دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس الجميع إلى التصدّي لمسؤولياتهم بوعي وإدراك وأن لا يكونوا عبئًا على دينهم ووطنهم وأهلهم. وقال إن الكلمة أشبه بحد السيف، وأشد وقعًا منه، وأنها إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات والغمز واللمز وإطلاق الاتهامات جزافًا كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف، بل أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم. وقال خلال افتتاح المليك أمس أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، إن وحدة هذا الوطن وقوته تفرض علينا مسؤولية جماعية في الذود عنه، في زمن كثرت فيه أطماع الأعداء والحاقدين والعابثين، وهذا يستدعي منا جميعًا يقظة لا غفلة معها، لذلك فدورنا يضاعف علينا المسؤولية المشتركة بين الجميع كل في موقعه، فالوطن للجميع، ومعيار كل منا على قدر عطائه وإخلاصه لوطن قامت أسسه على دعائم الدّين والذود عن حياضه بالنفس والنفيس، ولا نخشى في ذلك لومة لائم، فهذا هو المحك لمعادن أبناء الوطن، وكلهم معدن نفيس وهو عهدنا بهم. وفيما يلي الكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين أمام مجلس الشورى بسم الله الرحمن الرحيم.. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. أيُّها الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بعون الله وتوفيقه نفتتح أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى. سائلين الحق -جل جلاله- أن يوفقنا جميعًا لما فيه خدمة ديننا، ثم وطننا، وأهلنا شعب المملكة العربية السعودية. أيُّها الإخوة الكرام: إن الآمال والطموحات لا تحقق المنجزات إلاّ بالتوكل على الله -جل جلاله- ثم بعزائم أبناء هذا الوطن، وبذلك تتحوّل الأحلام إلى واقع مؤثر في مسيرة الشعوب. أقول ذلك مشيرًا إلى أن ما تحقق من إنجازات لا يُلبي طموحاتنا جميعًا، والتي نسعى إليها لتكون بلادنا في مصاف الدول المتقدمة. فدولة قامت على إعلاء كلمة التوحيد التي رفع لواءها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- قادرة -بإذن الله- على تحقيق ما تسعى إليه بصبر لا ملل معه، وعمل عماده العزيمة المؤمنة التي لا مكان للوهن معها. إخواني الكرام: إن وحدة هذا الوطن وقوته تفرض علينا مسؤولية جماعية في الذود عنه، في زمن كثرت فيه أطماع الأعداء والحاقدين والعابثين، وهذا يستدعي منا جميعًا يقظة لا غفلة معها، لذلك فدورنا يضاعف علينا المسؤولية المشتركة بين الجميع كل في موقعه، فالوطن للجميع، ومعيار كل منا على قدر عطائه وإخلاصه لوطن قامت أسسه على دعائم الدّين، والذود عن حياضه بالنفس والنفيس، ولا نخشى في ذلك لومة لائم، فهذا هو المحك لمعادن أبناء الوطن، وكلهم معدن نفيس -بإذن الله- وهو عهدنا بهم. أيُّها الإخوة الكرام: إنكم تعلمون جميعًا بأن الكلمة أشبه بحد السيف، بل أشد وقعًا منه، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات، والغمز واللمز، وإطلاق الاتّهامات جزافًا كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء، لذلك أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يتصدوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك، وأن لا يكونوا عبئًا على دينهم ووطنهم وأهلهم. أيُّها الإخوة الكرام: إننا جزء من أمتنا العربية والإسلامية، بل والدولية، فدورنا من أمتنا العربية والإسلامية قائم على الدفاع عن حقوقها، وبذل الغالي والنفيس لما فيه وحدتهم ورفعتهم، ولا ينكر منصف دورنا تجاه ذلك، وسنحرص دومًا على تبني قضاياهم العادلة، ولا يكون ذلك إلاّ بوحدة الصف والهدف للخروج من ليل الفرقة إلى صبح الوفاق. أمّا على الصعيد الدولي فموقفنا واضح وقائم على الصداقة، وتعزيز مفاهيم السلام بين الشعوب والأمم. أيُّها الإخوة الكرام: إن منجزات الوطن وشؤونه الداخلية والخارجية لا يمكن استعراضها في هذا الخطاب، لذلك فالكلمة الموزعة عليكم فيها المزيد من الإيضاح. وما توفيقنا إلاَّ بالله العلي العظيم، عليه توكلنا، وإليه ننيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نص كلمة خادم الحرمين وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الإسلام لنا دينًا وعقيدةً وشريعةً، وجعل لنا القرآن نورًا ودستورًا ومنهجَ حياة، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله، الذي أوضح لنا بسنته المطهرة أمور ديننا ودنيانا. الإخوة أعضاء مجلس الشورى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: بسم الله، وعلى بركة الله، نفتتح أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، سائلين الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجعل هذه السنة.. سنة خير وبركة على الجميع. أيُّها الإخوة الكرام: إن دين الإسلام دين الحوار والوسطية والتعايش، ومن الحوار انبثق مبدأ الشورى.. هذا المبدأ الرباني الذي أكد عليه القرآن الكريم في أكثر من آية، وجعله أساسًا مهمًّا من أسس الحكم في الإسلام. ومن هذا المنطلق حرصت حكومة المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- على إنشاء مجلس الشورى. حيث يجري تحت قبته الحوار والنقاش بشأن القضايا التي تعنى بالوطن والمواطن. أيُّها الإخوة الكرام: نلتقي سنويًّا تحت قبة مجلس الشورى، للنظر بعين متأنية، وعقل منفتح إلى أهم الأعمال التي قامت بها حكومتكم على الصعيدين الداخلي والخارجي، من أجل استلهام العبر، واستشراف المستقبل. ومن أجل حماية الوطن ومكتسبات المواطن من تداعيات خطيرة ألمّت بالمنطقة. وقد كان لحكومتكم جهود استطاعت من خلالها التعامل مع تلك التداعيات الإقليمية والدولية بحكمة وبصيرة نافذتين، جنّبت البلاد الوقوع في المخاطر، وحافظت على المكتسبات، وواصلت مسيرة التنمية. أيُّها الإخوة الكرام: منذ التقيتكم عند افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الخامسة لمجلس الشورى في شهر ربيع الأول من السنة الماضية، وحكومة المملكة العربية السعودية تسعى إلى تنفيذ سياسية شاملة تغطي ميادين عدة، داخلية وخارجية. ونشكر الله -سبحانه وتعالى- أن وفقنا للوصول إلى نتائج إيجابية، تلمسونها وتشاهدونها على أرض الواقع، وهذا لا يعني الرضا المطلق، بل هي محفز لعطاء أفضل لا نرجو منه غير رضا الله -سبحانه وتعالى- ثم خدمة هذا الوطن وأهله. أيُّها الإخوة الكرام: في الشأن الداخلي.. واصلت الحكومة جهودها لترسيخ الأمن، ومن أبرز الجهود في ترسيخ قواعد الأمن، ما تقوم به الأجهزة الأمنية من نشاط ملحوظ في التصدّي لذوي الفكر الضال، والفئة المنحرفة من المتشددين والإرهابيين، وتشهد الساحة الأمنية -ولله الحمد- نجاحات متتالية، وتحركات استباقية، وسوف يتواصل العمل الأمني -بإذن الله- لإفشال كل المخططات الإرهابية، واستئصال شأفة الفئة المنحرفة، وتجفيف منابع الإرهاب. أيُّها الإخوة الكرام: لقد آلمنا ما تعرّضت له المملكة من اعتداء على حدودها الجنوبية من بعض المتسللين المعتدين، حيث وقفت المملكة -بتوفيق الله- بصلابة في وجه هذا العدوان المشين، وتمكنت -بحمد الله- من صد المعتدين، ودحرهم، وتأمين الحدود، وتطهيرها. وفي إطار الاطمئنان على ما حققته قواتنا العسكرية من انتصارات، قمنا بجولة تفقدية للمواقع العسكرية الواقعة على خط المواجهة، تم خلالها اللقاء بأبنائنا المرابطين على جبهة القتال، وتهنئتهم بما حققوه من انتصارات. وفي هذا الصدد.. تجدر الإشادة ببسالة أبنائنا أفراد القوات المسلحة، وجميع أبنائنا أفراد القطاعات العسكرية الأخرى المشاركة في دحر هذا العدوان، وندعو الله بالرحمة والمغفرة للشهداء، وبالصحة والعافية للمصابين والجرحى. ونظرًا إلى ما سببته هذه الاعتداءات من نزوح لكثير من المواطنين عن قراهم الواقعة على الشريط الحدودي، فقد أمرنا بإنشاء عشرة آلاف وحدة سكنية يتم تسليمها في أقرب وقت ممكن لإخواننا وأبنائنا النازحين إلى مراكز الإيواء في منطقة جازان. والمملكة العربية السعودية حكومةً وشعبًا تقدر وبكثير من الامتنان مواقف أشقائها في الدول العربية والإسلامية ومواقف الدول الصديقة بصفة عامة، وموقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة خاصة تجاه هذا الاعتداء، ذلك الموقف الذي عبّر عنه البيان الختامي للمجلس الأعلى في دورته الثلاثين المنعقدة في دولة الكويت الشقيقة. ولا يفوتنا أن نشيد بما أسفرت عنه هذه الدورة من تقدم إيجابي في عدد من الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال مثل الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي، والربط الكهربائي، ودراسة اقتصادية لسكة الحديد بين دول المجلس. أيُّها الإخوة الكرام: انطلاقًا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، ومن الموقع الذي تمثله المملكة في العالمين الإسلامي والعربي واصلنا السعي في تبني مشروع خطاب إسلامي يقوم على الحوار والتسامح، وتقريب وجهات النظر، وإزالة سوء الفهم، ونبذ مظاهر الخلاف والعداء والكراهية بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة عن طريق برنامج الحوار بين أتباع المذاهب والأديان الذي اكتسب بُعدًا دوليًّا، ونحن عاقدون العزم على الاستمرار في هذه الجهود. أيُّها الإخوة: لقد شرّف الله هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين، وفي هذا المجال تم إنجاز التوسعة الكبيرة في المسعى، وجسر الجمرات ممّا ضاعف المساحة الاستيعابية والعمل جارٍ على استكمال التوسعة الكبيرة للمسجد الحرام من الجهة الشمالية، إضافة إلى مشروع قطار الحرمين السريع، ومشروع قطار المشاعر المقدسة، وسوف نبذل كل ما في وسعنا لمواصلة الجهود -بإذن الله- من أجل استمرار توفير سبل الأمن والراحة للحجاج والمعتمرين والزائرين. أيُّها الإخوة: لقد أكدنا مرارًا على أهمية دعم البرامج الحكومية المتعلّقة برفاهية المواطنين وتطويرها، وتيسير سبل العيش الكريم لهم، ولعلّ من المهم الإشارة هنا إلى موافقتنا على الإستراتيجية الشاملة للتوظيف على مدى عشرين سنة مقبلة، كما وجهنا باستحداث ما يزيد على مئتي ألف وظيفة تعليمية لتسوية أوضاع المعلمين والمعلمات، وهذا يصب في مسعانا نحو توفير فرص عمل كافية لأبنائنا المواطنين. أمّا على الصعيد الاجتماعي فقد أمرنا بتقديم مساعدات عاجلة تبلغ مليارًا ومئة وستة وستين مليون ريال لصرفها على المستحقين المشمولين بنظام الضمان الاجتماعي، وأمرنا بشمول الأيتام من ذوي الظروف الخاصة ممّن تجاوزوا سن الثامنة عشرة بهذا النظام. أيُّها الإخوة الكرام: إن التعليم من أهم الواجبات التي اضطلعت بها هذه البلاد منذ عهد التأسيس إلى يومنا هذا، ودعمًا لمجال التعليم العالي افتتحت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، بحضور عالمي رفيع المستوى، وأنشئت أيضًا جامعات جديدة في مناطق مختلفة ليرتفع عدد الجامعات في المملكة إلى خمس وعشرين جامعة، سهّلت لها جميع الموارد والإمكانات المتاحة، وبدعم غير محدود ممّا أهّل بعض جامعاتنا لأن تتبوأ مراتب متقدمة على مستوى الجامعات العربية والإسلامية والعالمية، وفق أفضل المعايير العالمية للتقييم، كما واصلنا برامج الابتعاث لتوفير أفضل الفرص إلى أرقى الجامعات العالمية، ووفق أهم التخصصات حيث بلغ عدد المبتعثين في الوقت الراهن سبعين ألف مبتعث. أيُّها الإخوة: تم بحمد الله تطوير مرفق القضاء من خلال إصدار نظامي القضاء وديوان المظالم الجديدين، واستكمال تكوين المجالس القضائية، ودعم هذا المرفق بإقرار مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، وتخصيص ميزانية لهذا المشروع بمبلغ سبعة مليارات ريال، أمّا في ميدان البناء الإداري والتنظيمي فقد تم تطبيق برامج التطوير الإداري الشامل لأجهزة الدولة لكي تواكب المستجدات العالمية في ميدان الإدارة بمستوياتها المختلفة، وخصوصًا فيما يتعلق ببرامج تقنية المعلومات، وميكنة الأعمال كافة. ولقد شاركت المرأة السعودية مشاركة فاعلة في جميع برامج التنمية والتطوير إلى جانب شقيقها الرجل، سواء بصفتها طالبة، أو موظفة، أو معلمة، أو سيدة أعمال، وما جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بطاقمها الإداري وطاقمها الأكاديمي إلاَّ شاهد على ما حققته المرأة السعودية من تقدم ورقي في سلم العلم والثقافة. أيُّها الإخوة: رغم الهزات الاقتصادية التي شهدها العالم فقد تمكّنت المملكة -ولله الحمد- من مواصلة تنميتها الاقتصادية بخطى ثابتة، ومن أبرز ما تجدر الإشارة إليه تدشين عدد من المشروعات التنموية الصناعية في مدينتي الجبيل وينبع، بلغ الحجم الإجمالي لاستثماراتها حوالى المئة مليار ريال، وتواصلت عملية الإصلاحات في الأنظمة والقوانين لتمكين الاقتصاد الوطني من النمو والتنوع ممّا جعل المملكة تتصدر دول العالم في سرعة تسجيل الممتلكات العقارية حسب التقرير السنوي الذي أصدره البنك الدولي الخاص ببيئة الأعمال لعام 2009م، والمركز الثالث عشر حسب بيئة الاستثمار وفق مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. أيُّها الإخوة: جميعنا يعلم أن الأزمة المالية التي ألمّت بالاقتصاد العالمي قد ألقت بظلالها على جميع اقتصاديات العالم، وقد شاركنا في الجهود الدولية لمواجهة آثار تلك الأزمة، ومن ذلك مشاركتنا في قمة العشرين الاقتصادية التي عقدت في لندن لمواجهة تداعياتها، ونحمد الله أننا لم نتأثر كثيرًا برياح تلك الأزمة -بتوفيق من الله أولاً، ثم لمتانة أنظمتنا المالية والاقتصادية- ممّا جعلنا نتخطّى تلك الأزمة وتداعياتها بسلام، وبأقل خسائر ممكنة، ولم ولن نتوقف عن تهيئة البيئة الملائمة لمساهمة مؤسسات القطاع الخاص ونموها -بتوفيق الله- وجعلها شريكًا إستراتيجيًّا في مسيرة التنمية الشاملة. أيُّها الإخوة: لقد استمرت المملكة في نهجها المعتدل تجاه الوضع البترولي العالمي، وسعت في أعقاب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية للحد من تداعيات تلك الأزمة على استقرار أسواق البترول، ومصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، وقد أثمرت تلك السياسة في الحد من التقلّبات الضارة في الأسعار، كما ساهمت في زيادة دخل الدولة من البترول عن تقديرات الميزانية، وسنواصل نهج الاعتدال والمحافظة على تلك الثروة التي حبانا الله بها، واستغلالها أفضل ما يمكن لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية. أيُّها الإخوة: لقد تم -بحمد الله- إعلان ميزانية الخير للعام المالي الجديد 1431 / 1432ه والتي بلغ إجمالي الإنفاق فيها 540 مليار ريال زيادة 14% عن العام الماضي، وإن هذه الميزانية تمثل استمرارًا لنهج دولتكم في إعطاء الأولوية للتنمية البشرية والرفع من كفاءتها، وتبعًا لذلك فقد تم تخصيص ما يزيد على 137 مليار ريال لقطاع التعليم العام والعالي، وتدريب القوى العاملة بزيادة 13% عن ما تم تخصيصه في العالم الماضي، وتخصيص 61 مليار ريال لدعم قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية بزيادة 17%، وتخصيص 46 مليار ريال لقطاعات المياه والصناعة والزراعة بزيادة 30%، وتخصيص 23 مليار ريال لقطاع النقل والاتصالات بزيادة 24%، بالإضافة إلى تخصيص 21 مليار ريال لقطاع الخدمة البلدية. أيُّها الإخوة: إننا جميعًا حريصون كل الحرص على تثمين الروابط التي تربطنا بمحيطنا العربي والإسلامي، وهي روابط الدّين، واللغة، والعِرق، والجوار، والتاريخ، والمصير، والقضايا والمصالح والإهداف المشتركة، وهي -بلا شك- روابط تسعى دولتكم دائمًا وأبدًا إلى تعزيزها بكل الوسائل المتاحة، ومن ذلك سعيها الدائم إلى المصالحة العربية وإلى مراعاة حسن الجوار، وإلى تنقية الأجواء وإصلاح ذات البين بين جميع الدول العربية والإسلامية الشقيقة، ودعم قضاياها العادلة، وعلى الأخص قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين. وقد سعينا لدعم هذه القضية في مسارين متوازيين المسار الأول الدفع بالمصالحة الفلسطينية، ودعم هذه القضية العادلة في المحافل الدولية بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف أمّا المسار الآخر فتمثل في استمرار مساعدات المملكة المادية والعينية للشعب الفلسطيني، وعلى سبيل المثال قدمت المملكة مبلغ مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة جرّاء الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على القطاع، كما وجّهنا بإطلاق حملة تبرعات شعبية عاجلة في عموم مناطق المملكة لمساعدة أهلنا وأشقائنا في فلسطين وإغاثتهم، وهذا واجبنا تجاه إخواننا العرب والمسلمين في كل زمان ومكان. أيُّها الإخوة: إننا جزء من هذا العالم، وعضو في الأسرة الدولية تربطنا مع جميع الدول المعتدلة مصالح اقتصادية مشتركة، وعلاقات تعاون في جميع الميادين، وتجمعنا بهم أهداف واحدة تتعلّق بإحلال الأمن والسلام، ومحاربة الإرهاب والفساد بكل صوره وأشكاله، وترسيخ مبادئ التنمية والتقدم والرخاء والتطور الحضاري في كل المجالات؛ ولذا فإن حكومة المملكة العربية السعودية حريصة دائمًا على استمرار علاقاتها مع الدول المعتدلة كافة، وترسيخها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية المشتركة وتعزيز قيم التعاون في الميادين كافة. وإننا لنحمد الله تعالى بأن جعل مواقف المملكة العربية السعودية تتسم بالوسطية والعقلانية والحكمة ممّا جنّبها الوقوع في كثير من الصراعات الإقليمية والدولية؛ فهي دائمًا تقف مع قضايا الحق والعدل دون التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، كما أنها تشارك دول العالم في المساعي الرامية لإحلال السلام والأمن العالميين، وهي تشارك بفاعلية في مجال الإغاثة الدولية وفي مجال معالجة تداعيات الأزمة المالية وتفاديها. لكل هذا حظيت المملكة بمكانة رفيعة وعضوًا فاعلاً في جميع المحافل الدولية، وما كان لهذا أن يحدث لولا توفيق الله أولاً ثم تضافر الجهود لما فيه خير الوطن والمواطن والإنسانية جمعاء. والمملكة ماضية بمشيئة الله في نهجها المتّسم بتقديم المساعدات الإنسانية ونصرة القضايا العادلة وتوسعة دائرة المساعدات لتشمل بلدانًا كثيرة ومنظمات إنسانية وصناديق دولية متعددة، ولعل من أبرز ملامح النجاح للمملكة على الصعيد الخارجي إعادة انتخاب المملكة العربية السعودية لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن القارة الآسيوية مدة ثلاث سنوات جديدة مقبلة. إخواني أعضاء مجلس الشورى: لقد أسهم مجلسكم في البناء والتنمية من خلال مبادرات بناءة، وآراء سديدة، وتوصيات موفقة جعلت منه شريكًا مهمًّا في عملية التنمية التي تعيشها هذه البلاد المباركة، وهو يمارس دورًا فاعلاً في إطار مسؤولياته ومهامه، وإننا نقدر ما تحقق من جهود أسهمت مع جهود حكومية أخرى في تحقيق برامج التنمية المختلفة لأهدافها المرسومة. وهو يحظى بقبول واحترام في الخارج من خلال مشاركاته الفاعلة مع نظرائه من المجالس والبرلمانات العربية والدولية، ولقد أصبح مجلسكم اليوم من المجالس الشورية الفاعلة. وبهذه المناسبة.. لا يفوتني أن أشيد بجهود أعضاء المجلس وجميع منسوبيه، وأن أذكرهم بأهمية دورهم في صناعة القرار الحكيم المبني على الدراسة المستفيضة التي يعضدها التخصص العلمي والخبرة العملية وسيظل مجلسكم -إن شاء الله- محل ثقة القيادة وتقدير الحكومة والمواطن. وفي الختام أسأل الله لكم العون والتوفيق والسداد، وأدعوه سبحانه أن يحفظ بلادنا من كل مكروه، وأن يديم عليها نعمة الأمن والاستقرار والرخاء، وأن يوفقنا للعمل لما فيه خير الدّين والوطن والمواطن. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.