«المركزي المصري» يبقي أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير    محكمة العدل الدولية تعتزم إصدار حكم غدا بشأن الهجوم الإسرائيلي على رفح    الفيصل يلتقي بأبطال فريق السعودية في الدورات والبطولات الآسيوية والعالمية    ثانوية السروات تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من نظام المسارات    يونايتد المتعثر يقف أمام سيتي الطامح لكتابة المزيد من التاريخ    نزاهة: حادثة التسمم الغذائي بأحد مطاعم الرياض لن تمضي دون محاسبة    فيصل بن خالد يرأس اجتماع الجهات الأمنية والخدمية المشاركة في منفذ جديدة عرعر    الراجحي يتحدى مرتفعات «باها اليونان» في كأس العالم    جهاز HUAWEI MateBook X Pro.. الجهاز القوي بتصميم أنيق ووزن خفيف    السعودية للشحن تعلن استئجار مرافق جديدة في قرية الصيانة التابعة للسعودية لهندسة الطيران    فيلم "نورة"يعرض رسميا في مهرجان كان السينمائي 2024    فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية يكرم موظف سوداني    السعودية تدعم «الإنزال الجوي الأردني» لإغاثة الفلسطينيين في غزة    موعد احتفال الهلال بلقب دوري روشن    محافظ الطائف يلتقي رئيس الإتحاد السعودي لألعاب القوى    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للربو"    مستشفى الحرجة يُنظّم فعالية "التوعية عن ارتفاع ضغط الدم"    نمو كبير في قطاع الأغذية في المملكة وتوجه متزايد نحو الاستدامة وتبني أنماط الغذاء الصحي    عرض ضخم من الهلال لجوهرة البرتغال    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية النمسا    «البيئة»: السعودية تستهدف إنتاج 16.2 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا    شركة تطوير المربع الجديد تدعو شركات التصميم الرائدة للمشاركة في تنفيذ أعمال "المكعب"    القبض على وافد بتأشيرة زيارة لترويجه حملات حج وهمية ومضللة    المملكة و26 دولة يؤكدون أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي    علامة HONOR تكشف عن بنية الذكاء الاصطناعي المكونة من 4 مستويات وتمضي قدماً مع Google Cloud من أجل مزيد من تجارب الذكاء الاصطناعي في VivaTech 2024    دفعة جديدة من العسكريين إلى ميادين الشرف    نفاد تذاكر مباراة الاتحاد وضمك    الداخلية: دخول مكة والبقاء فيها ممنوعان للزائرين    السعودية تفوز بعضوية مجلس منتدى النقل الدولي ITF    أمير حائل يشكر جامعة الأمير محمد بن فهد    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    أدبي الطائف يقيم الأمسية السودانية ضمن لياليه العربية    محمية الملك سلمان.. أول موقع رئيسي للتنوع البيولوجي    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 49 من طلاب مدارس الرياض    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    مغني الراب.. راح ضحية استعراض مسدسه    تخريج 700 مجند من دورة «الفرد»    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    جنة الأطفال منازلهم    فواز.. أكتب له ويكتب لي    لا فيك ولا في الحديد    وصول ركاب الخطوط السنغافورية بسلام بعد رحلة جنونية    لقاء علمي يستعرض تجربة بدر بن عبدالمحسن    خبراء يناقشون تجربة «أوبرا زرقاء اليمامة»    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    د. خوقير يجمع رجال الإعلام والمال.. «جمعة الجيران» تستعرض تحديات الصحافة الورقية    واتساب يتيح قفل المحادثات على الأجهزة المتصلة    229 مشروعاً تنموياً للبرنامج السعودي في اليمن    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الأمير سعود بن مشعل ترأس الاجتماع.. «الحج المركزية» تستعرض الخطط التشغيلية    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    دشن هوية «سلامة» المطورة وخدمات إلكترونية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد سير العمل في الدفاع المدني    "أبرار" تروي تحديات تجربتها ومشوار الكتابة الأدبية    استشاري: حج الحوامل يتوقف على قرار الطبيب    جناح الذبابة يعالج عيوب خلقية بشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسمة عبدالعزيز ترصد “إغراء السلطة المطلقة” في مصر
نشر في المدينة يوم 13 - 05 - 2011

الصحف اليومية قد لا تخلو من حادث عنف أو أحداث تشير إلى تصاعد لجفوة بين المواطنيين وجهاز الشرطة، اتسعت هذه الجفوة بعد تغيير شعار الشرطة المصرية “الراسخ” الأساسي إلى حماية النظام السياسي، وتلقي ببعض مهامها على المواطنين من توفير الأمان لأنفسهم حماية عائلاتهم هذا الانفلات في العلاقة غلفها العداء والارتياب، بدلًا من أن يضفي مرأى رجال الشرطة في الشوارع أمنًا على المواطنين صار وجودهم رمزًا للبطش،. وعوضًا عن أن تكون أقسام الشرطة ملجأ لمن يتعرض للظلم، صارت منبعًا للقهر وانتهاك الحقوق.
تجلى //الصيام// في أعلى صورة بعد انسحاب الشرطة المصرية من الشوارع عقب أحداث عنف وقعت مع بداية الثورة المصرية في 25 يناير حتى مساء 28 يناير ولحظة اختفاء الشرطة لتلقي بدورها كليًا للمواطن لينظم لجانًا شعبية يحمي بها بيوته وشوارعه من البلطجة.
وعن هذه العلاقة المرتبكة بين الشرطة والمواطن، صدر مؤخرًا عن دار صفصافة للنشر والتوزيع بالقاهرة، كتابًا بعنوان "إغراء السلطة المطلقة"، للباحثة بسمة عبدالعزيز، الذي يتتبع مسار العنف في علاقة الشرطة بالمواطن عبر التاريخ، ويقع في 127 صفحة من القطع الكبير، وقد سبق له أن فاز كبحث بجائزة أحمد بهاء الدين للباحثين الشباب عام 2009.
وصدرت الطبعة بمقدمة للكاتب الصحفي الكبير سلامة أحمد سلامة، الذي يشير أنه "لا يمكن في الواقع العملي فصل العنف في العلاقة بين الشرطة والمواطنين عن سيادة العدالة والقانون واحترام حقوق الإنسان في مجتمع ما، فحيث تزداد مظاهر العنف في تعامل الشرطة مع المواطن؛ تقل أساليب تطبيق العدالة والقانون، ويزداد غلو السلطة الفردية والبوليسية في تأكيد نفوذها إلى الدرجة التي نراها -أحيانًا- من صدام بين القضاة كونهم رموز العدالة؛ وضباط الشرطة- باعتبارهم جهازًا تنفيذيًا قد يُعهد إليه في بعض الأحيان بوضع السياسات والبرامج التي تتبناها الدولة، ما خلع على صورة الشرطة في وعي المواطن قوة ديناصورية هائلة ليست في خدمة الشعب بل في خدمة الحاكم".
ويشير البحث إلى أن علاقة الشرطة بالمواطن المصري كانت “ذات يوم غير بعيد” علاقة طبيعية لا يحفها قدر هائل من العنف كالذي نلمسه الآن، وأنها لأسباب كثيرة بعضها اجتماعي وبعضها سياسي واقتصادي؛ فإن هذه العلاقة "الطبيعية" قد تبدلت وتحورت لتصبح مليئة بالتوتر والخوف من ناحية وبالقسوة والانتهاكات من ناحية أخرى.
وتشير الباحثة "بسمة عبدالعزيز" إلى عدم وجود نقطة فاصلة في التاريخ حدث بعدها هذا التحول، لكن الفرضية المثالية في تلك العلاقة، أن فصول القمع تتوالي باستمرار، قد تتواري في فترة وتشتد في أخرى لكنها دائمًا حاضرة "طالما حضرت السلطة المطلقة وغاب الناس عن المشاركة".
يبدأ الكتاب بتاريخ تكوين الأجهزة الأمنية، حيث" لم يخلُ مجتمع على مر العصور من وجود جهاز أو كيان ما، تكون مهمته الأولى الحفاظ على الأمن وحماية الأفراد والممتلكات وتنظيم شؤون الحياة"، فقد "عرفت مصر القديمة منذ آلاف السنوات أقدم جهاز أمني، وشهدت بناء أعرق مؤسسة شرطة في العالم في عهد الأسرة الأولى على وجه التقريب. تعرضت الأجهزة الأمنية المصرية بوجه عام إلى تغيرات كثيرة واكبت الظروف التي مر بها المجتمع؛ فظهرت لها وظائف ومسميات متنوعة مع كل فترة زمنية خضعت فيها مصر لحكم جديد؛ حيث كان من المحتم أن تلبي هذه الأجهزة متطلبات واحتياجات الحكام المتباينة كلٌ حسب النظام الذي يُرسيه". ثم ينتهي الفصل الأول بنهاية حكم الرئيس السادات، حيث يشير أن فترة حكم السادات "شهدت تراجعًا واضحًا في العنف الموجه للخصوم السياسيين، حتى كادت أحداث التعذيب أن تنحصر في عدد محدود من الوقائع المشهورة، يُذكَرُ منها على سبيل المثال: التعذيب الشديد الذي طال جميع من اتهموا باغتيال رئيس وزراء الأردن.
أما سلوك الشرطة تجاه المواطنين العاديين؛ فقد انتابته بعض التغييرات التدريجية. إذ ظهرت بوادر لعنف أفراد الشرطة في حوادث متناثرة هنا وهناك، وإن ظلت مجرد استثناءات لا تشكل منهجًا سلوكيًا عامًا".
ثم يناقش الفصل ظهور نمط جديد من العنف الذي تمارسه الشرطة خارج الإطار المنهجي المعتاد في بداية الألفية الثالثة ويحلل هذا النمط بأن العنف المنهجي المدروس يُمَارَس على نطاق شديد الاتساع في أغلب أقسام الشرطة المصرية ومقار الاحتجاز، بالطرق نفسها والوسائل المتبعة، والأدوات نفسها المستخدمة، وباشتراك أكثر من فرد في معظم الحالات. المحصلة النهائية تشير إلى أنه لا يمكن تصنيفه في إطار الأحداث الفردية أو الاستثنائية وأنه يُمَارَس بمعرفة السلطة الأعلى، وأن هناك اتفاقًا ضمنيًا غير موثق بين مرتكبيه. في العام ألفين واثنين ورد إحصاء بأقسام الشرطة التي أبلغ مواطنون عن تعرضهم للتعذيب فيها، وبلغ عددها 38 قسمًا، أما في الفترة ما بين العام ألفين وثلاثة والعام ألفين وستة، فقد بلغ العدد ما يزيد على 88 قسمًا للشرطة، مورس فيها العنف والتعذيب ضد عدد هائل من المواطنين".
وفي الفصول التالية يلقي الكتاب الضوء على صورة الشرطي التي تكونت في وعي المواطن وعلى مدار سنوات من القمع المتواصل، ثم يتعرض للعوامل والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن في ظلها فهم التطور في العلاقة بين الشرطة كونها أداة تنفيذية للدولة والمواطن، وطرفًا أصيلًا في عقد اجتماعي ينبغي أن يضمن له حقوقًا غير خاضعة لأية مساومات، وينتهي الكتاب باستعراض رد فعل المواطن على كم العنف الموجه إليه ومآل العقد الاجتماعي الذي أصابته الشروخ في جهات متعددة، فقد تنبأ البحث الذي صدر قبل أيام قليلة جدًا من أحداث الخامس والعشرين من يناير، بما حدث يوم جمعة الغضب 28 يناير، حيث أوردت الباحثة في نهاية الكتاب فصلا بعنوان "الأدوار المتبادلة" والذي يستعرض رد فعل المواطن على كم العنف الموجه إليه، من خلال استباحة المواطن ل "القانون"، وما تستبيحه الشرطة لنفسها، واستباحة المواطن للشرطة، ثم "انفراط العقد وغياب الدولة" حيث أشارت تحديدًا تحت بند "واستباحة المواطن للشرطة" أنه "لم يعد في استطاعة الناس تحمل مزيد من القهر والإذلال من دون أن يلمسوا أي أمل في تحقيق تقدم أو بناء مستقبل أفضل، فلا الدولة المستبدة قادرة على تحقيق مستوى معيشة مقبول، ولا هي تحفظ لهم الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية. لم تعد العلاقة بين المواطن والدولة وعسكرها مبنية على الخوف والخضوع فقط؛ بل تلونت بكثير من التحدي والعداء".
ويختتم الكتاب بإشارة المؤلفة إلى أن مقتل الشاب السكندري خالد سعيد بعد ضربه وتعذيبه في الشارع على يد اثنين من أفراد الشرطة أحدث تغييرًا كبيرًا في وعي الناس، من ناحية فإنه جذب اهتمام الكثيرين إلى قضايا التعذيب والعنف الأمني، ومن ناحية أخرى دفع بحركة واسعة منظمة انتقلت إلى الشارع عبر الإنترنت؛ هدفها الأول كما يبدو هو متابعة الإجراءات والتطورات لعدم نسيان القضية، والضغط لضمان عقاب عادل لمرتكبي الجريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.