"أرامكو" ضمن أكثر 100 شركة تأثيراً في العالم    رصد 8.9 ألف إعلان عقاري مخالف بمايو    الإبراهيم يبحث بإيطاليا فرص الاستثمار بالمملكة    "كروم" يتيح التصفح بطريقة صورة داخل صورة    تدريب 45 شاباً وفتاة على الحِرَف التراثية بالقطيف    ضبط مقيمين من الجنسية المصرية بمكة لترويجهما حملة حج وهمية بغرض النصب والاحتيال    اختتام ناجح للمعرض السعودي الدولي لمستلزمات الإعاقة والتأهيل 2024    أنشيلوتي: كورتوا سيشارك أساسيا مع ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا    ثانوية «ابن حزم» تحتفل بخريجيها    ترمب يصف محاكمته الجنائية في نيويورك بأنها «غير منصفة للغاية»    ضبط مواطنين في حائل لترويجهما مادة الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    «الربيعة» يدعو إلى تعزيز المسؤولية الدولية لإزالة الألغام حول العالم    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بزيارة تفقدية    شولتس: إصابات "بالغة" إثر هجوم "مروع" بالسكين في ألمانيا    أمر ملكي بالتمديد للدكتور السجان مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة لمدة 4 سنوات    مفاوضات غزة «متعثرة».. خلافات بين إسرائيل وحماس حول وقف الحرب    كذب مزاعم الحوثيين ..مسؤول أمريكي: لا صحة لاستهداف حاملة الطائرات «آيزنهاور»    الذهب يستقر قبل بيانات التضخم الأمريكية    الهلال يبحث عن الثلاثية على حساب النصر    مورينيو يختار فريقه الجديد    حجاج مبادرة "طريق مكة" بمطار سوكارنو هاتا الدولي بجاكرتا    «الجمارك»: إحباط تهريب 6.51 مليون حبة كبتاغون في منفذ البطحاء    وكيل إمارة حائل يرأس اجتماع متابعة مكافحة سوسة النخيل الحمراء    فاتسكه: دورتموند قادر على تحقيق شيء استثنائي أمام الريال    خلافات أمريكية - صينية حول تايوان    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    فيصل بن فرحان يلتقي وزير الخارجية الصيني و وزير الخارجية العراق    رياح مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    إسلامية جازان تقيم ٦١٠ مناشط وبرنامج دعوية خلال أيام الحج    5 مبتعثات يتميّزن علمياً بجامعات النخبة    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    ترقية 1699 فرداً من منسوبي "الجوازات"    "سامسونغ" تستعد لطرح أول خاتم ذكي    المملكة ضيف شرف معرض بكين للكتاب    توجيه أئمة الحرمين بتقليل التلاوة ب"الحج"    أطعمة تساعدك على تأخير شيخوخة الدماغ    الرياضة المسائية أفضل صحياً لمرضى للسمنة    البنك الأهلي واتحاد «القدم» يجددان الرعاية الرسمية للكرة السعودية    الغامدي يكشف ل«عكاظ» أسرار تفوق الهلال والنصر    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    جدة تتزين لأغلى الكؤوس    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    المعنى في «بطن» الكاتب !    كيف نحقق السعادة ؟    العِلْمُ ينقض مُسلّمات    الحوكمة والنزاهة.. أسلوب حياة    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    عبدالعزيز بن سعود يطلع على عدد من المبادرات التنموية التي تشرف على تنفيذها إمارة عسير    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة تبوك    تكريم الفائزين بجائزة الباحة للإبداع والتميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير أمريكي بالشؤون الإيرانية: مسلسل طويل من الخطايا في علاقاتنا مع طهران
نشر في المدينة يوم 21 - 10 - 2010

آراء مثيرة للاهتمام إضافة إلى إجابات كثيرة غير تقليدية كانت حاضرة على مدار ساعة من الزمن داخل القنصلية الأمريكية في جدة، حيث أجاب الدكتور تريتا بارسي الخبير في الشؤون الإيرانية وقضايا الشرق الأوسط على أسئلة صحيفة “المدينة” في مقابلة حصرية تطرقت إلى معظم القضايا الشائكة في منطقة الشرق الأوسط. ويرى الدكتور بارسي أنه لا يمكن عزل إيران كما كانت تتصور الإدارات الأمريكية السابقة وأنه إذا كانت هناك اتجاهات لعزلها فسيقودها ذلك بالضرورة للبحث عن وسائل غير مشروعة لإثبات دورها في المنطقة. وطرح الدكتور عددًا من الآراء المهمة عن بعض مشكلات الشرق الاوسط، كما تحدث عن ضرورة إيجاد صيغة جديدة تحكم العلاقات في منطقة الشرق الأوسط. ودعا لعقد مسار مباحثات متزامنة فلسطينية - إسرائيلية من جانب وإيرانية - أمريكية من الجانب الآخر، حيث إن ذلك سيقلل من فرص احتمالات عرقلة أي من الجانبين الإسرائيلي والإيراني مساعي حل الأزمتين. وفيما يلي نص المقابلة:
* أعلن الرئيس أوباما عقب توليه الرئاسة التزامه بفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية - الإيرانية.. هل ثمة تغيير نلحظه في الموقف الأمريكي من طهران.. وما هي الأسس برأيك التي يمكن أن تنطلق منها دعوة أوباما.. ولماذا تعثرت؟
** أعتقد أن الإدارات الأمريكية المعنية تدرك جيدًا أن غياب حوار بنّاء بين الولايات المتحدة وإيران من شأنه أن يضيف تعقيدات كبيرة إلى المصاعب والمشكلات التي تواجهها الولايات المتحدة في المنطقة.
إيران لاعب مهم ومشارك في المنطقة خصوصًا في ظل المخاوف من أن الولايات المتحدة أصبحت ضالعة أكثر في أفغانستان والعراق، بينما الحضور والتأثير الإيراني هناك لا يمكن أن تخطئه العين.
وبالإضافة لما تقدم مضى زمن طويل من التوتر في المشكلات مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
أعتقد أنه من المثير للاهتمام أن نعرف أن الإدارة الأمريكية عملت بجدية شديدة لتهيئة جو من الثقة بين الولايات المتحدة وإيران ليساعد المساعي الدبلوماسية، لكن إدارة الرئيس أوباما توقفت هناك. إذ يبدو أنها لا ترغب في تقديم تنازلات تسبق العملية الدبلوماسية، وترى هذه الإدارة أن أي تغييرات في السياسات أو المواقف من طهران إنما تأتي نتيجة لتلك الجهود الدبلوماسية وتكون في صميمها لا كشروط مسبقة لها.
وبذا فإن إدارة أوباما كان عليها في البدء أن تغير الأجواء، التي كانت سائدة بين البلدين وأعتقد أن هذه الإدارة بذلت جهودًا مقدرة للقيام بذلك. ومثال ذلك رسالة (النيروز)، والتغييرات الملحوظة في الأسلوب واللغة لدى التعامل مع إيران.
وأعتقد أن الإدارة الأمريكية لم تتوقع كما لم تتوقع أية جهة أخرى الصعوبات، التي نشأت أثناء الانتخابات الإيرانية السابقة، حيث أصبحت الدولة الإيرانية بصورة أو بأخرى في حالة شلل. وجرى عسف وعنف على نطاق واسع أما ترتيب وضع السلطة نفسه داخل الحكومة الإيرانية فقد تغير بصورة دراماتيكية، ومن الواضح أنه نشأت بسبب هذه التعقيدات مشكلات واضحة، فقد كان الإيرانيون منذ البداية متشككين فيما تنوي إدارة الرئيس أوباما فعله.
وتعتقد طهران أنه من الضروري أن تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة بتقديم تنازلات وأن تفعل شيئًا ملموسًا لتحسين العلاقة بين البلدين بدلًا من أن تعتمد على الأقوال.
إدارة الرئيس بوش كانت ترغب في رؤية تغيير داخل إيران قبل إجراء مباحثات معها، وفي ذلك الوقت كان الإيرانيون يلحون على ضرورة إجراء المفاوضات دون شروط مسبقة، حاليًا إدارة الرئيس أوباما ترغب في إجراء مباحثات دون شروط مسبقة، بينما الإيرانيون هم من يقولون هذه المرّة بأنهم يرغبون في رؤية نوع من التغيير حتى يستطيعوا تقدير جدية الطرف الآخر.
* برأيك ما اللحظة التاريخية التي شهدت بروز الخلاف بين واشنطن وطهران؟ هل كانت خلال حكم الشاه أم لحظة سقوطه أم ما جرى بعد السقوط.. وهل ثمة فرصة تراها لتصحيح هذا الخطأ التاريخي؟
** الأخطاء التاريخية عديدة. هناك سلسلة طويلة من الأخطاء من الجانبين.
كانت هناك فترات سادت فيها علاقة قوية وذات طابع استراتيجي، والآن تحولت علاقة تشوبها الأزمات.
أعتقد أن الإيرانيين والأمريكيين ظلوا يتبادلون الملامة، وهو اللوم نفسه الذي ظل البلدان يوجهانه إلى بعضهما البعض منذ فترة طويلة، لأن هناك الكثير من المشكلات التي حدثت في كلا الجانبين. فإيران توجه أصابع الاتمهم لأمريكا بالتورط في انقلاب عام 1953م، بينما تتهم أمريكا إيران بتوجيه الأفغان الإيرانيين ضدها.
أعتقد أنه من المهم أن نضع فيما يتعلق بهذه المسألة نقطتين في حسباننا: إيران بلد لديه ومنذ أمد طويل طموح في أن يصبح قوة ناشطة في المنطقة ولدى إيران خبرة تاريخية كانت فيها قوة مؤثرة في المنطقة خلال معظم تاريخها الممتد منذ ثلاثة آلاف عام، ونتيجة لذلك فهناك نزعة وطنية داخلية في إيران، ضد التحمس لوجود القوى العظمى في المنطقة وضد وجود قوات عسكرية فهذا مما يقلل من حجم إيران.
وكان هذا التصور موجودًا في فترة حكم الشاه أيضًا. هذه ليست ظاهرة جديدة بحيث نقول إنها جاءت مع النظام الحالي. كان الشاه خلال فترة حكمه يتطلع إلى دور إيراني بمجرد مغادرة البريطانيين للمنطقة عام 1971م.
الطموح الإيراني مع ذلك في فترة حكم الشاه لم يقتصر على الجيران المباشرين، فقد قدم الشاه في فترة من الفترات استشارة لعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين؛ مفادها أنه من الأفضل أن تقوم إيران بدور أمني في الجزء الغربي من المحيط الهندي نيابة عن الولايات المتحدة وهذا طموح كبير إذا أخذنا في الاعتبار أن الأسطول الإيراني لم يكن قويًا وقتها بصورة كافية، وهو إلى الآن ليس كذلك، لكن هذا المنحى في الطموح الإيراني والأفكار الأمريكية في كيفية التعامل معه كانا موجودين منذ تلك الفترة. كان ذلك قد وقع في ظل أزمة أكثر أهمية وهي الحرب الباردة التي كانت تلعب فيها إيران دورًا مهمًا كحليف للولايات المتحدة لكبح قدرات الاتحاد السوفيتي بهدف منعه من التسلل للمنطقة. لذا فبينما كان التوتر قائمًا بين الولايات المتحدة وإيران فكان ينظر إلى ذلك التوتر كمسألة ثانوية؛ مقارنة بالمسألة الأكبر الموجودة المتمثلة في الحرب الباردة.
* النفط ثم إسرائيل..أو إسرائيل ثم النفط هما المحركان الرئيسيان للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.. كيف ترى ذلك.. هل هما محركان إيجابيان يعملان لصالح السياسة الأمريكية أم أنهما بحاجة إلى إعادة هيكلة؟
** هذا سؤال جيد جدًا.
حقيقة في الخمسين سنة الماضية أو نحوها كان يمكن أن ينظر لهذين العاملين باعتبارهما مهمين للغاية. لكن أعتقد أننا ندخل حاليًا عصرًا مختلفًا؛ إننا ندخل عصرًا أصبحت لدينا فيه قوى في المنطقة أكثر إصرارًا على تأكيد ذاتها، مما كانت عليه من قبل. تركيا هي مثال بديهي على ما أقول، وهي حليف منذ مدة طويلة للولايات المتحدة لكنها الآن في وضعية تجعلها تصر على القيام بدور أكبر مما كانت تقوم به في السابق.
ولدينا ما يمكن أن نسميه اتجاهًا في الانتقال من القطبية الأحادية إلى القطبيات المتعددة، وهو وضع سيكون فيه للصين وقوى أخرى مصالح في المنطقة وستدخل هذه القوى على وجه التحديد في مجالي الطاقة والأمن؛ لذا فيبدو لي أن الإطار القديم ليس مستدامًا وسيكون من الصعب تطبيق رؤية ودور لأمريكا وحدها.
أعتقد أن إيجاد صيغة جديدة سيكون أمرًا مفيدًا للولايات المتحدة في مراجعاتها بهذا الصدد. لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن الصيغة الجديدة تعني أيضًا أن عددًا من الفاعلين في المنطقة، الذين ظلوا يستفيدون من المعادلة القديمة سيضعون الكثير من العراقيل والممانعة. هذا ليس قرارًا تنفرد به أمريكا وحدها. ولو أن أمريكا أقرت بضرورة إنشاء صيغة جديدة فهذا لا يعني أن العديدين من حلفاء أمريكا سيسعدون بذلك، وإن بشّرت بأن الصيغة الجديدة ستكون مفيدة لهم أيضًا على المدى الطويل. سيكون دائمًا هناك مثل هذا النوع من المقاومة والممانعة.هذا التغيير سيقود تقريبًا إلى تغييرات مؤسسية أي أنه سيتم تغيير النظم والتراتبيات القديمة في المنطقة. ومن السذاجة أن نتوقع أن غالبية من البلدان في المنطقة ستكون سعيدة بمشاهدة حدوث مثل هذه التغييرات دون مقاومة.
* أقامت إيران خطوط اتصال عالية الكفاءة مع بعض الجماعات السياسية أو القتالية في الشرق الأوسط بل ارتبطت مع بعضها بحبل سري (حزب الله مثلًا).. ما تقييمك لعلاقات طهران بكل من: حماس، الجهاد الإسلامي في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وبعض الفصائل الشيعية المتشددة في العراق.. وإلى أي مدى تعمل هذه العلاقات لخدمة مصالح طهران وتهديد جوارها الإقليمي؟
** هذا سؤال مهم للغاية. علينا هنا أن نرجع خطوة للوراء وننظر للمسألة من مستوى أعلى، لأنه إذا نظرنا بصورة منفردة إلى علاقة إيران مع بعض هذه المنظمات سنجد أنها تتسم بمعضلات وتقلل من إمكانيات الحلول.
لكن بالنظر إلى المشكلة من زاوية تاريخية أي من مستوى أعلى -كما أوضحنا- فمن المهم أن نضع في الاعتبار أن هناك حقيقتين يمكن أن نلحظهما في إيران تدفعان تجاه ضرورة القيام بعلاقات مع هذه المنظمات. إيران حاليًا كما كانت خلال عهد الشاه هي دولة غالبية من الشيعة، غالبية من الفرس؛ في بحر من الدول السنية العربية، وهي دولة لديها رغبة للزعامة في المنطقة بينما لا ترى ولو حليفًا طبيعيًا واحدًا. إيران ليس لديها أصدقاء. وهي لم يكن لديها أيضًا في السابق في فترة حكم الشاه أي أصدقاء. ليس هناك مثل هذا الحليف الطبيعي الذي في وسع طهران الاستناد إليه. تعاني إيران من إحساس عميق بعزلة استراتيجية طويلة في المنطقة وهو إحساس ليس بالضرورة أن يكون مشابهًا لإحساس إسرائيل في عزلتها هي الأخرى، وهذا الإحساس يوجه جزئيًا علاقات إيران.
أعتقد أنه من المهم أن نعرف أن استثمار إيران لعلاقاتها مع الشيعة في لبنان سابق لقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كانت حكومة الشاه تتبع نفس السياسات. بالطبع كانت المداخل مختلفة، لكن على الرغم من ذلك؛ كانت للشاه أهداف تتمثل في أن يرى في الشيعة المنتشرين في مختلف دول المنطقة شيئًا أقرب للحليف الطبيعي لإيران، وهذا كله يتأتى من الشعور بالعزلة الاستراتيجية.
وهذا الوضع أصبح حاليًا وبطرق مختلفة حسب تقييمي يتضمن إشكالات جمة في الطريقة التي تلح عليها إيران لأنه يختلف عما كان عليه الوضع في زمن الشاه. فالشاه كان لديه مدخل لما يمكن أن نسميه طرق التأثير المشروعة في المنطقة وإيران من هذا المنظور كانت بلدًا محترمًا ومقبولًا، ويمكننا أن نقول أنها كانت جزءًا من بنية المنظومة الأمنية في المنطقة. كان لدى إيران مقعد على الطاولة، أما جمهورية إيران الإسلامية فليس لديها هذا المقعد.
والإحساس بالعزلة يصبح والحال كذلك أكبر مما كان في الماضي. وبدون مقعد لإيران على الطاولة بمعنى بدون الحصول على مدخل لطرق التأثير المشروعة فإن الإيرانيين قد تركوا للبحث عن مداخل قنوات التأثير ربما تكون أقل مشروعية.
فإن لم يكن لديك مقعد على الطاولة فإنك ستحاول بأي طريقة تستطيعها الحصول عليه، والعلاقة مع حماس، وحزب الله والجهاد إلى آخره تدخل ضمن هذا المسعى. والسؤال يبقى ما الذي يجب فعله إزاء هذا؟ أعتقد أنه من المستبعد أن نشهد إيران تتخلى عن حزب الله، وأعتقد أنك كنت محقًا تمامًا في استعمال عبارة (حبل سري) في سؤالك؛ هذه ليست علاقة يمكن التخلي عنها بسهولة.
لكن هناك حقيقة أساسية يجب الإقرار بها وهي أنه كيفما كانت إيران مثيرة للأزمات فلا يمكن إبعادها من المنطقة، ومهما كان بعض سلوك إيران مثيرًا للأزمات فإن بعض الملابسات التي قادت إلى هذا السلوك لا يمكن إنكارها.
* تشير برامج التسليح الذاتي الإيرانية إلى طموح إقليمي غير محدود قد يهدد أمن الجوار العربي في الخليج كما ينذر بسباق تسلح غير مسبوق.. ما أدوات واشنطن للتعامل مع الموقف وإلى أي مدى يمكن أن تكون فعالة؟
** أعتقد أن هذا سؤال جيد جدًا وأعتقد أن هناك كلمتين رئيسيتين في السؤال من المهم للغاية أن نضع تحتهما خطًا. فيما يتعلق بالطموحات التي بلا حدود في المنطقة أنا لست مقتنعًا بأن الإيرانيين يسعون إلى ما نشير إليه غالبًا بمسعى إيران (في المنطقة) لأن تصبح مثل ألمانيا (في أوروبا) فمن الصعب أن نرى أن إيران قد تحولت إلى ألمانيا في المنطقة.
وفي حقيقة الأمر فإن أسرع طريقة تتسبب في سقوط إيران هو منحها إمكانية أن تصبح ألمانيا فهي تستطيع أن تظل بهذه الحال لمدة أسبوع ثم تنهار، تصور مثل هذا الطموح بهذه الكيفية ليس أمرًا صائبًا. عندما نأتي للتعامل ليس فقط مع إيران، بل مع بلدان تعاني نفس الإحساس بعدم وجود دور لها، بحيث تشعر مثل تلك البلدان بأن لديها وزنا جيو-سياسي أكبر بكثير مما حصلت عليه من طرق وقنوات التأثير المشروعة، فمن المسائل المهمة أن نجد موازنة يمكن عن طريقها إنشاء مساحة لها بدون زيادة شهية تلك البلدان. وعندما ننشئ مساحة لها يجب أن نتأكد من أنها تحس بشعور من الرضا. الوضع الحالي خطير لأنني أعتقد بأن عدم التوازن الموضوعي بين القوة التي تمتلكها إيران والدور الذي تمتلكه هو مصدر من التوتر في المنطقة.
وسيكون لدينا وضعية مماثلة إذا كانت تركيا ستستمر في النهوض دون أن تستطيع زيادة وزنها السياسي. هذا الوضع سينشئ معضلات ملحوظة.ليس بالضرورة أن يتم التعامل معها بنفس الكيفية التي جرت مع إيران ومع ذلك يجب أن نقر بأنه ستكون هناك مشكلة كبيرة ماثلة.
إذن هذا تحدٍ مهم للغاية، وهو تحدٍ مهم لدول أخرى في المنطقة. يجب ألا ننسى أن بعض الدول أصبح لها وضعية مريحة في الترتيبات التي ظلت موجودة منذ ثلاثين سنة. بمعنى أن قوة رئيسية في المنطقة ظلت معزولة ومحتواة ومستبعدة من المشهد السياسي. هذه الدول أصبحت معتادة على ذلك للدرجة التي تفترض فيها بأن هذه الوضعية ستصبح دائمة، بينما الأمر ليس كذلك ففي لحظة ما سيتغير هذا. وفي الوقت الذي تعود فيه دولة رئيسية كإيران إلى الطاولة فإن هذا سيؤثر على المجال والدور الدبلوماسي السياسي، الذي تحظى به على وجه التحديد بلدان أخرى رئيسية في المنطقة.
إعطاء مثل ذلك المقعد على الطاولة سيجعل أي طرف آخر يقدم تنازلات على الطاولة وذلك بأن يصبح في وضعية أقل من السابق قبل دخول إيران. وهكذا فإن إيجاد مثل هذا التوازن سيكون مسألة صعبة للغاية.
والآن ما الأدوات التي تمتلكها الولايات المتحدة عندما تأتي إلى هذه المهمة؟ أعتقد أنه وخلال الثلاثين سنة الماضية كانت الأدوات التي تم استخدامها بصورة أساسية هي الأدوات العقابية، الحظر، والتهديد العسكري، بالإضافة إلى الاحتواء. وأعتقد أن الاحتواء في حد ذاته، قد أضاف الكثير من الصعوبات. وأعطيكم هنا تجربة محددة في عام 1994م قدمت الحكومة الإيرانية عرضًا نفطيًا لشركة كرونيكل الأمريكية، وفي جانب من أسباب القيام بذلك هو أن حكومة رفسنجاني في ذلك الوقت كانت ترغب في إنشاء منطقة مصالح اقتصادية مشتركة بين إيران والولايات المتحدة يمكن عبرها بناء مصالح سياسية مشتركة بأمل أن تنتج عن ذلك خطوات إيجابية في العلاقة بين البلدين.
هذا العقد تم حظره بواسطة الكونجرس الأمريكي لأسباب سياسية داخلية أمريكية وبعد ذلك رأينا الحظر الواسع من الولايات المتحدة على إيران. التجارة الأمريكية الإيرانية كانت بعدة بلايين من الدولارات قبل هذا الحظر على الرغم من الاتهامات المتبادلة.
* ثمة مخاوف من طموح نووي إيراني يجري التعامل معها عبر قنوات الدبلوماسية والضغوط الاقتصادية والسياسية.. هل ثمة خط أحمر ستندلع الحرب إذا ما تخطته إيران.. وعند أي نقطة يقع هذا الخط الأحمر؟
- هذا سؤال آسر، لأنني أعتقد أن الإدارة الأمريكية ظلت تتبع سياسة تحاول أن تتفادى فيها العثور على أي خطوط حمراء، وهذا بخلاف إدارة الرئيس بوش التي كانت لديها العديد من الخطوط الحمراء التي صنعتها بالقوة. هذه الإدارة كانت أكثر عناية بألا تصطدم بخطوط حمراء، وهذا الأمر كان محبطًا لبعض البلدان.
لو كانت هناك أي خطوط حمراء فالولايات المتحدة ستشن الحرب فورًا إن تجاوزتها طهران، فإذا قامت إيران بالشروع بهجوم شامل على القوات الأمريكية في المنطقة فهذا سيكون خطًا أحمر واضحًا لا يستوجب أن تعقبه أية إيضاحات أو تفاصيل.
هل سيكون هناك هجوم أمريكي إذا قامت بتخصيب اليورانيوم للدرجة التي تمكنها من صنع السلاح النووي؟، أعتقد أن بعض الدول في المنطقة تأمل بشن مثل هذا الهجوم.
هل سيكون هناك خط أحمر إذا قامت إيران بتجربة قنبلة نووية؟، أعتقد أنه سيكون هناك ضغط ملحوظ على الولايات المتحدة من الداخل لاتخاذ خطوة عسكرية لكن حتى هذه اللحظة وحسب علمي فإن الرأي العام ومنذ فترة لا بأس بها لم يمل على الإدارة الأمريكية ما يجب فعله وما لا يجب فعله من سياسات وقرارات.
هذا ليس وضعًا يمكن أن يبقى دون حل، وإذا استمرت الحال هكذا بين الولايات المتحدة وإيران لعامين آخرين أو ثلاث دون التوصل إلى اختراق حقيقي فإن هذا الوضع نفسه سيدفع الولايات المتحدة وإيران أكثر فأكثر نحو نوع من المواجهة، واستمرار هذه الوضعية هو أمر خطر بحد ذاته.
* تنفق واشنطن المزيد من الجهد والمال.. وأحيانًا الدم في مواجهة ما تراه تهديدات لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط. ولكنها لم تتعامل في أي وقت مع السبب المباشر لتلك التهديدات.. ألا تتفق معنا في أن معظم التهديدات منشؤها تبني واشنطن لرؤية إسرائيل لإقليم الشرق الأوسط؟
** أعتقد أن هذا وضع معقد. أعتقد أن المشكلة الإسرائيلية - الفلسطينية موضوع مهم للغاية ويجب التوصل فيها لحل شامل وأعتقد أنها مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها القوة المسيطرة كأمر واقع على هذه المنطقة عندما لا ترى حلًا لهذه الأزمة، وكدولة توفر أمنًا نهائيًا للمنطقة إن دعا الحال فهي أتت لهذه المنطقة كي تكون مسؤولة عن حل لأزمات من هذا النوع.
وهذه المشكلة مصدر لإحباط مكثف وهي مصدر لمشاعر سلبية تجاه الولايات المتحدة، وتظهر أن الولايات المتحدة ليست وسيطًا أمينًا، وفي حقيقة الأمر، لو تتبعنا الكتابات الداخلية في الولايات المتحدة فالعديد من الدوائر هناك ترى أن الولايات المتحدة لا يجب أن تكون وسيطًا عادلًا، ما دامت تعد صديقًا لإسرائيل في هذه الأزمة.
أعتقد أن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، وأريد أن أشدد على ذلك فهي على أهميتها ليست مشكلة جيو-سياسية في الأساس بل هي في نهاية الأمر قضية أرض وهي قضية اتخذت أبعادًا أخلاقية معتبرة وتحتاج إلى حل، ولكنها وحسب تقييمي لها لن تقود آليًا إلى حل للمشكلات الأخرى في المنطقة.
سوف يساعد حلها في تغييرات معتبرة في المشاعر ضد الولايات المتحدة في المنطقة دون شك ولكن العديد من المشكلات في المنطقة مثار جدل وهذه المشكلات الأخرى تتداخل في تركيبة مع المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية بما يجعلها أكثر تعقيدًا لأنها مشكلة تقع في منطقة جيو-سياسية واسعة.
فلننظر مثلًا للعراق إنها مشكلة جيو-سياسية تم تحريكها بين الإيرانيين والإسرائيليين كدولتين في المنطقة تسعيان للتأثير وهذا الوضع في العراق قاد بصورة متزايدة إلى أزمة أمريكية - إيرانية بينما تلعب إسرائيل فيها دورًا أصغر إلى جانب أمريكا.
هذه اللأزمة قادت لأن يصبح الإيرانيون أكثر نشاطًا في نطاق المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية حتى تستطيع أن تحصل على مكاسب في العراق، يمكننا حل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية، ولا أقول أن ذلك سيكون سهلًا، لكن إذا استطعنا أن نحلها فهذا لن يكون في حد ذاته طريقا لإنهاء الخلاف مع طهران، بل سيعني فقط أو واحدا من المخاوف التي تثيرها المواجهة مع طهران قد زال تأثيره.
* تنحية إيران إقليميًا تبدأ بإنجاز سلام حقيقي بين العرب وإسرائيل.. كيف ترى هذا الرأي؟! وهل ما تفعله إدارة أوباما الآن كافٍ لإنجازه؟
** أنا سعيد لأن هذا السؤال جاء تاليًا لسابقه وهو سؤال تجدني في واقع الأمر لا أتفق معه، إذا أقمت سلامًا بين الإسرائيليين والعرب فهل سيجعل ذلك الأمر ميسورًا لعزل إيران؟ ربما، لكن هل يحل ذلك المشكلات في المنطقة؟ لا.
بل بالعكس، وعلى وجه الدقة لأن حل المشكلة العربية الإسرائيلية قد تم الترويج له بنفس الطريقة التي يعرض لها السؤال، بما يفيد أن السلام يجب تحقيقه بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى يتسنى عزل إيران وليس بهدف بلوغ السلام بحد ذاته، ونحن بهذا نثير حفيظة الإيرانيين كي يقوموا بكل ما في وسعهم لمنع نجاح عملية السلام كي لا يتحقق عزلهم.
هذه الديناميكية هي بالضبط ما حدث خلال التسعينيات وإيران في ذلك الوقت. اتبعت نفس السياسات لتحول دون وقوعها في العزلة، لدى الإيرانيين أوراق عديدة سيقومون بعمليات وتدخلات في مناطق مثل لبنان والأراضي المحتلة وفلسطين وإسرائيل وبالسعي لعزل إيران فأنت تزيد بالفعل من المشاعر العدائية الرامية لمنع التوصل لسلام. السلام بين إسرائيل وفلسطين مطلوب من أجل هذين الشعبين وللمنطقة ككل. وربط ذلك بإيران ربما يستند إلى حجة تكتيكية جيدة لكنه سينشئ كارثة استراتيجية.
* ماذا تتوقع واشنطن من أصدقائها العرب في التعاطي مع الملف الإيراني وماذا يمكن أن تقدم لهم في المقابل؟
** أعتقد أن ما تتوقعه واشنطن من أصدقائها العرب لدى التعامل مع إيران هو أمر غامض لأنه أحيانًا لا نعرف هل واشنطن تسعى لحل هذه القضية من أجل الأمن العربي أم أن الولايات المتحدة تجر العرب لسياسات من أجل أمنها الخاص وهو الأمر الذي نجد أن العرب أقل حماسًا له.
لا زلت لا أستطيع أن أستخلص بالضبط أي من هاتين الوجهتين هو الذي يتم أو إن كان يجري العمل بهما وربما استطيع الإجابة بالقول أنه في نهاية الأمر من الصعب التكهن بأي حل في المنطقة لا تشارك فيه الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة في النهاية هي ما زالت القوة العظمى وهي القوة العسكرية والسياسية الأكثر فعالية في المنطقة، لكن أعتقد أيضًا انه من المهم أن ندرك أن الصيغة أو المعادلة الموجودة حاليًا -وأشير هنا إلى ردي على السؤال الأول- هي ببساطة ليست نفس الصيغة السابقة.
هذه صيغة مختلفة ولكي يتم التمكن من إنشاء قاعدة استراتيجية للعلاقات المستقبلية يجب أن يكون هناك التناغم ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضًا في المنطقة.
* بعض مستعرضي كتابك يا دكتور بارسي وعنوانه (التحالف الغادر: التعاملات السرية بين إسرائيل، إيران والولايات المتحدة) يزعمون أن المقولة الرئيسية في كتابك تفترض أن التحولات الرئيسية في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية الإيرانية هي لا تعدو كونها إلزاميات جيو –سياسية بدلًا من النظر إليها كتبدلات أيديولوجية. إلى أي حد تتفق مع وجهة النظر هذه؟
** من المهم على نحو خاص عندما تنظر إلى إيران أن نلحظ أنها على السطح دولة أيديولوجية وتتطلع دائمًا لأن تصور كل شيء تفعله من أصغر إلى أكبر القرارات على ضوء التبريرات الأيديولوجية؛ ولكن عندما ننظر إلى ما حدث بالفعل وما قام به الإيرانيون مقارنة بما قالوا فإن الأيديولوجية تقدم لنا تفسيرًا ضعيفًا لما فعله الإيرانيون.
والسياق الجيو- سياسي حسب تقييمي يصبح أقوى عامل لتفسير صناعة القرار.
عندما تكون لديك دولة أيديولوجية حقًا وتنظر إلى معظم أزماتها وفقًا للرؤى الأيديولوجية فإنك ستجد نفسك بسرعة في تعقيدات جمة لأنه في المعارك الأيديولوجية لا يوجد تعادل فلا بد أن ينتصر هذا الجانب أو ذاك، فبينما في الأزمات الاستراتيجية يمكننا أن نجد حقيقة أرضيات مشتركة أو وضعية انتصار لكلا الجانبين كما يمكننا أن نجد حلولًا توفيقية لكنها لا تجد ذلك في الدين أو الأيديولوجية. يعمل الإيرانيون بصورة جادة للتأكد من أن قراراتهم وتبريراتهم ينظر إليها من خلال العدسات الأيديولوجية، وذلك لأنهم ينظرون إلى هذا من زاوية الفوائد الاستراتيجية لهم كي يستطيعوا جعل قراراتهم أكثر جاذبية للشارع العربي ولمواطني الدول الإسلامية لأنهم إذا عملوا على تبرير قراراتهم بصورة أساسية من منطلق إيراني قومي وبأجندة مصالح إيرانية بحتة فلن يكون لدى هذا الطرح جاذبية خارج الحدود الإيرانية.
* هل إيران الثيوقراطية تختلف عن أفغانستان الطالبانية.. هل تعتقد أن النظام الحالي في إيران ليس خصمًا غير عقلاني للولايات المتحدة وإسرائيل؟
** أعتقد أن واحدة من أكبر الأخطاء التي يمكن ارتكابها فيما يتعلق بإيران هو التقليل من شأنها والتحجج بأن دفوعات الإيرانيين وانطلاقاتهم إنما هي غير عقلانية نعم هناك عدم اتفاق قوي مع ما فعلته الحكومة الإيرانية وعلى الأخص مع ما تقوم بعمله حاليًا ولكن أن يساوي المرء ما لا يتفق معه مع اللاعقلانية أو أن يساوي المرء بين ما لا يفهمه مع اللاعقلانية فهذا يعتبر أمرًًا خطيرًا.
كانت لدينا نزعة لتعريف أو تفسير ما تفعله إيران كأيديولوجية أو لاعقلانية لسبب بسيط هو أننا في الحقيقة لا نفهم ما الحسابات الاستراتيجية للإيرانيين. أعتقد أنه من الخطر أن نعتقد بحق أن هذا المسلك الإيراني لا عقلاني أو أن اللاعقلانية تقوده. الإيرانيون أنفسهم يعملون بجدية كي يتأكدوا من أننا لا نعرف حساباتهم الاستراتيجية.
* فيما يتعلق بالقوات بالحروب بالوكالة هل تتوقع أن تقوم إيران مرة أخرى بتحريك منظماتها التي تعمل بالوكالة هذه وتنشطها للقيام بهجمات انتحارية أو أي أعمال عنف داخل الأراضي المحتلة، “إسرائيل” أو أي مكان آخر، وذلك من أجل لجم مسار عمليات السلام الجارية حاليًا كما فعلت أثناء مسار عمليات السلام في التسعينات حسب كتابك؟
** للأسف أعتقد أنه سيكون من الخطر للغاية أن نتغاضى عن الحقائق الموجودة حاليًا لكن أعتقد أن علينا ربما أن نتراجع خطوة للوراء كي نقول تحت أي ظروف ولأي أهداف قامت إيران بما قامت به في الماضي.. عندما نعود للأعوام 1993-1994م نجد أن مسار عملية السلام كان واعدًا بحق. كان هناك الكثير من الحماس والكثير من التفاؤل بما سيصل إليه ذلك المسار. وكان مسار عمليات السلام متصلًا استراتيجيًا مع مسألة احتواء إيران وهذا أنشأ لدى الإيرانيين بواعث قوية لتقويض مسار عمليات السلام أنّى كان توجهه.
الآن -ولن أكون متشككًا فيما تفعله الإدارة الأمريكية- فلا أرى أن الإيرانيين يتأثرون بالمباحثات المباشرة وغير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ومن ناحية أخرى لم تقم إدارة الرئيس أوباما بنوع من الارتباط الصريح بين النجاح في المسعى الإسرائيلي الفلسطيني واحتواء إيران. كما فعلت إدارة الرئيس كلينتون. كانت إدارة الرئيس كلينتون واضحة في ذلك المسعى ولم ترتبط بإيران دبلوماسيًا. أعتقد أن المدخل الصحيح هو السعي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفي الوقت نفسه التأكد من الارتباط دبلوماسيًا مع إيران. لان هذا يقلص من الدوافع العدوانية والمخاوف لدى كلا الجانبين ففي الجانب الإسرائيلي علينا ألا ننسى أن هناك مخاوف جمّة مستمرة من إيران. تتوجس إسرائيل من أنه إذا كانت هناك مساعٍ دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران فهذا سيقود لعمليات توفيقية بين البلدين وربما يكون ذلك حسنًا للولايات المتحدة، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لإسرائيل.
----------------------
الدكتور تريتا بارسي في سطور
* مؤسس ورئيس المجلس الوطني الإيراني - الأمريكي
* خبير في العلاقات الإيرانية الأمريكية، والسياسة الإيرانية، وتوازن القوى في الشرق الأوسط
* مؤلف كتاب (التحالف الغادر: التعاملات السرية لإيران وإسرائيل والولايات المتحدة (الصادر عن جامعة ييل 2007م، وقد ترجمته للعربية بواسطة مكتبة مدبولي بالقاهرة)
* أجرى الكاتب أكثر من 130 مقابلة مع كبار المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين والإسرائيليين من أجل الإعداد لذلك الكتاب.
* ولد في إيران وفي سن الرابعة هاجرت عائلته إلى السويد حيث كان والده قد اعتقل في عهد الشاه وفي ظل حكم الخميني
* انتقل بارسي في شبابه لأمريكا
* أشرف الدكتور فرانسيس فوكوياما على رسالة بارسي التي نال عليها درجة الدكتوراة من مدرسة (جون هوبكنز) للدراسات الدولية المتقدمة
* يتحدث الدكتور بارسي الإنجليزية والفارسية والسويدية بطلاقة
* يعمل حاليًا أستاذًا باحثًا بمعهد الشرق الأوسط بالولايات المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.