية في السينما المصرية بأكثر من 18 مليون جنيه في يوم واحد    خادم الحرمين الشريفين يتكفل بنفقات الهدي ل 3322 حاجاً وحاجة من برنامج الضيوف    «الناتو» يبحث نشر أسلحة نووية جاهزة للإطلاق    تراجع أسعار النفط والذهب    51.8 درجة حرارة المنطقة المركزية بالمسجد الحرام    هيئة الاتصالات: وصول مكالمات الحجاج إلى 44.8 مليون مكالمة في مكة والمشاعر خلال يوم العيد    عروض الدرعية تجذب الزوار بالعيد    "الأونروا": الأعمال القتالية مستمرة في غزة رغم إعلان الجيش الإسرائيلي    "الصحة" للحجاج: تجنبوا الجمرات حتى ال4 عصراً    إنقاذ حياة حاجة عراقية من جلطة دماغية    عيد الأضحى بمخيمات ضيوف الملك ملتقى للثقافات والأعراق والألوان الدولية    نائب أمير مكة يستقبل مدير عام الدفاع المدني المكلف وقائد قوات أمن المنشآت    الرئيس المصري يُغادر جدة بعد أدائه مناسك الحج    نائب أمير مكة يستقبل وزير الحج ووزير النقل والخدمات اللوجستية وقائد قوات أمن الحج    «الصحة»: 2764 حالة إجهاد حراري بين الحجاج أول أيام العيد.. تجنبوا الخروج وقت الذروة    تفادياً لانضمام سموتريتش وبن غفير.. نتنياهو يحل مجلس الحرب    بيئة القصيم : 8 الاف اضحية تستقبلها المسالخ أول أيام عيد الأضحى    "إنذر أصفر"ارتفاع درجة الحرارة الى 47-48 في المشاعر المقدسة    نائب أمير مكة يطّلع على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وجاهزية خطط أيام التشريق    انخفاض سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    الحكومة الهندية تدرس خفض الضرائب لزيادة الطلب    رونالدو "ماكينة" الأرقام القياسية يتطلع إلى المزيد في ألمانيا    «الأرصاد»: «49 درجة مئوية» الحرارة العظمى المتوقعة في منى ومكة.. اليوم    مصرع 5 أشخاص في حادث تصادم قطارين في الهند    كاليفورنيا ..حرائق تلتهم الغابات وتتسبب بعمليات إجلاء    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    1 من كل 7 بالغين مهدد بالابتزاز الجنسي    رئيس "سبل" يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الأضحى    الشؤون الإسلامية تعايد ضيوف خادم الحرمين الشريفين بعيد الأضحى المبارك    أمير جازان يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    عبدالعزيز بن سعود يلتقي منسوبي الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية    الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للبحر الأحمر يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    قتل تمساح ابتلع امرأة !    وليّ العهد يستعرض مع شارل ميشيل القضايا الإقليمية    «السراب» يجمع يسرا اللوزي وخالد النبوي    مصادر «عكاظ»: هتان يحدد مصيره «الاحترافي» عقب رحلة أمريكا    محافظ الطائف يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    في أمنٍ واطمئنان.. الحجاج يستقرون في منى    استثمار منصات التواصل في تجديد الخطاب والرد على شُبُهاتِ أهل الإلحاد    «الداخلية» للحجاج: تقيّدوا بالمواعيد والمسارات والاتجاهات المحددة    40 نيابة لمباشرة القضايا في الحج    «الإحصاء»: التضخم يواصل استقراره.. وصعود طفيف للأسعار    1 من 6 مصابون به.. هذه المشكلات وراء العقم في العالم    5 فوائد صحية لماء البامية للرجال    العيد.. فرصة للتجديد!    ردة الفعل تجاه مستيقظي العقل    نستثمر في مستقبل المملكة والعالم    تين هاج: إدارة مانشستر يونايتد أبلغتني بالاستمرار مدربا للفريق    العيال لم تكبر !    في فمي ماء !    دعم سعودي لجهود إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني    عاتق البلادي يحصي آثار أم القرى    الأمير خالد الفيصل يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بحلول عيد الأضحى المبارك    أمير منطقة تبوك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على صفحات القرآن قابلتُ نفسي ( 2)
نشر في المدينة يوم 19 - 04 - 2013

وفي كل ليلة كنت أضع أسئلتي واعتراضاتي، ولكني كنت إلى حد ما، أكتشف الإجابة في اليوم التالي، ويبدو أن القرآن كان يقرأ أفكاري
لماذا أسلم بروفسور الرياضيات الملحد؟
افتتح د. جيفري لانغ فصل «القرآن» في كتابه «الصراع من أجل الإيمان» (ص52) بعبارة مهمة عن أثر القرآن في العقول، يقول فيها المستشرق البريطاني المشهور هاملتون جيب: (إنه لمن المؤكد حقا أن دراسة القرآن ما ضعفت يوما كما أن إيقاعاته المسيطرة ما فقدت تأثيرها في عقول الناس).
بعبارات جميلة أخاذة وصف بروفسور الرياضيات حالته الفكرية والشعورية حين بدأ رحلة طرح الأسئلة الكبرى التي قادته إلى الإلحاد على القرآن، ولنقرأ كلامه حين قرأ القرآن لأول مرة حين كان ملحدا وقت ذاك: (إذا ما أخذت القرآن بجدية فإنه لا يمكنك قراءته ببساطة، فإما أن تكون لتوك قد استسلمت له، أو أنك ستقاومه، فهو يحمل عليك وكأن له حقوقا عليك بشكل مباشر وشخصي، وهو يجادلك وينتقدك ويخجلك ويتحداك، ومن حيث الظاهر يرسم خطوط المعركة، ولقد كنت على الطرف الآخر في المواجهة، ولم أكن في وضع أحسد عليه، إذ بدا واضحا أن المتكلم بهذا القرآن كان يعرفني أكثر من نفسي... لقد كان القرآن يسبقني دوما في تفكيري ويزيل الحواجز التي كنت قد بنيتها منذ سنوات، وكان يخاطب تساؤلاتي.
وفي كل ليلة كنت أضع أسئلتي واعتراضاتي، ولكني كنت إلى حد ما، أكتشف الإجابة في اليوم التالي، ويبدو أن القرآن كان يقرأ أفكاري، ويكتب الأسطر المناسبة لحين موعد قراءتي القادمة. لقد قابلت نفسي وجها لوجه في صفحات القرآن وكنت خائفا مما رأيت، كنت أشعر بالانقياد بحيث أشق طريقي إلى الزاوية التي لم تحتو سوى على خيار واحد). (الصراع من أجل الإيمان ص 34)
يمضي «جيفري «في قراءة القرآن فيتحدث بشكل مبهر عن قصة خلق آدم وهبوطه إلى الأرض، مع ملاحظة أنه يحكي هنا أحداثا جرت له عندما كان ملحدا قبل أن يسلم، ولهذا سنجد أن سياق الكلام يعبر عن حالته تلك، يقول «لانغ »:
( لم أقرأ في حياتي شيئا سبب لي تشويشا أكثر من هذه الآيات العشر: «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة....» «البقرة: 30 - 39»
لم استطع التوقف لحظة عن التفكير فيها، كنت أفكر فيها ليل نهار في أثناء الطعام وخلال ذهابي إلى عملي وإيابي منه، وعندما أجلس وحدي، وحين أشاهد التلفاز، ووقت أوي إلى فراشي، وظللت أقلبها وأراجعها في ذهني محاولا تجميعها معا كقطع الأحجية، وغدت هي المحك عند قراءتي لبقية القرآن، وكلما أتيت إلى نص يبدو أنه ذو علاقة بموضوع غاية الحياة، أقارنه بالأفكار التي طرحت في هذه القصة، بدأت أشعر رويدا رويدا أني كنت أحل شيئا من عقدة الأسئلة المتشابكة التي أوجدتها هذه القصة، ولكني لم استطع تجميعها في تفسير معقول لوجود الإنسان على الأرض، كنت تواقا لمتابعة تحقيقاتي وتقصياتي... فاجأتني الآية الثلاثون من سورة البقرة هذه، ليس لأنها تبدأ بقصة تتعلق بأول رجل وأول امرأة، بل بالطريقة التي تعرض بموجبها هذه الحكاية، وعندما قرأتها شعرت أني وحيد (معزول) وكأن المتكلم دفعني جانبا وألقى بي في فضاء خال صامت كي يحدثني وحدي مباشرة...
إن الملائكة هم الذين اعترضوا قائلين (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) فسؤالهم في الأصل كان: لماذا تخلق يا ربنا أكثر المخلوقات عنفا واقترافا للذنوب؟
لماذا تضع يا رب على الأرض من يحدث فيها خرابا ودمارا؟
ويكتسب هذا السؤال قوة أعظم؛ لأنه طرح في السماء... لقد كان سؤال الملائكة هو سؤالي تماما!! نعم هذا هو اعتراضي!!
لقد غلفت حياتي كلها في هذه الأسطر!! شعرت وكأن القرآن يهز عواطفي ليستفزني... لقد بدا لي على الفور أن للقرآن برنامجا آخر، وأن له رؤية ورسالة مختلفتين كليا عن فكرة كانت ملتصقة في ذهني نتيجة قراءة قصة الخلق في «الكتاب المقدس» وهي أن الحياة على الأرض كانت عقوبة بسبب الخطيئة البشرية التي جرت من آدم، وليست فرصة لنا لنكون خلفاء لله!!
لقد ظهر لي أن القرآن في هذه القصة المحورية والمهمة يركز على ذكاء الإنسان... لقد تعجبت للطريقة التي يجمع فيها القرآن هذا القدر الكبير من المعنى في كلمات قليلة، ولنلاحظ أن آدم لم يسم الأشياء المحيطة به فحسب، بل إن الله علمه، الأمر الذي يؤكد على مقدرة الإنسان على التعلم، وعلى ذكائه، ولنلاحظ أيضا ما يتعلمه آدم. إنه يكتسب القدرة على تسمية كل الأشياء، وعلى وضع رموز لفظية لما يدركه كله، ولأفكاره جميعها وخبراته ومشاعره.
ويؤكد القرآن على موهبة اللغة دون مواهب الإنسان الأخرى؛ لأنها على ما يبدو هي الأداة الفكرية المتطورة جدا التي تميز الإنسان عن بقية المخلوقات الأرضية، فبفضل اللغة ينمو بنو الإنسان، أكثر من أي موهبة أخرى، ويتقدمون ويتعلمون... وتبين قصة خلق آدم بوضوح بروز الذكاء البشري في الجواب عن سؤال الملائكة الذي كان من ضمن أهم أسئلتي أيضا... لقد نجح آدم حين أخفق الملائكة في تسمية الأشياء مبينا ذكاءه المتفوق عليهم... صحيح أن الله خلق في الإنسان القدرة على ارتكاب الخطأ ولكنه منحه صفات أخرى، لم يستطع الملائكة فهمها ولا تقديرها حق قدرها...لقد كانت الملائكة لا تعلم مثلي الجانب الآخر من الطبيعة البشرية. صحيح أن بعض الناس يستطيعون ارتكاب أخطاء فادحة، ولكن آخرين يستطيعون فعل خير عظيم، وبعض الأفراد قادرون على التضحية بالنفس، وعلى القيام بأكثر الأعمال عدالة ونبلا وأوسعها إحسانا وكرما، وأشدها دفئا ولطفا، ويستطيع ناس أن يبدوا أعلى درجات الرحمة والعطف تجاه أقرانهم البشر... مثلي كمثل الملائكة لم أفكر بهذا، لم أر لزمن طويل سوى الجانب المظلم من الشخصية البشرية... وعندما نجح آدم وأخفقت الملائكة قال الله لهم: (اسجدوا لآدم) فسجدوا مظهرين اعترافهم بتفوقه، والسجود رمز للخضوع ومع ذلك رفض إبليس أن يسجد، وبرفضه يبين الله أن أصل نشوء الخطيئة الكبر الزائف المدمر للذات، وليس أصل الخطيئة كما في القرآن هو المال أو الطمع أو الشهوة) انتهى النقل باختصار وتصرف من كتاب «ضياع ديني».
وسنواصل إن شاء الله في الحلقة القادمة رحلة بروفسور الرياضيات مع القرآن، وتدبره لمعنى الحياة وغايتها التي اكتشفها في القرآن، وقادته إلى الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.