5 مشاريع مائية ب305 ملايين بالطائف    وزير النقل يفتتح غدا مؤتمر مستقبل الطيران 2024    إعفاء مؤقت للسعوديين من تأشيرة الدخول إلى الجبل الأسود    تعرض مروحية الرئيس الإيراني لحادث هبوط صعب في أذربيجان    بطولتان لأخضر الطائرة الشاطئية    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالخبر    1.8% نسبة الإعاقة بين سكان المملكة    مركز"كفاء الطاقة" يعقد "اسكو السعودية 2024    أمير تبوك يستقبل رئيس جامعة فهد بن سلطان    "الموارد" تطلق جائزة المسؤولية الاجتماعية    الشلهوب: مبادرة "طريق مكة" تعنى بإنهاء إجراءات الحجاج إلكترونيا    وزير الإسكان يرعى فعاليات منتدى الوطنية للإسكان لسلاسل الإمداد العقاري غداً بمشاركة محلية ودولية    اتحاد كرة القدم يحدد روزنامة بطولاته    استمطار السحب: حديث الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد حول مكة والمشاعر يمثل إحدى فرص تحسين الطقس    وزير "البيئة" يعقد اجتماعات ثنائية على هامش المنتدى العالمي العاشر للمياه في إندونيسيا    نائب وزير الخارجية يشارك في اجتماع رفيع المستوى بين مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحالف الحضارات للأمم المتحدة ومركز نظامي جانجوي الدولي    يايسله يوضح حقيقة رحيله عن الأهلي    غرفة أبها تدشن معرض الصناعة في عسير    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    زيارات الخير    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    الماء (2)    جدول الضرب    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    قائد فذٌ و وطن عظيم    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرج اليهودي جاكوب بندر ل الرسالة : الإسلام غيّر وجه العالم
نشر في المدينة يوم 24 - 06 - 2011


جاكوب بندر مخرج يهودي الأصل أمريكي الجنسية
كان من أشد الداعمين للسياسات الإسرائيلية دون وعي، وتحول لواحد من أشد المناهضين
لها بعد أن عرفها عن قرب، وانضم لفريق عمل ناشط في مجال التقريب بين الأديان، وكرس
جهده للتقريب بين اليهود والمسلمين، وأصبحت له آراؤه المنتقدة للسياسات الإسرائيلية
على الأرض والمدافعة عن حقوق الفلسطينيين كشعب مضطهد يعاني من ظلم الاحتلال، وقام
بإخراج فيلم وثائقي لمناهضة صراع الحضارات والعمل على إشاعة التفاهم والحوار بين
أهل الأديان السماوية.
وفي حواره ل“الرسالة” كشف بندر عن إيمانه الكامل بأن
الإسلام ظلم كثيرًا في الغرب بسبب بعض التيارات اليمينية المتطرفة التي سيطرت على
الإعلام الغربي، ووجهته نحو تشويه صورة الإسلام لأهداف أيديولوجية خاصة، ويرى أن
القضاء على الصورة النمطية للإسلام لن يحدث إلا إذا عمل المسلمون على تحييد صوت
اليمين المتطرف في الغرب، وفى نفس الوقت شن حملة إعلامية عالمية لتقديم الصورة
الحقيقية للإسلام.
* في البداية نود التعرف على نقطة تحولك من أحد الداعمين
لإسرائيل إلى أشد المعادين للمواقف الصهيونية؟
أنا يهودي أمريكي ناشط في مجال
التقريب بين الأديان، وعضو مركز الدراسات الفلسطينية الإسرائيلية، وهو مركز مهمته
بحث كيفية التقريب بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني من أجل نشر العدل وثقافة
الإخاء والمساواة، والوصول إلى حل يعيد الحق لأصحابه، والحقيقة أنني كنت لفترة
طويلة من الداعمين للسياسة الإسرائيلية على إطلاقها، حتى قمت بزيارة إسرائيل
والإقامة فيها لسنوات عدة لأفاجأ بالظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد أتباع
التيار اليميني المتطرف في إسرائيل، وأيضًا تعرفت على الإسلام عن قرب من خلال
احتكاكي بالفلسطينيين، وبالعديد من الأصدقاء المسلمين، لأبدأ في دراسة وقراءة
الإسلام بعين محايدة بعدها قررت أن أكون أحد المدافعين عن التقريب بين اليهود
والمسلمين بعيدًا عن سياسة إسرائيل العنصرية، فحتى لو كان لليهود الحق في التواجد
في فلسطين، فإن للفلسطينيين حقوقًا كثيرة لا يجوز تجاهلها بحال من الأحوال.
حوار
يهودي إسلامي
* قلت إنك تسعى إلى وجود حوار يهودي إسلامي، فهل تعتقد أن هذا
الأمر ممكنًا في ظل الظروف الحالية؟
نعم ممكن وأنا أدعو لمصالحة بين اليهود
والمسلمين تحتكم للموروث الديني السمح، وتبتعد عن ألاعيب السياسة القذرة، ولا بد أن
نتذكر جميعًا أن اليهود والمسلمين عاشوا طويلًا في تسامح وتواد، ولو تجولنا في
شوارع عربية عديدة في القاهرة وغيرها من المدن العربية الإسلامية التي كان يعيش
فيها يهود سوف نجد الكثير من المسلمين الذين ما زالوا يحتفظون بذكريات جميلة عن
فترات العيش المشترك مع اليهود، ولا بد ونحن نبحث عن المصالحة اليهودية الإسلامية
ألا نخلط بين اليهودية وإسرائيل، فاليهودية دين سماوي جاء به النبي موسي عليه
السلام، أما إسرائيل فكيان سياسي له أخطاؤه التي يرفضها الكثير من اليهود، ولا بد
أن نعلم أن اليهود لا يزالون يتذكرون الفيلسوف المسلم ابن رشد وتأثيره على
الحاخامات اليهود بشكل جعل هناك تقاربًا بين الثقافتين الإسلامية واليهودية في عصر
الدولة الإسلامية في الأندلس، وأنا باعتباري أمريكيًا يهوديًا درس على يد أساتذة
مسلمين، فإني أؤكد أن الإسلام بصورته النقية هو الخلاصة للعلاقات الطيبة، ولا بد أن
تكون هناك جهود مشتركة لإعادة تلك العلاقات الطيبة، وألا نعيش في عزلة وكراهية
للآخرين.
جريمة ضد الإنسانية
*ولكن السياسات الإسرائيلية على الأرض أدت إلى
وجود توترات شديدة في العلاقات اليهودية الإسلامية؟
*يجب أن نعترف أن ما يحدث في
الأراضي الفلسطينية جريمة ضد الإنسانية، ولكن ما يحدث لا يعبر عن رأينا كيهود ولا
عن الديانة اليهودية، فتجويع شعب وحصاره يعد انتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية
والإنسانية، وأقولها مرة أخرى إن ذلك الذي يجري ليس برضانا ونحن كيهود ضد كل أعمال
العنف والقتل، وضد ما يحدث في فلسطين، من جرائم ضد التاريخ الإنساني، وأتمنى وأصلى
أن يخفف الله الآثار المؤلمة التي تحملها اليهود في هولكوست هتلر، وتحملها العرب في
نكبة فلسطين، ومن يقر هذه الأعمال أو يساعد عليها، فهو شريك ومتضامن مع جيش دولة
إسرائيل، لكن معظم اليهود في أمريكا لا يرضون بما يحدث من جانب إسرائيل من أعمال ضد
الإنسانية، وهي جرائم حرب ضد الإنسانية، ويمكن للفلسطينيين ملاحقة المسئولين عن هذه
الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية كمجرمي حرب، لأنهم تسببوا في إزهاق مئات
الأرواح البريئة من الفلسطينيين من الأطفال والنساء والرجال، فضلًا عن توتر الأوضاع
في منطقة الشرق الأوسط، فأنا أرفض فكرة الصراع، وفرض الهيمنة بالقوة التي تسعى إليه
السلطات الإسرائيلية في قتالها للفلسطينيين الأبرياء، وأقول مرة أخرى أنه لا يعبر
عن وجهة النظر اليهودية، وليس كل اليهود في العالم يرضون بذلك، ولا يتبنون أي سياسة
لإسرائيل، وإن الأمل في التعايش يأتي من التاريخ في وقت كان الحوار والتفاهم بين
الأديان السماوية في حوض البحر المتوسط على مدى مئات السنين والتفاهم الديني لا بد
أن يبنى على الصدق والأمانة أساس التواصل والتفاهم الذي نرجو الوصول إليه.
ابن
رشد وابن ميمون
*أنت مخرج سينمائي بالأساس فهل قمت بترجمة هذه الأفكار التي تؤمن
بها في قضية التعايش؟
بالتأكيد فبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وتعالي الأصوات في
أمريكا وغيرها بالقول بوجود صراع بين الحضارات قررت أن أخرج فيلمًا وثائقيًا عن
عالمَين من المصلحين في التاريخ أولهما من الأندلس وهو مسلم ويدعى أبو الوليد بن
رشد ونظيره اليهودي موسى بن ميمون، هذان العالمان ولدا في قرطبة في مرحلة الوجود
الإسلامي في الأندلس في فترة تميزت بالسماحة والتفاهم بين الشعوب والأديان، وهي
فترة الحضارة الإسلامية، ففي ظل هذه الحضارة ساد العدل والرحمة والتعاون لدى
الجميع، والفيلم الذي أخرجته يركز على حياة ابن رشد وابن ميمون، والذي أؤكد من
خلاله انه لولا الحضارة الإسلامية ما كان عصر النهضة الأوربية، ولقد تنقلت بين كثير
من البلاد الإسلامية والعربية لمدة ثماني سنوات وتعايشت مع الشعوب الإسلامية بترحاب
ومحبة، وتحدثت في الولايات المتحدة خاصة مع الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية في
مؤتمراتها التي تجمع أكثر من 40 ألف مسلم، وهم شاركوني في تمويل الفيلم، وأنا أبعث
بصرخة للإسلام من خلال هذا الفيلم، وأدعو لتعايش الأديان والحضارات.
العقل
والوحي
* وهل استطعت بالفعل توصيل الرسالة المقصودة في ضرورة تفاهم الحضارات من
خلال الفيلم وكيف تم ذلك؟
* هذا ما حدث بالفعل، فالفيلم وثائقي سميته «العقل
والوحي بعد الحادي عشر من سبتمبر» لسببين الأول أنه في تلك الفترة التي أعقبت أحداث
الحادي عشر من سبتمبر كانت هناك فترة حزن عارمة في نيويورك حيث أعيش، وكنا قد بدأنا
نرى في وسائل الإعلام هجمات كثيرة على الإسلام والمسلمين والعرب، فأردت أن أرد على
ذلك بتوضيح لمَن يدعون أن هناك ما يسمى بصراع الحضارات، حيث أحببت أن أوضح لهم أنه
ومنذ قرون عديدة كان المسلمون والمسيحيون واليهود يعيشون في سلام، أما السبب الثاني
في تسمية الفيلم فهو أن صراع الحضارات والأيدلوجيات يقول إن اليهود والمسيحيين
كانوا في حرب دائمة، ولهذا أردت أن أؤكد في فيلمي أن هذا خطأ تاريخي وغير صحيح؛ لأن
اليهود والمسيحيين والمسلمين عاشوا معًا في كثير من أجزاء العالم لقرون عديدة لذلك
اخترت الموضوع الأساسي لفيلمى بأن يكون عبارة عن فلاسفة عظام يتحاورون، وهؤلاء
الأشخاص هم ابن رشد وهو فيلسوف مسلم من الأندلس، واليهودي فليب كردبان وهو أيضًا
كان يعيش في مدينة قرطبة، وموشى توماس أكواينس الذي جاء في القرن اللاحق، وإذا ما
نظرنا إلى تاريخ الأشخاص الثلاثة، فسوف نجد أن هذه الحضارات تشاركت في المعرفة
وتعاونت في التشجيع، ومن هنا يأتي الهدف من هذا الفيلم الوثائقي، وهو أن نشجع مثل
هذه المشاركة والتعاون في عالم اليوم.
إذًا لا ينبغي أن نرسم ونضع جدران بيننا
سواء كانت جدران مجازية أو حقيقية، وبدلًا من ذلك نستطيع أن نبني جذورًا من التفاهم
والحب لتبادل ونرسخ لعلاقات محبة وتواد بين أتباع الأديان السماوية المختلفة، وإذا
كان اليهود هللوا عندما اختار آل جور عند ترشيحه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية
نائبًا يهوديًا له هو جوزيف ليبرمان، ووقتها قال كثير من الأشخاص في الولايات
المتحدة: إن هذا يثبت أن أمريكا بلد عظيم، وهو أعظم بلد في العالم؛ لأنه بلد يتسم
بالتسامح، أنا أرد على هؤلاء بأنه يجب أن نتذكر أنه وقبل أكثر من ثمانية قرون كان
هناك يهودي أصبح وزيرًا أو ما يعادل رئيس وزراء في دولة مسلمة، كما كان القائد
العسكري للجيش يهوديًا، وهذا أمر يجب أن يتذكره اليهود، ويتذكره المسلمون أيضًا،
وينبغي أن يفهموا أنه لقرون عديدة حصل اليهود على الحماية والاحترام من قِبل
المسلمين والأمة الإسلامية كلها.
تشويه الإسلام
*في بداية حديثك قلت إنك كنت
من الداعمين لإسرائيل، ثم تحولت نظرتك، فهل كنت أيضًا ممن يفهمون الإسلام كمواطن
غربي يستقي معلوماته من وسائل الإعلام وغيرها؟
* بالطبع فقبل قراءتي عن الإسلام
من مصادره الصحيحة والمحايدة كان الإسلام في نظري كما هو الحال بالنسبة للكثيرين
جدا في الغرب دينًا عنصريًا يحث أتباعه على الإرهاب كما أنه دين يشجع أتباعه على
التقوقع وعدم مد جسور التفاهم والتعايش مع الآخرين، بالإضافة إلى الكثير من
المفاهيم الأخرى المغلوطة عن الإسلام، وهي مفاهيم ترسخت لدى كثير من قادة الفكر
والثقافة الأوروبية، وروج لها المستشرقون الذين ساهموا في صياغة معظم المناهج
الدراسية التي تدرس في المدارس والجامعات عن الإسلام والمسلمين، في شكل يوحي بأن
الإسلام دين يحث أتباعه على العنف والإرهاب، ولكنني فوجئت عند قراءتي عن الإسلام
بعين محايدة أن الإسلام دين سماوي يستحق الاحترام بل إنني اكتشفت أن هناك قيمًا
إسلامية عديدة لو تم تطبيقها لتغيرت أمور كثيرة في العالم إلى الأحسن، ولعلنا قرأنا
جميعًا أثناء الأزمة المالية العالمية كيف أن المبادئ الاقتصادية التي جاء بها
الإسلام كفيلة بمواجهة الأزمة وخلق اقتصاد صالح وعادل لكل البشر، كذلك اكتشفت زيف
الادعاء بأن الإسلام دين العنف والإرهاب، فالإسلام كما عرفته دين ينهى عن العنف
وقتل الأبرياء حتى عن طريق الخطأ، وتوقفت طويلًا أمام الآية التي تقول: “من قتل
نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا
الناس جميعًا” واستوقفتني كثيرًا تلك الآية التي تؤكد عظمة الدين الإسلامي، فالذي
يمنع إنسانًا من قتل نفسه أو قتل الآخرين، فكأنه يساعد على إحياء الناس جميعًا، فهل
يعد هذا الدين دين عنف وإرهاب ولقد زرت العديد من البلدان الإسلامية، واكتشفت بنفسي
أن كل ما يتم ترويجه عن الإسلام والمسلمين في الغرب ما هو إلا أباطيل، بل إنني
تأكدت من حقيقة مفادها أنه يمكن التشكيك والجدل حول مميزات وسلبيات أية حضارة
إنسانية، ولكن التشكيك في الحضارة الإسلامية ودورها الإنساني العظيم محكوم عليه
بالفشل، والعالم الغربي إذا أراد أن يخلد حضارته في تاريخ الحضارات الإنسانية،
فعليه أن يدرس الحضارة الإسلامية دراسة علمية بعيدًا عن التأثر برؤى التطرف.
لغة ومفردات القرآن
* من الواضح أنك قرأت كثيرًا في القرآن فكيف وجدت ذلك
الكتاب الكريم؟
لقد وجدت في القرآن الكريم لغة بديعة وراقية تعبر عن ضرورة
التعايش بسلام ومحبة بين كل أتباع الأديان السماوية، بل وحتى الوضعية، كذلك وجدت أن
القرآن في شتى آياته وضع بمثالية شديدة طرقًا لحل كل مشكلات حياتنا، بل وحتى
المشكلات المتجددة، وتوقفت طويلًا أمام معلومة قد لا يقف أمامها الكثيرون، وهي أن
قراءة القران الكريم تبدأ دومًا بذكر رحمانية الله، كذلك وجدت أن القرآن له رسالة
أساسية هي الدعوة لخلق مجتمع عادل وشريف يعامل فيه الفقير والضعيف بمراعاة واحترام
شديدين، فهو يطالب المسلمين بأن يعتنوا بالأيتام والأرامل، ويؤدون أعمال الخير وفك
الرقاب وإطعام المحروم ومساعدة الغريب، وبخلاف الكتب الأخرى التي بها ادعاءات حصرية
فإن القرآن يقدم رؤية تعددية تعالج مباشرة الكثير من المعضلات التي يواجهها العالم،
وكذلك يحرص على احترام كل الأنبياء السابقين، فالقرآن يمدح الأنبياء السابقين،
ويؤكد على أن النور الإلهي ليس حكرًا على الشرق أو الغرب كذلك حرم القرآن الإكراه
فى الدين.
مسئولية الإعلام الإسلامي
* كلامك جيد للغاية ويسمعه المسلمون من
كثير من المفكرين الغربيين الآن، ولكن الصورة النمطية عن الإسلام ما زالت هي
السائدة في العالم، فكيف نتصدى لهذا الأمر؟
* للأسف الشديد فإن السبب الرئيسي
في ذلك يعود لوسائل الإعلام، وقد لا تصدق أن وسائل الإعلام في العالم الإسلامي
مسئولة هي الأخرى عن انتشار الصورة النمطية المؤسفة عن الإسلام، وأنا أذكر أنني
تحدثت ذات يوم مع عدد من العاملين في مجال الإعلام حول هذا الأمر، فقالوا لي صراحة
إن الحدث الذي ينقصه الشد لا يصلح للنشر فلا يهم الصحف الغربية أن تنشر عن نشاط
الأغلبية العظمى من المسلمين الذين يقومون بأعمال الخير ويصلون من أجل السلام،
ولهذا ففي رأيي فإن الوسيلة المثلى لتغيير تلك الصورة النمطية هي استغلال الفنون
الدرامية المرئية بحيث نخلق قصة تأسر الخيال العام، وتصبح رمزًا لصورة الإسلام
الحقيقي، وعلى الجانب الآخر على المسلمين أن يتذكروا أن هناك أية قرآنية تقول: “إن
الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” وهو ما يعني أن المسلمين عليهم أن
يوضحوا حقيقة دينهم باستخدام كل الوسائل الممكنة بحيث يواجهون وسائل الإعلام التي
تنسب لدينهم ما ليس فيه وفي الوقت نفسه على رجال الدين الإسلامي العمل بمنتهى القوة
من أجل وصول المعلومات الحقيقية عن الإسلام لشتى أنحاء العالم، وبمختلف اللغات
العالمية؛ بحيث يستطيع أي شخص في استراليا كان أو في ألاسكا أن يقرأ عن الإسلام
بلغته التي يجيدها، ويجد معلومات حقيقية بعيدا عن التشويه المتعمد الذي يتعرض له
ذلك الدين، فعرض الإسلام بأسلوب جديد ومشوق يعود إلى علماء وفقهاء المسلمين في جميع
الدول العربية والإسلامية مع عدم إغفال الدور الرئيسي والمهم الذي يمكن أن يضطلع به
العلماء العرب والمسلمون المقيمون في الغرب، حيث إن هؤلاء العلماء يجب أن يحلوا محل
المستشرقين في المعاهد العليا والجامعات، وفي إعداد الموسوعات العلمية العالمية
التي تعيد صياغة المادة العلمية والثقافية لتتناسب مع المعطيات الجديدة في العالم،
وتعتبر قضية الاعتراف بالإسلام في الدول الأوروبية كدين لبعض مواطني هذه الدول من
القضايا المحورية التي يجب التركيز عليها، حيث إنها ستعطي للمسلمين الحق في
المطالبة بتصحيح صورة الإسلام في المناهج الدراسية، وفي وسائل الإعلام في تلك الدول
الأوروبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.