استغلت نسبة كبيرة من المحطات الفضائية الناطقة بالعربية تلهف بعض الشباب للظهور، وفتحت الباب على مصراعيه لبث رسائل "S.M.S"، دون ضوابط مهنية وخلقية، حيث الهدف الأول لمعظمها جلب الأرباح ، فيما تعد إيرادات تلك الرسائل من أهم مصادر الدخل لها. الغريب في تلك الرسائل قيام شباب ببث نكت وشتائم تمس قيم المجتمع ، ومن يبعث برسالة إلى خطيبته تحتوى على غزل غير عفيف ، بل أن البعض يرسل رسالة باسم جارته أو زميلته في العمل أو الدراسة ،ويكتب فيها اسمها، ورقم هاتفها ،وان هواة التعارف ، وتتحول حياتها إلى جحيم بسبب المعاكسين، وهواة التسلية في المحرمات ، ناهيك عن الرسائل المقززة ،والتي تحوى عبارات بذيئة بحق شعوب وشخصيات قيادية في مجتمعها . والمؤسف أن فكرة الدردشة والتواصل بين الشباب تحولت إلى تجارة رخيصة بين المحطة وبعض شركات الاتصالات،حيث يتراوح سعر الدقيقة ما بين 150 إلى 199 هللة تتقاسمها المحطة والشركة صاحبة الرقم " قسمة غرماء "،وهو ما يدفع الغيورين على الدين للدعوة إلى وضع ضوابط لعمل تلك المحطات،ومعاقبة المخالفين كون ما تفعله يفتح بابا من أبواب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا .. فكيف نحمي شبابنا من هذا السيل الجارف؟ وكيف نحول تلك الوسائط الإعلامية في البناء كالدعوة للعمل الخيري ، ومساندة الأشقاء المضطهدين في فلسطينالمحتلة وغيرها؟. ضياع المال وفى تعليقه على هذه الظاهرة يرى الشاب صالح حمدان أن ما يقوم به البعض من رسائل دردشة أو تصويت يعود لفراغ داخلي، إضافة لامتلاكه بعض المال الذي حصل عليه دون عناء من والديه، ولهذا يلجأ لهذه الرسائل التي للأسف تسبب في ضياع ماله ووقته وجهده دون فائدة. أما الشاب مهند عصام فيصف تلك الرسائل بأنها "ضحك على الذقون" لا أكثر ولا أقل، فالقناة عندما تطلب من الشخص اسما مستعارا ليكتبه في الدردشة، وتحاول أن تأتي بشخص ليرد عليه تخلق جوا من الإثارة ، مشيرا إلى أن الشخص الذي ينجرف خلف تلك الرسائل يخدع نفسه، وكان أولى به أن يفعل شيئا مفيدا يعود عليه بالخير. الفراغ القاتل وفى رؤية وتحليل الخبراء والمختصين لهذه الظاهرة، أوضح أستاذ علم النفس بكلية التربية بمدينة جدة الدكتور سامر عرار أن رسائل الجوال التي ينجرف كثير من الناس خلفها خاصة فئة الشباب تعود لعدة أسباب من أهمها الفراغ الذي يعاني منه الشباب و يحاول استغلاله بشتى الطرق، دون إدراك حقيقي لمحتواها والعائد منها، وأضاف:" نجد أن لكل صنف طريقة يعبر بها عن نفسه سواء عن طريق الرسائل أو ما شابهها". وبين عرار أن جاذبية البرامج، والإعلانات المكثفة عن المسابقات والجوائز المالية تغرى البعض لإرسال تلك الرسائل، ويضيف:" الشاب عندما يرسل يجد أن تكلفة الرسالة بالشيء اليسير،ولكن رسالة بجانب أخرى تنتج ملايين الريالات للمحطة ولشركة الاتصالات.. وللأسف نسبة كبيرة من الناس أصبحت لا تقدر التكلفة المالية لها ..وأن الأموال التي دفعوها كان يمكن إنفاقها على يتيم أو مساعدة مسكين ". ومن جهته، أوضح المستشار الشرعي محمد العيسى بأن تلك الرسائل إهلاك للمال دون الاستفادة منه ،وتحسر على ما شاهده الأسبوع الماضي من قيام البعض بإرسال رسائل تصويتية عبر أحد القنوات والتي تجاوز عددها ال 30 مليون دولار في برنامج واحد لاختيار أفضل مطربة أو مطرب عربي . ونوه بأن ما يحدث مؤسف ومؤلم لدرجة كبيرة، وأن الناس عليها أن تميز بين الصواب والخطأ، وأنه لا يصح أن يحدث ما نراه الآن،وقال : "هذا الأمر قمة في الإسراف والتبذير ،وعلى الجميع الانتباه ،وأخذ الحيطة والحذر منه". وأشار إلى أن طرق العلاج لتلك الظاهرة هي تعريف الناس بأنهم لن يكسبوا شيئا من تلك الرسائل سواء أكانت شات أم تصويت ،وأنها في جميع الأحوال ضياع للوقت والمال. د. البدوى: علينا تشجيع المشاهدة الإيجابية للفضائيات تشير الدكتورة ثريا البدوي (أستاذ علاقات العامة والإعلان)، في دراسة لها أن رسائل SMS الفضائية منها ذات مضمون سلبي، وأخرى إيجابي، وأن الإيجابية منها هي الرسائل ذات المضامين الجيدة، كالرسائل في القنوات الدينية. وترى أن الرسائل السلبية تعود الشباب الاتكالية، وتقلل من قيمة العمل، خاصة الرسائل المتعلقة بالمسابقات فهي استنزاف للأموال، وإهدار للأوقات، ، ونتيجتها السباب والشتائم حين التصويت لمتسابق من المتسابقين في برامج مسابقات الأغاني أو الكرة. أما الرسائل التي يرسلها البعض من أجل التعرف على فتاة ومواعدتها ولقائها، فهي رسائل تدعو للإباحية داعية الخبراء إلى وضع أسس للتربية الإعلامية وإقرار ميثاق شرف مهنى للتعامل مع معطيات التقنية ، كما على الشباب تطبيق منطق المشاهدة النقدية، وألا ينقادوا وراء كل ما يرونه، وأن يبتعدوا عن هذه الرسائل التي تبتز أمواله، ويتجهوا للقنوات ذات المضامين الهادفة.