الحديث الذي أدلى به معالي الدكتور/ محمد الرشيد وزير التربية والتعليم الأسبق للأخ/ فهد الشريف (المدينة 15 مارس) كان شيقاً وصريحاً وشاملاً. ومع كم المعلومات الكبيرة التي تناولها الحوار، إلا أن أشد ما يجذب الانتباه نبرة الألم التي يتلمسها القارئ ظاهرة وبين السطور.. ألمَّ يستجيش النفس، ويبلغ مداه كونه صادراً من ذوي القربى في الدين والعرق والوطن وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند تلك الحدية في التصنيف، وذلك الغلو في الاتهام، والإجحاف في المفاصلة لا يقره دين يدعو إلى الجدال بالتي هي أحسن، ولا أخلاق تدعو إلى الحوار الذي يسعى لإدراك الصواب بالمشروع من الوسائل والآليات. وواقع الحال أن هذا الفريق من الغلاة المتشددين ليسوا أكثرية ولا يشكلون إضافة قيمة لمجالس الثقافة والعلم، ولا إلى مجتمعات الحوار والمنتديات والديوانيات ولا غيرها مما تحيط به حضاريات الحوار وآداب الجدال وتمدن الكلمة الراقية الهادئة. لكن الواقع أيضاً أن الآثار التي تتركها هذه الحملات الظالمة في نفس الضحية عميقة ومؤثرة وذات جروح غائرة لا يتحملها إلا أولو العزم من أمثال الدكتور محمد الرشيد لأنه في النهاية صاحب رسالة مهما تعددت جوانب الاتفاق أو الاختلاف معه حول فلسفته في العمل أو رؤاه حول التعليم. ويعلم الدكتور تماماً أن هذه الفئة لا تملك حتى أدوات التصنيف القائمة على المبادئ والمُثل بقدر ما تعتمد على الشكل والهيئة، وعلى الثوب واللحية. المبادئ الحسنة تفترض أولاً إحسان الظن بالآخر، وتؤمن ثانياً بالحكم على الناس من خلال ما يظهر من أفعالهم وأقوالهم لا ما خفي من نواياهم ومقاصدهم. والمبادئ الحسنة تنادي على صاحبها، مطالبة إياه بكسب الآخر والتودد إليه كي يصطف معك، لا بإعلان الحرب عليه ليصطف ضدك. هذه العقلية التي تحسن سوء الظن بالمسلم الآخر هي جزء من تخلفنا الحضاري، بل هي أحد المثبطات الكبرى التي تحول بيننا وبين تقدم علمي رشيد أو نهوض حضاري مجيد. تحية لك يا أبا أحمد، وبارك الله في جهودك السابقة واللاحقة. [email protected]