جلسنا في أمان الله، فإذا بعواصف هوجاء تهتز لها جنبات المبنى المدرسي، هزات أرضية تتتابع بانتظام ومع كل هزة يسقط شيء ما، باب، شباك، سبورة، تلميذات الصف الثاني..... نظارة والدي بينما كان يمشي في الشارع المجاور! ابنة صاحب المبنى تهدد بتبليغ أبيها بهذا التخريب المقصود، وعندما سقط الصندوق الأسود عرفنا السر: كانت تمشي باتجاه صفنا! اختبأنا تحت الطاولات -عبثا- كل شيء كنا نفعله عبثا، دخلت ورأتنا، زأرت: من لم تحفظ الآيات؟ سقطت أذني على الأرض، سارعت لالتقاطها، ظنتني ألعب، قالت: تعالي يا قليلة الأدب، قفي هنا (وتشير للجانب الأيمن للسبورة) بل هنا (وتشير للجانب الأيسر للسبورة) ثم فكرت وقدرت: بل اخرجي خارج الصف! ولأني سأقضي الحصة بعيدًا عنها خرجت وأنا أبتسم وأقسم بالله أنني ابتسمت بيني وبين نفسي ولا أدري كيف رأت ابتسامتي! قالت: فرحانة هاه؟ قفي في آخر الصف (يا فرحة ما تمت). بدأ الدرس كتبت المعلمة على السبورة (سورة الطارق) ثم سألت:ما معنى الطارق؟ ما هو الطارق؟ لم يجرؤ أحد على محاولة الإجابة، تمتمت ونحن نسمع صرير أسنانها: الله يصبرني عليكم، ثم قالت: ألا تعرفون الطارق؟ الطارق اسم من أسماء يوم القيامة (فاهمييييين)؟! سألتها نهى: (يعني اسم أخي طارق معناه يوم القيامة؟) فزأرت بوجهها: قليلة الأدب، قفي مع صديقتك في آخر الصف! جاءت المراقبة لحصر الغياب وجدت مقعدينا فارغين وسجلتنا غائبتين! قلت لنهى: هذي المدرسة لا تشبه مدرسة أحمد الشقيري، فقالت لي: هذه المدرسة (ببلاش) ومدرسة الشقيري (بفلوس)! واتفقنا نجمع (فسحتنا) لنشتري مدرسة الشقيري! حان وقت التلاوة، اتجهت نحونا وقالت وهي (تملص) آذاننا: آخر مرة مفهوم؟! فتورمت أذناي وتمددت حتى صرت اضطر لأمسكها بيدي لأرى المصحف، وكانت تمر علينا أثناء القراءة وكل تلميذة تخطئ (تملص) أذنها، وتورمت آذان الفصل كله، وعندما خرجنا من المدرسة كان الناس في الشوارع يروننا ويفرون هربا صارخين: (يأجوج ومأجوج)! حتى والدي فر معهم! احترت كيف أعود للمنزل وأذناي تغطيان وجهي، وإن أمسكتهما بيدي كيف أحمل حقيبتي؟ فاتفقت مع نهى أن نتناوب على حمل الحقائب وإحدانا تقود الأخرى! وصلنا ودخلت غرفتي، حاولت خلع (مريولي) فعلق بأذنيَ، افترشت واحدة وتلحفت بالأخرى ونمت وأنا أحسب (فسحتي) وأحلم بشراء مدرسة الشقيري؟! [email protected]