ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    أمطار خفيفة على منطقتي جازان وحائل    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    اتفاقيات مع الصين لبناء آلاف الوحدات السكنية    بيانات التضخم الأمريكي تصعد ب"الذهب"    عسير تكتسي بالأبيض    مطار الأحساء يطلق رحلة إضافية مباشرة لدبي    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    بينالي البندقية يزدان بوادي الفنّ السعودي    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    إغلاق منشأة تسببت في حالات تسمم غذائي بالرياض    الأحمدي يكتب.. الهلال يجدد عقد السعادة بحضور جماهيره    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    ليستر سيتي يعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    الإعلان عن تفعيل الاستثمارات المباشرة وانطلاق العمل الفعلي في صندوق "جَسور" الاستثماري    شركة TCL توحّد على نحو استباقي شركائها العالميين من أجل تحقيق العظمة في مؤتمر الشركاء العالميين لعام 2024    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 686 مليون ريال    وفاة الأمير منصور بن بدر    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    ريال مدريد يهزم سوسيداد ويقترب من التتويج بالدوري الإسباني    جيسوس يفسر اشارته وسبب رفض استبدال بونو    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «الدفاع الروسية» تعلن القضاء على ألف وخمسة جنود أوكرانيين في يوم واحد    رؤية الأجيال    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    إغلاق فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد حالات تسمم    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة العلم والنور

اكتسبت المدينة المنورة مكانة متميزة في قلوب المسلمين كونها عاصمة الإسلام الأولى ومهاجر الحبيب الهادي محمد صلى الله عليه وسلم ومنطلق الدعوة الإسلامية.
بنى فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها ثاني الحرمين الشريفين، وبها مثوى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وما تضمه بين جنباتها من إرث حضاري متأصل المعالم، وما تتمتع به من مقومات حضارية وفكرية، وما تمتلكه من إرث إسلامي بوّأها لأن تكون معقلًا للعلم والنور للعالم أجمع على مر العصور والأزمان، فبزغ فيها علماء كثيرون حملوا لواء العلم والمعرفة، وكانت عبر الزمن ملاذ الطامحين إلى المعالي، ووفد إليها علماء وطلاب علم من كل أصقاع الأرض جسّدوا وحدة الثقافة الإسلامية، كما انعكست صحوتها الثقافية على كل مَن أحب العيش فيها ليكون ميراثه الاجتماعي مآثر اكتسبها من فضل سكناها وبركة المكان وترجمت إلى سلوك حضاري في التعامل الإنساني، فعُرف أهلها بوفائهم وطيبتهم وكرمهم ونبل مشاعرهم، كما كان لتلك الكنوز الحضارية التي شملت مكانتها الإسلامية وإرثها الثقافي ومعالمها وتراثها كانت مثار دهشة وإعجاب الكثير من علماء الأمة في جميع أنحاء العالم الإسلامي ممّا دفع الباحثين منهم للتعمّق في سبر أغوارها وتوثيق تاريخها الثقافي والحضاري على مر العصور وتطويع الصور المثلى لتلك الثقافات من خلال مؤلفات تؤرخ ماضي طيبة وحاضرها من كتب ومخطوطات ووثائق خطت بلغات متعددة لتكون بمثابة صور مضيئة تجسّد أصالة الموروث لتشكّل امتدادًا لطموح الأجيال لينهلوا من معينها الذي لا ينضب لينير لها الطريق إلى الحق والهداية والنور.
وفي تقريرنا التالي نسلط الضوء على أبرز ملامح المدينة المنورة، ويشمل ذلك موروثها الثقافي والحضاري وما اكتسبته مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم من أهمية منذ هجرة الرسول الكريم إليها إلى عصرنا الحاضر.
تاريخ المدينة المنورة
عند الحديث عن تاريخ المدينة نجد أن المدينة المنورة عُرفت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم «يثرب»، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في قوله تعالى على لسان بعض المنافقين: «وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم» -سورة الأحزاب الآية 13-، وورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيّر اسمها من يثرب إلى المدينة، وسمّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء أخرى في عدد من الأحاديث النبوية أهمها: «طابة وطيبة»، أما أول مَن سكن يثرب فهم قبيلة عبيل، وقبيلة العماليق، ولكن المؤرخين يختلفون من هي الأسبق ويرجح البعض أن قبيلة عبيل هي الأسبق ثم جاء العماليق فأخرجوهم منها وسكنوها. وللمدينة المنورة خصائص خصّها الله تعالى بها عن سائر المدن، حيث سكنت فيها روح النبي الطاهر الأمين صلوات الله تعالى وسلامه عليه، وهي المركز الأول لانطلاق الدعوة إلى الله تعالى ودعوة الناس إلى الدين الحق، وتضم بين جنباتها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
----
الموقع والمكانة
من حيث الموقع الجغرافي والمساحة تقع منطقة المدينة المنورة في شمال غرب وسط المملكة، يشمل مساحة تمتد بين خطي طول (30َ،36ْ و 15َ ،42ْ شرقاً)، ودائرتي عرض (30َ ،22ْ و 30َ ،27ْ شمالا) وتبلغ مساحتها نحو( 153.8) ألف كم2 وهو ما يعادل (6.72% ) من إجمالي مساحة المملكة، وتكمن إستراتيجية الموقع وأهميته وفقًا لمقومات تشمل المكانة الدينية لوجود المسجد النبوي الشريف الذي يهوي إليه ملايين الزائرين على مدار العام من جميع أنحاء العالم ممّا أكسبها خصوصية دائمة، كما أن للمدينة المنورة أفضلية تشمل ترابها وزرعها وصاعها ومدها وكل ما بداخل حد الحرم فيها ليشمل شجرها وصيدها، علاوة على أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكناها.
وحظيت المدينة المنورة بحب النبي صلّى الله عليه وسلم وكانت لها المكانة العالية في قلبه صلى الله عليه وسلم فضائل خصّها بها الله تعالى منها ما روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال»، كما أن للمدينة حرمة فقال صلى الله عليه وسلم: «إن ابراهيم حرّم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة»، وروى مسلم: «حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة».
وفي أفضلية الإقامة فيها قال صلى الله عليه وسلم: «لا يصبر أحد على لأوائها وجهدها إلاّ كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة»، وهذا يدل على المكانة العظيمة التي اختصت بها المدينة المنورة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأهل المدينة المنورة بزيادة البركة في مدهم وصاعهم، وقد ثبت في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قوله في ذلك: «إني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة»، وعن أبي طوالة بن عامر بن سعد عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل سبع تمرات ما بين لابتيها حين يصبح لم يضره سم حتى يمسي»، ومن ذلك أيضًا استحباب الموت في المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها»، ممّا يبيّن صراحة على المكانة العالية التي تتمتع بها المدينة عن سائر البلدان والمدن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحقق الشفاعة فيمن يموت بها، ويا لها من مكانة عالية اختصت بها هذه المدينة المباركة من دعوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبركات الله عز وجل لها وتحقيقه فيها وعده.
كما أن للمدينة المنورة حرمة وآدابًا على المقيم بها أن يلتزم بها، ويبذل المستطاع من العمل الطيب المبارك الذي يحمد فاعله، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس حبًا للمدينة تأدبًا في المعاملة معها حينما يكون فيها، ومن هذا المنطلق فإنه يكون لزامًا على كل مسلم يقصدها أن يكون مجتهدًا في بذل المستطاع على أن يكون طالب علم، أو معلمًا كما قال نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأن لا يكون محدثًا فيها أو آويا لمحدث في هذا الوعيد من الله ورسوله، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». أمّا من حيث المكانة والموروث الحضاري فكان لموقع المدينة المنورة قبل الإسلام أهمية خاصة على طريق القوافل والذي يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الشام، وبما أنها كانت منطلق الدعوة إلى الإسلام وكونها عاصمة الإسلام الأولى ومطلع العهد الإسلامي زادت أهمية موقع المدينة من محطة تجارية إلى عاصمة لدولة إسلامية مترامية الأطراف، واستمر ذلك حتى نهاية عصر الخلفاء الراشدين، وزاد ذلك من أهميتها الدينية كمدينة تشد إليها الرحال من قبل جميع المسلمين لزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قبره الشريف وصاحبيه رضي الله عنهما. وهذا إضافة إلى عوامل أكدت الأهمية الإستراتيجية وعلى إثر ذلك تم في الماضي ربطها ببلاد الشام بخط سكة حديد عام 1326ه ، مما ساعد على انتعاش الأحوال الاقتصادية وسهولة اتصالها بالعالم الخارجي، واستمر ذلك حتى عهد توحيد المملكة العربية السعودية عام 1351ه، حيث بدأت عصرًا جديدًا من الازدهار والتطور.
----
منارة المعرفة والفكر
عُرفت المدينة المنورة عبر تاريخها كعاصمة للعلم والمعرفة، ورسّخ علماؤها بإنجازاتهم البارزة علامة فارقة في مسيرة المدينة المنورة الفكرية وكان ذلك منذ القدم، كما نبغ في عصرنا الحاضر جيلًا محبًا للعلم ونخبًا من المثقفين من أبناء المنطقة عبر السنين فكانوا امتدادًا لسابقيهم وكانوا نجومًا سطعت في سماء العلم والمعرفة والأدب وأسهموا بدور فاعل في غرس جذور الثقافة وسارت على خطاهم الأجيال، ولعل الشاهد على ذلك كثرة المجالس الثقافية والصالونات الأدبية المتعاقبة حتى عصرنا الحديث والعامرة بالشعراء والأدباء والمثقفين، وكانت المدينة المنورة منبعًا عذبًا لكل محب يرتادها الأدباء والمثقفون من كل مكان، وأصبحت مع الوقت بتميّز أدبائها ميدانًا لنثر نتاجهم وإبداعاتهم الشعرية والأدبية، وتدار في المجالس والندوات مواضيع شتى في مختلف فنون العلم والأدب والمعرفة، وفي العصر الحديث نشأت جلسات «القيلة والليلة»، أمّا القيلة فجلسة تُعقد نهارًا في أحد بساتين المدينة، وأمّا الليلة فهي جلسة تُعقد في الليل وتُختتم الجلسة عادةً بمائدة غذاء أو عشاء في أجواء تذوب فيها الفوارق الاجتماعية.
ومن أشهر المجالس الثقافية بالمدينة في الماضي والتي انبثقت من بيوت أعيان المدينة وأدبائها ومثقفيها وكان من روادها عدد كبير من أدباء وشعراء وأعيان المدينة: مجلس الشاعر عبدالجليل المدني وندوة السيد أنور عشقي ومجلس الشيخ أحمد إبراهيم عباس ومجلس آل القمقمجي كذلك مجلس أحمد ياسين الخياري وهو أحد أدباء المدينة ومؤرخيها المعروفين وله عدة كتب مطبوعة وكان مديرًا لمكتبة المسجد النبوي الشريف هذا بالإضافة لمجلس السيد عبيد عبدالله مدني وهو أحد أعيان المدينة المنورة ومؤرخيها وأدبائها ومدير الأوقاف فيها سابقًا والذي كان له مجلس أدبي وكان من روّاده مجموعة كبيرة من أدباء وعلماء ومؤرخي المدينة المنورة وأعيانها ورؤساء الدوائر الحكومية وكانوا يتناقشون في قضايا التاريخ والأدب والحياة الاجتماعية وظل المجلس قائمًا حتى وفاة صاحبه عام 1396ه ومجلس السيد أمين عبدالله مدني وهو أحد أعيان المدينة المنورة ومن كبار مؤرخيها وأدبائها وعلمائها وأحد رؤساء بلديتها السابقين وكان له مجلس يعقده في منزله الكائن في باب الشامي بحضور مجموعة كبيرة من أدباء المدينة المنورة ومثقفيها وضيوفها والمهتمين بالتاريخ والأدب ويناقشون فيه مختلف القضايا الأدبية والعلمية والتاريخية ومن أشهر روّاده
عبدالقدوس الأنصاري، ومحمد حسين زيدان، وجعفر فقيه، ومحمد الحافظ، وعباس قمقمجي، وعلي حافظ، وعثمان حافظ، ومحمد هاشم رشيد، ومحمد العيد الخطراوي، وغيرهم وظل المجلس قائمًا حتى وفاة صاحبه عام 1404ه وهناك أيضًا مجلس الدكتور نايف هاشم الدعيس وينعقد أسبوعيًّا بعد صلاة العشاء من يوم الثلاثاء ويحضره عدد من أساتذة الجامعات والأدباء والشخصيات الرسمية والمثقفين، والحديث يأخذنا إلى مجلس الشاعر المرحوم حسن مصطفى الصيرفي، وهو أحد شعراء المدينة وأدبائها المعروفين وأحد مؤسسي أسرة الوادي المبارك الأدبية وعضو نادي المدينة المنورة الأدبي كما تشكّلت ومنذ أواسط السبعينيات الهجرية أسرة الوادي المبارك التي كان يجتمع أعضاؤها في منزل من منازلهم بالتناوب ومن ثم أسفرت عن ولادة النادي الأدبي في المدينة المنورة عام 1395 ه. كما شهدت تلك الندوات عام 1355ه ولادة مجلة «المنهل» لمؤسسها عبدالقدوس الأنصاري وكذلك جريدة المدينة المنورة لمؤسسيها عثمان بن عبدالقادر حافظ وشقيقه علي حافظ والتي صدرت في العام 1356ه.
كما شكّلت مدرسة طيبة الثانوية التي أُنشئت عام 1362ه امتدادًا لنشر العلم في مدينة النور وجاءت انطلاقتها بعد إنشاء مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة (العزيزية حاليًّا) كأولى المدارس الثانوية في بلادنا، وقصة البدايات لهذه المدرسة والتي سنأتي على ذكرها حملت في طياتها عطاء الرجال المخلصين ممن بذلوا جهودًا لافتتاحها وقدموا الكثير لتقف شامخة وتنهض وتحظى باسم من أسماء هذه المدينة لتؤدي رسالتها على الوجه المطلوب نحو شباب المنطقة، وتوحدت الأهداف وتحققت الغايات وكان نتاج هذا العمل التربوي لهذا الصرح عبر تاريخه الطويل بأن خرجت عبر تاريخها الطويل أجيال حظوا بشرف الريادة في العلم والصعود إلى درجات المعالي والرفعة ونهلوا من معين المعرفة حتى الثمالة ليقطفوا ثمار النجاح عبر مسيرتهم وعطائهم الجم وكانت لهم بصمات وجهود رائدة في خدمة أمتهم ووطنهم ومليكهم في مواقع ريادية مختلفة، فكان من بين خرّجيها الوزراء والعلماء والأكاديميين والمفكرين والعلماء والضباط والأطباء ورجال مؤثرين في مجالات وقطاعات العمل المختلفة، ويأتي افتتاح مدرسة ثانوية بالمدينة المنورة بعد مدرسة تحضير البعثات على مستوى المملكة برهان عملي لاهتمام موحد الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز بالعلم والمعرفة وتهيئة أبناء البلاد تجاه نهضة بلادهم ورقيها وتقدمها وإيمانه بما للعلم من أهمية ومكانة كما أن لموافقته يرحمه الله على افتتاح ثاني ثانوية بالمملكة بمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم دليل على اهتمامه بطيبة الطيبة ومالها من دور فاعل في الريادة والقيادة، وخلال هذه العقود رسخت شهرتها وازداد صيتها العلمي وأسّس نخبة من طلابها جمعية خريجي طيبة الثانوية وإيمانًا منهم بأهمية تفاعل المجتمع مع مؤسسات التعليم والتعاون المتبادل وحرصًا منهم على الإسهام في تطوير مدرستهم التي قدمت لهم التعليم والرعاية.
-----
صرح حضاري وملتقى ثقافي
تأتي مكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة كأحد صروح العلم والمعرفة بطيبة الطيبة وتعد من أكبر المكتبات التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووضع الملك فيصل بن عبدالعزيزفي 3/1/1393ه حجر أساسها وافتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يوم الثلاثاء 16/1/1403ه، وتقع المكتبة على ساحة المسجد النبوي الشريف من الجهة الغربية، وتتكوّن من قبو وطابق أرضي، بالإضافة إلى أربعة طوابق متكررة، وتتفرّع أقسام المكتبة بدء بقسم المصحف الشريف إذ تحتضن هذه المكتبة عددًا كبيرًا من مخطوطات القرآن الكريم بلغ عددها (1878) مصحفًا كدليل قاطع على الاهتمام بكتب الله وتفسيرها وتنوع فريد في العناية بالمصحف الشريف على مر العصور وروعة في جماليات الإشكال والخطوط التي خط بها كتاب الله، ويوجد بالمكتبة أقدم مصحف مخطوط منذ عام 488ه وهو بخط علي بن محمد البطليموسي وقد كُتب على رق الغزال وكذلك مصحف كُتب عام 549ه وهو بخط أبي سعد محمد إسماعيل، كما تضم المكتبة قسمًا يضم (15.722) مخطوط، هذا بالإضافة إلى احتواء المكتبة على مجموعة من الكتب النادرة والتي يبلغ مجموعها خمسة وعشرين ألف كتاب، أمّا الإصدارات الحديثة فتبلغ (000ر70). وتوجد بالمكتبة قاعات للقراءة والاطلاع مع إمكانية الوصول للكتاب المرغوب في سهولة ويسر وفقًا لجهود إدارة المكتبة والتي تهتم بتنظيم الكتب وفهرستها، كما خُصص بالمكتبة قسم للرسائل الجامعية والدوريات العلمية وهي بمثابة معين لا ينضب للباحثين والطلاب، وتحتضن المكتبة أربعًا وثلاثين مجموعة موقوفة أبرزها مكتبة المصحف الشريف ومكتبة الشيخ عارف حكمت ومكتبة المحمودية ومكتبة المدينة المنورة العامة.
وتفتح المكتبة أبوابها للمستفيدين من خدماتها على فترتين صباحية ومسائية وتتاح لرواد المكتبة خدمات الإعارة والتصوير ويقدم قسم متابعة رواد المكتبة خدمات تقنية تساعد الباحث والمطّلع للوصول لمبتغاه بأسلوب تقني متميز، والعمل جار لربط المكتبة مع مكتبة الملك فهد الوطنية رغبة في اتساع دورها لتكون بوابة لكل الطامحين إلى المعالي باعتبارها صرح ثقافي يضم كل العلوم والمعارف، وتضم بين جنباتها أيضًا المكتبة النسائية إذ خصّص جناح خاص في الدور الأرضي من المكتبة من الجهة الجنوبية تم تجهيزه بالأثاث والرفوف والكتب المطبوعة وجميع فهارس مخطوطات المكتبة وأجهزة الحاسب الآلي، ويتولى العمل بهذه المكتبة نخبة من الموظفات المؤهلات تأهيلاً مكتبيًّا لتقديم الخدمات الإرشادية والبحثية اللازمة للباحثات، وذلك في الفترة المسائية من كل يوم من الساعة الرابعة عصرًا حتى الساعة العاشرة. أمّا مكتبة الطفل فخصّصت قاعة تم تزويدها بمجموعة من الكتيبات والقصص الإسلامية التي تتناسب مع ذوق الأطفال وميولهم وللمكتبة دور ثقافي يمتد لتشمل الفعاليات والأنشطة الثقافية والعلمية المختلفة وتستضيف قاعاتها الندوات والمحاضرات والمعارض الثقافية واستقبال الزائرين وباعتبارها إحدى صروح الثقافة بطيبة الطيبة فقد حظيت المكتبة بزيارة عدد من الشخصيات والوفود الرسمية والعلمية وطلاب الجامعات والمدارس من داخل المملكة وخارجها وتمت مناقشة عدد من الرسائل العلمية في قاعة المحاضرات التابعة لهذه المكتبة.
وتحظى المكتبة باهتمام خاص من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة.
مقومات الاستثمار الثقافي
ثمة علاقة وثيقة ما بين المعرفة والنهضة ويتجسّد دور المثقف في بلورة المعارف ونشرها عبر الوسائل المعرفية المتعددة ويبقى هاجس إحياء الثقافة هاجسًا يعمل جميع مثقفي طيبة على ترسيخه في إتجاه يتجدد لتهيئة جيل واعٍ مثقف مسلح بنورالعلم والمعرفة لديه المقدرة على الإلمام بكل ما يحيط به في العالم، ويتجسّد ذلك واقعًا فيما تعيشه بلادنا من نهضة معرفية وثقافية وما لذلك من أثر حميد في أوساط المجتمع فالفئة المثقفة دائمًا ما تكون هي صاحبة الفكر المتزن والرأي السديد، وبفضل ما تحظى به طيبة الطيبة من دعم وتشجيع من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير المنطقة ورعاية سموه الدائمة لجميع المحافل الثقافية في طيبة لتؤكد حرصه بأهمية الثقافة واستثمارها بالشكل الأمثل لصالح المواطن بهدف تعزيز قيم المعرفة في طيبة الطيبة، كما تضع الجهات الثقافية في المنطقة حلول عملية تفعّل فيها الإقبال على البحث والمعرفة وتشجّع على القراءة وإحيائها في نفوس الجميع وذلك من خلال نشر المكتبات العامة في جميع الأحياء والتي يصاحبها حملة إعلانية قوية لزيادة الإقبال ودور ملتقيات ومراكز الشباب بالمدينة ومراكز الأحياء هو دور كبير وكذلك النادي الأدبي في المدينة المنورة والمكتب الرئيسي لرعاية الشباب وجمعية الثقافة والفنون وما تقيمه من معارض للفن التشكيلي ومسابقات ودورات ومسابقات ثقافية منوعة، كما أن اقامة الفعاليات الثقافية يعتبر أحد أهم ملامح التقدم الثقافي بالمنطقة ويساعد على ذلك وعي الجيل المثقف بالمنطقة على حمل لواء المعرفة والتثقيف وعدم التوقف عن العطاء الفكري والمعرفي الشامل والمتكامل، كما أن إقامة المعارض الدائمة والمسابقات الثقافية السنوية التي تشجع على البحث والتنافس في ميدان العلم والمعرفة وتشكّل عنوانًا لثقافتنا ومخزونًا للكم المعرفي الذي نمتلكه وهذا أمر ليس خافياً عن النخبة المثقفة في طيبة الطيبة من خلال مواكبة ما تعيشه بلادنا حفظها الله من ثورة معرفية ونهضة ثقافية شاملة وذلك بوضع إسترتيجية واضحة للعمل الثقافي وتفعيل استثمارها في الصالح العام، وذلك وفق خطى تتناسب مع متغيرات العصر، والمدينة المنورة بفضل الله تعالى تمتلك الكثير من رجال الفكر والثقافة والمعرفة وتعتبر أرضًا خصبة لثورة ثقافية مليئة بالعمل الجاد والهادف.
عرس طيبة الثقافي
وتحتفل طيبة الطيبة بكم من المناسبات الثقافية والفكرية ويأتي في طليعتها جائزة المدينة المنورة وجائزة الأمير نايف لخدمة السنة النبوية والدراسات الاسلامية المعاصرة والتي تنظم كل عام وتحظى باهتمام من جميع الأوساط الثقافية والعلمية وتتماشى مع النهضة الشاملة التي تعيشها بلادنا واهتمام ولاة الأمر بتشجيع العلم والعلماء والبحث العلمي وتقدير الإنجازات المميزة ورعاية والنبوغ والتفوق.
-----
إستراتيجية التنمية الثقافية
ويتواصل العطاء في طيبة الطيبة، وتتوالى الأعوام وتتسارع عجلة الإنجازات بعمل جاد لتحقيق التطلعات وفقًا للرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة لإتمام مسيرة العمل والبناء والتقدّم الذي تشهده درة المدائن وبرحلة عطاء تختزل المسافات وتتسع لمنجز النهضة في طيبة الطيبة وتشكّل بالرؤية الثاقبة والخطط التنموية المدروسة مفهومًا جديدًا للحضارة مقرونًا بالفكر والإنجاز لحاضر طيبة الطيبة ومستقبلها وما يواكب هذه النقلة النوعية من رقي وتطور ونهضة، كما وتحظى درة المدائن (المدينة المنورة) باهتمام ولاة الأمر وتتجسّد ملامح الاهتمام والرعاية بواقع التطور الملحوظ والنهضة التنموية التي يلمسها الجميع، فشهدت المنطقة منذ تشرّف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بتوليه مهام إمارة منطقة المدينة المنورة منظومة عمل حافلة بالعطاء بمتابعة وجهود حثيثة من سموه لجميع قطاعات العمل بالمنطقة والمحافظات والقرى والهجر التابعة للمنطقة، وما صاحب ذلك من افتتاح وترسية وتدشين جملة من المشاريع التنموية في القطاعات التعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وبمتابعة واهتمام من سموه أُقرت المشاريع وعممت توجيهات سموه فيما تستكمل الخطط التنموية الطموحة للمنطقة بإشرافه المباشر والتي يقف عندها الجميع بشموخ وعزة مستبشرين بالمنجزات التنموية العملاقة التي شيّدت وتشيّد في طيبة الطيبة في مختلف المجالات والقطاعات وفق مخطط وطني تنموي يتسم بالدقة والتوازن والشمولية ليتحقق من خلاله مزيجًا من العطاء والتنمية للمنطقة في جميع المجالات ضمن إطار محاط بالقيم وتعاليم ديننا الإسلامي الذي وضعته حكومتنا حفظها الله أساسًا ومنهاجًا لها وتقف الانجازات بالمنطقة كشاهد على ما تحقق لطيبة الطيبة من تطور و رقي وتقدم شمل جميع المجالات والمرافق.
-----
قفزات تعليمية
عُرف منذ القدم مكانة طيبة الطيبة العلمية كونها أهم قلاع العلم والمعرفة عبر الزمان، وتشهد في عصرنا الحالي ثورة معرفية ونهضة علمية وكثافة طلابية، حيث تجاوز عدد طلاب المنطقة 145 ألف طالب يتلقون تعليمهم في 683 مدرسة ويتولى تعليمهم قرابة11 ألف معلم والعمل جارٍ على تنفيذ المزيد من المشروعات التعليمية بالمنطقة.
وعلى صعيد الدراسة الجامعية بالمنطقة تقدّم الجامعة الإسلامية بتنوع كلياتها وتعدد تخصصاتها الدراسة لطلاب العالم الإسلامي وخرّجت على مدى مسيرتها الرائدة الآلاف بالإضافة إلى الدور التربوي لجامعة طيبة وكلياتها المتطورة بعد تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمشروع المدينة الجامعية بتكلفة مليار ريال والذي يرتكز على إيجاد التخصّصات العلمية التي يحتاجها سوق العمل، بالإضافة إلى انضمام كليات المعلمين والمعلمات لجامعة طيبة وما ستشهده من تطوير في الأداء وكذلك المعهد الصحي بنين وبنات بالإضافة لمشاريع بناء المدارس والمجمعات التعليمية لجميع المراحل الدراسية كذلك مشروع المعهد العالي التقني للبنات في تأكيد على اهتمام قيادتنا الرشيدة بنشر صروح العلم والمعرفة في طيبة الطيبة، والنظرة لمستقبل التعليم في طيبة الطيبة يبشّر بالخير من خلال رؤيا متتالية على أن تكون المدينة في مقدمة المدن تعليمياً، وسيُعلن قريبًا عن أن المدينة المنورة أول مدينة بالمملكة خالية من الأمية من خلال مشروع (مدينة بلا أمية) والذي يلقى الدعم والمتابعة من سمو أمير المنطقة.
-----
كتاب الله بعدة لغات
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة هو أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف، وهو أحد المعالم المشرقة التي تقدمها المملكة العربية السعودية لخدمة الإسلام والمسلمين في مختلف أرجاء العالم، ويأتي مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة من الصروح الكبرى في طيبة الطيبة كتجسيد حي للعناية بالقرآن الكريم والسنة النبوية والذي يقوم بطباعة المصحف الشريف بعدة لغات بالإضافة لطباعته بلغة الإشارة بعدة أشكال ومقاسات مختلفة، كما يشمل ذلك جميع خدمات الطباعة من تغليف وتجليد ونسخ بالإضافة إلى نسخ الأشرطة الصوتية والأقراص المدمجة بعد تسجيلها بأصوات مشاهير القرّاء، ويهدف المجمع إلى تأمين احتياجات الحرمين الشريفين والعالم الإسلامي من إصدارات القرآن الكريم، وتبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية للمجمع بحوالى 30 مليون نسخة وخلال سنوات عمل المجمع تم توزيع ملايين النسخ من القرآن الكريم للمسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
-----
مدينة المعرفة الاقتصادية
تعد المدن الاقتصادية العملاقة التي يجري إنشاؤها في المملكة على قدم وساق علامة فارقة جسّدت الطموح المتنامي لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتمثّل مدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة أول مدينة من نوعها قائمة على الصناعات المعرفية والمعلوماتية في المملكة وهي صناعة أصبح من غير الممكن الاستغناء عنها في دفع عمليات التنمية في كافة المجالات، ومثل هذه المشروعات لها قدرة عالية على تسريع وتيرة التنمية في ظل الجهود الحثيثة للهيئة العامة للاستثمار الجادة والفعالة لتوطين رؤوس الأموال واجتذاب استثمارات إلى مناطق المملكة.
هذا وتبلغ مساحة مدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة حوالى (4,8) ملايين متر مربع وتصل المساحات المبنية فيها إلى (9) ملايين متر مربع بينما سيصل حجم الاستثمار فيها إلى (25) مليار ريال، وتستوعب المدينة أكثر من (30) ألف من الوحدات السكنية ما بين فيلات وشقق سكنية ونحو (1200) متجرًا سيتم تصميمها على طراز المتاجر القديمة، ومن أبرز العوائد الاقتصادية عندما ينتهي المشروع هو إيجاد عدد كبير من الوظائف ممّا سيسهم في خفض معدلات ونسب البطالة بين الشباب ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن توفر المدينة الجديدة فرص عمل جديدة وسيكون مثل هذه الوظائف هدفًا للشباب الطموح الذي يلم بعلوم العصر من التقنية والمعلوماتية واللغات الأجنبية.
وتتكون مدينة المعرفة الاقتصادية من عدة عناصر رئيسة تشمل طيبة للتقنية والاقتصاد المعرفي وستكون بمثابة ميزة حديثة للتقنية تقدم خدمات الحكومة الإلكترونية وتقنيات المعرفة الرقمية وتقنيات التعليم عن بعد وإدارة الحشود وأنظمة المعلومات وتقنيات الاتصال الذكية وتقنية المواصلات الخاصة بالحج والعمرة وستشمل المدينة مركز دراسات الحضارة الإسلامية ويقام على مساحة (200) ألف متر مربع، ومن أهم مكوّنات المدينة الجديدة مركز الأعمال المتكامل والذي يوفر مقرات للشركات العاملة بالمدينة المنورة وشركات الاستثمار التي سيستقطبها المشروع في مجال الاقتصاد المعرفي وهو مجهز ببنية خدماتية تحتية متطورة وبقاعة للمؤتمرات ومركز للمعارض ومكاتب ذات طاقة استيعابية لعشرة الآلاف شخص، كما تشمل المدينة، كذلك عدد من الوحدات الأخرى منها محطة نقل مركزية تربط المشروع بمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي وتربطه أيضًا بكل من مكة المكرمة وينبع ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية وجدة وعدد من الكليات التقنية والإدارية ومنتزه أرض السيرة الذي يحكي قصة الرسالات السماوية ومجمع للدراسات الطبية والعلوم الحيوية والخدمات الصحية بالإضافة إلى المناطق السكنية التي تشتمل على العمائر والفيلات والشقق الفندقية والمجمعات التجارية لتقديم احدث خدمات التسويق.
-----
مشروع درب السنة
تعكف أمانة منطقة المدينة المنورة على دراسة تنفيذ مشروع درب السنة والذي يربط بين المسجد النبوي الشريف ومسجد قباء إحياء لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتطلع المجتمع المدني لإنجازه في أسرع وقت وخصوصًا أن الحركة العمرانية التي تشهدها المدينة عمومًا والمنطقة المركزية على وجه الخصوص ويعتبر مشروع التطوير الحضاري لدرب السنة من الأفكار الرائدة لأحياء الذاكرة بالمواقع التاريخية بالمدينة المنورة باعتبار أن المقومات العمرانية والتاريخية هي الركائز الأساسية التي يقوم عليها التطوير وتتجاوز أهمية المشروع النطاق المحلي إلى آفاق الاهتمام الدولي للعالم الإسلامي كما يرتبط المشروع بخطط التنمية الشاملة للمدينة المنورة عمرانيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا، وسيهدف لتطوير درب السنة إلى جانب استعادة ذاكرة المكان وإيجاد مقومات جذب سياحي تتناغم مع النسيج العمراني وتوفير إمكانات استثمارية عالية وإيجاد مجالات عمل جديدة ومتنوعة، كما سيهدف إلى المحافظة على سمات المدينة الأصلية، ويحقق المشروع مسارًا رئيسًا آمنًا للمشاة يربط بين مسجد قباء والساحات من حوله وبين المسجد النبوي الشريف، وتصل المسطحات التي يطورها المشروع (1,100,000م2) تبدأ بتطوير الساحات المحيطة لمسجد قباء حيث الموقع التاريخي الذي يختزن نزول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قباء ثم دخوله إلى المدينة، لذلك اهتم المشروع بربط الساحات حول قباء بالمسار الذي خصّص للمشاة بحيث تم وضع الحلول المرورية لتسهيل حركة السيارات حول المسار دون أن تخترق الساحات أو تتقاطع مع حركة المشاة لتحقيق الفصل الكامل لحركة المشاة عن حركة السيارات عن طريق استخدام الأنفاق كما تم الاستفادة من شبكة النقل العام وشبكة المونوريل بربط المحطات الخاصة بها بمشروع تطوير درب السنة.
-----
مركز بحوث ودراسات المدينة
يعد مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة أحد أهم المراجع العلمية والتاريخية الذي يقصده الأكاديميون ومعدّو البحوث والدراسات حول المدينة المنورة، نظرًا لما يوفره المركز من معلومات مهمة وتاريخية دقيقة عن كل ما له علاقة بالمدينة المنورة من أحداث تاريخية وأمكنة وغيرها الكثير.
ويحظى المركز بمتابعة ودعم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، ويسعى مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة إلى جمع المعلومات عن المدينة المنورة في اللغات المختلفة من مختلف المصادر وأوعية المعلومات مثل الكتب والمقالات والبحوث والوثائق وحفظها والتعامل معها بمختلف الوسائل المُلائمة وإعداد ونشر البحوث والدراسات المنهجية الجادة التي تتميّز بالأصالة والدقة والتوثيق العلمي عن المدينة المنورة وجوانب الحياة فيها قديمًا وحديثًا وتحقيق تراثها المخطوط ورصد التطورات المستجدة دائمًا وتقديم خدمات المعلومات الموثقة لمراكز البحوث والباحثين ولمن يستفيد من المعلومات سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويتم ذلك بالطريقة العادية أو بالطرق المستحدثة كشبكات الاتصالات المحلية والعالمية، كما يسعى المركز لتحقيق هذه الأهداف بجميع الوسائل المناسبة وخاصة إنشاء مكتبة متخصصة وإنشاء قاعدة معلومات بالحاسب الآلي وإصدار دائرة معارف عن المدينة المنورة تُجدد كلما دعت الحاجة إلى ذلك وإصدار دوريات علمية متخصصة ونشرات وإعداد خرائط ومصورات ومجسمات تمثّل المدينة المنورة في مختلف العصور التاريخية وإقامة المحاضرات والندوات والمؤتمرات عن المدينة المنورة واستخدام الوسائل التقنية المتقدمة لجمع المعلومات ونقلها والاستعانة بالخبراء والباحثين المتخصصين من داخل المملكة وخارجها والتعاون مع مراكز البحوث والدراسات المشابهة، ومؤخرًا رأس صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز الاجتماع الأول لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة بحضور جميع أعضائه، وقال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة: «لقد حظيت المدينة المنورة بجزء من جهود سموه الكريم في مجال خدمة التاريخ الوطني، حيث صدرت موافقة سموه على رئاسة مركز وبحوث ودراسات المدينة المنورة ليعطي المركز دفعة نحو الأمام لتحقيق الرؤية العلمية الشاملة لإبراز تاريخ المدينة المليء بالمعطيات والعبر وقد سعد الجميع بهذا، ولا شك أن الاستفادة ستكون عظيمة، وسيكون بإذن الله دافعًا لكل الباحثين والمختصين»، وأضاف سموه: «إذا كان الأمير سلمان ممّن عرف عنه حبه للتاريخ والعناية به قراءة ونقدًا وتحليلًا ورواية، فإن رعايته لمثل هذه اللقاءات العلمية، ورئاسته وإشرافه على جوانب مهمة من التاريخ أعطى دفعة قوية لحركة الفكر التاريخي، من خلال نشر ثقافة المعرفة، واستجلاء القيم العظيمة للتاريخ، وإيجاد حلقة وصل بين المفكرين لإيجاد موسوعة علمية متنوعة الأهداف»، واستطرد سمو أمير منطقة المدينة المنورة: «لقد عاش الأمير سلمان كل فترات تأسيس هذه الدولة، وشارك في معطياتها من خلال عمله كأمير لمنطقة الرياض عاصمة الدولة، ولهذا أدرك أن ارتباط تاريخ المملكة بالإسلام لا يمكن أن ينفصل أبدًا، وأن هذا الارتباط هو الذي أعطاها هذا التميّز والاستمرار وتحقيق التقدم، وها هو اليوم يفتح المجال واسعًا للطرح العلمي وإيضاح الحقائق المجردة لمزيد من الدروس العلمية، ولم يتوقف عطاؤه على هذه اللقاءات فقط، وإنما امتد ليشمل الرعاية والدعم، حيث أنشأ كرسي الأمير سلمان للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية بجامعة الملك سعود، وفتح باب الشراكة لكل الباحثين بالتاريخ لتفعيل دورهم إنه عاشق التاريخ والمهتم بأدق تفاصيله، ولهذا عدّه المفكرون أهم شخصية في هذا المجال، من خلال ما حققه من تقدم ورؤية شاملة لنقل البحث التاريخي من مفهومه التقليدي بالاهتمام بالماضي إلى التركيز على قراءة المستقبل من خلال تجربة الماضي ومعطيات الحاضر، حتى اقترن اسم سموه بالأبحاث التاريخية وأصبح الداعم الرئيسي لحركة البحث العلمي».
-----
معالم وتراث طيبة الحضاري
هذا وتمتلك طيبة الطيبة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام العديد من المقومات السياحية وما تحويه من إرث إسلامي وحضاري لازمها على مر العصور والأزمان وما تختزنه في كل شبر منها من أثر لحضارة إسلامية وما تحتضنه بين جنباتها هنا وهناك من مواقع تاريخية فوق الجبال وبين الوديان تؤكد الدلائل أن طيبة الطيبة نالها نصيب وافر من عملية البناء والتطور ولم يبقَ مرفق خدمي في طيبة إلاّ وحظي بالدعم والرعاية، وتتوالى الإنجازات فيها.
كما أولت قيادتنا الرشيدة طيبة الطيبة ما تستحقه من اهتمام أملًا في تحقيق التطور المنشود لمواكبة المتغيرات الحديثة علومًا وتقنية واقامة المزيد من المشاريع الإنمائية والتي تحمل في مضامينها معاني تشمل رفاهية المواطن وتطوره الفكري والمادي لتتحول مع الوقت لمشاريع إبداعية قد لا يشهد العالم لها مثيلا وسط عجلة تنموية مستمرة تسعى لتحقيق هدف بأن تكون المدينة المنورة هي أرقى وأجمل مدن العالم.
-----
المنطقة المركزية ونموذجية العمران
ورغبة في تحسين المناطق المحيطة بالمسجد النبوي الشريف وتطوير مستوى المباني والخدمات بها بهدف تحقيق التناسق والانسجام بين توسعة المسجد النبوي الشريف والساحات حوله وبين المناطق المحيطة به وكذلك توفير السكن والخدمات التجارية لزوار المسجد النبوي الشريف والمقيمين في تلك المنطقة وتلبية للطلب المتزايد للسكن بجوار المسجد النبوي والخدمات المرتبطة بالزوار ولتوفير أسواق متناسقة ذات طراز إسلامي يطفئ على المنطقة طابعًا مميزًا، وتضم المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف جانبًا كبيرًا من أعمال التطوير والبناء بها معالم وآثار ومواقع إسلامية متميزة منها بقيع الغرقد ومجموعة من المساجد الأثرية التي يرجع تاريخها إلى عهد النبوة والصحابة الكرام كمسجد المصلى ويسمى مسجد العيد ومسجد الغمامة ومسجد أبي بكر الصديق ومسجد عمر بن الخطاب ومسجد ذي النورين عثمان بن عفان ومسجد علي بن أبي طالب ومسجد أبي ذر الغفاري ومسجد السبق، بالإضافة إلى سقيفة بني ساعده وغيرها من المعالم ليتواكب ذلك مع تزايد زوار المدينة الذين يفدون إليها بمئات الآلاف على مدار العام ومن أجل المكانة المقدسة للمدينة وللمسجد النبوي الشريف بشكل خاص.
-----
ضم مدائن صالح لقائمة التراث العالمي
كانت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو قد أعلنت عن إدراج منطقة الحجر «مدائن صالح» بمحافظة العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة كموقع أثري عالمي ضمن (855 ) موقعاً أثرياً في القائمة.
وكذلك مشروع تطوير البلدة القديمة بالعلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.