الحمد لله الذي بلغنا رمضان، وندعوه سبحانه أن ينعم علينا بتمام صيامه وقيامه، ولكن رمضان يعود علينا هذا العام بوجه حزين، فعلى الصعيد الوطني يأتي رمضان ونحن نفتقد ابتسامة سلطان بن عبد العزيز البشوشة وإطلالة نايف بن عبد العزيز الحانية، قائدين عظيمين فقدناهما في خلال أشهر قليلة، كما افتقدنا قبلهما القلب الكبير للأمير محمد بن عبدالله الفيصل.. فتوالت الأحزان ولكن ما لبث الوطن أن ضمد جراحه والتف حول قيادته ومضى يعايش أحزان رمضان ويرنو إلى المستقبل بالأمل والثقة. وعلى الصعيد العربي والإسلامي والوطن العربي من شامه إلى يمنه ومن مشرقه إلى مغربه يموج في اضطراباته، فمن مذابح الشام الجريح إلى تفجيرات العراق الكسير إلى مآسي المسلمين في ميانمار وفي بلاد الساحل الإفريقية، وها هو اليمن الذي يدعى سعيداً يخرج من عنق الزجاجة السياسي ليجد نفسه أمام تحديات الأمن وتلبية الاحتياجات الأساسية للناس، وها هي مصر الكنانة تتلمس طريقها في الظلام ومثلها ليبيا وغيرها من بلاد المغرب العربي، ولا تسأل عن باكستان وأفغانستان فكلاهما يكيل لنفسه ولشعبه من المصاعب والتحديات ما يكيل وكأن البلدين لم يتجرعا ما فيه الكفاية من بطش الأغراب وجرائمهم، وفي إفريقيا يتأذى ضعاف المسلمين بين نيران التطرف وآلام الحرمان وعواصف الفرقة وتناحر القيادات. كم أنت حزين يا رمضان هذا العام.. فقبل أسابيع قليلة فقدت أغلى ما في الكون عندي عندما رحلت أمي فلم يعد عليها رمضان.. ولم أستمع إلى دعائها في أمسية دخول رمضان ولم أشهد إطلالتها في مجلس أسرتنا ولم أقبّلها ولا احتضنتها، وينوح إلى جواري راغب علامة وهو ينعي أمه بقوله: " غاب الفرح معها تركني وراح، ما كان يترك لي ولا ضحكة "، نعم يا أماه لقد صار للضحكة طعم مرير بعد رحيلك فلم أعد استطيبها، ولقد غاب الفرح بغيابك، فلقد كنت حضن طمأنينة ومنبعاً للسكينة وأمناً لقلبي وبرداً وسلاماً على روحي.. فاللهم ارحم أمي واجمعني بها في عليين. وفي غمرة هذه الأحزان تتفتح في حياتنا وردة وتشرق ابتسامة حين أطلت علينا في صباح أول أيام رمضان حفيدتي سحر، لتقول لي ان رحمة الله واسعة وخيره عميم وان الموت والحياة هي من سننه التي لا تبديل لها ولا تغيير فهو يعطي ويأخذ فصارت لقلبي سلوى ولجراحي بلسماً والحمد لله على كرمه وفضله. إيه يا رمضان.. كم أنت حزين!! ولكن من بين الأحزان تنبثق صيحة وليدة لتبعث في النفوس الأمل. [email protected]