عندما تقرر إسرائيل الإعلان عن خطط جديدة لبناء أكثر من 1300 وحدة سكنية جنوبي القدسالشرقية ، وعندما يختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توقيتًا لهذا الانتهاك الجديد عشية جولته للولايات المتحدة التي يفترض أن الغرض منها البحث عن سبل إحياء المفاوضات مع الفلسطينيين ، فإن ذلك يعني ببساطة أن إسرائيل تفعل ما يحلو لها ، وأنها تضع نفسها فوق القانون الدولي ، إلى جانب أن الإعلان الذي تزامن مع لقائه مع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي في نيوأورليانز الأحد الماضي يعتبر تكرارًا لإعلان مماثل صدر خلال زيارة بايدن لإسرائيل في مارس من هذا العام عندما أعلنت حكومة نتنياهو أيضًا عن بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدسالشرقية ، وتظاهر نتنياهو بأنه فوجىء بذلك الإعلان . ردود فعل الإدارة الأمريكية في الحالتين لم تتعد التعبير عن الشعور بخيبة الأمل بالرغم من أن هكذا إجراء يوجه ضربة قاصمة للجهود التي تقوم بها إدارة أوباما التي تقول انها لا تزال تضع قضية السلام في الشرق الأوسط على رأس أولوياتها رغم هزيمتها أمام الجمهوريين في انتخابات الكونجرس النصفية ، والتي اعتبرها نتنياهو انتصارًا لليكود أيضًا. يمكن للمرء أن يتوصل بسهولة إلى أن الصلف الإسرائيلي والتمادي في ممارسة الخروقات لأسس ومبادىء عملية السلام والتنكر لكافة الاتفاقيات التي سبق إبرامها مع الفلسطينيين ، وعدم تقييد إسرائيل بالمرجعيات والقرارات الدولية، بأنه في مجمله يأتي كنتيجة طبيعية ومتوقعة لاستمرار الخلافات الفلسطينية التي تعتبر السبب الحقيقي لحالة الضعف والتدهور التي تكتنف القضية الفلسطينية ، وهو ما ينبغي للفصائل الفلسطينية المتنازعة أن تعي خطورتها وهي تستأنف جولة جديدة من اللقاءات التي عادة ما يسبقها ، مع شديد الأسف ، تصريحات صادرة عن قيادات تلك الفصائل تعطي مؤشرًا واحدًا لا يدعو إلى التفاؤل ، ويؤكد من جديد على أن الفلسطينيين بتكريس الخلاف والانقسام إنما يسهلون مهمة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في تحقيق أهدافها التوسعية والتهويدية لما تبقى من الضفة والقدسالشرقية تحت الشعار الذي ترفعه تلك الحكومة الآن «الاستيطان وليس السلام» ، فيما تعبر الفصائل الفلسطينية من خلال فشلها المتكرر في تحقيق المصالحة عن فقدان المصداقية وعدم أهليتها لتحمل المسؤولية الوطنية.