أمير الباحة يناقش المشاريع التنموية والخدمات المقدمة في محافظة العقيق    سدايا والمؤشرات العالمية    تنفيذ تسعة مشروعات مائية وبيئية في المدينة المنورة ب500 مليون ريال    الكويت في الصدارة مجدداً    سرابُ النصرِ وشبحُ الهزيمة    وزير الخارجية يصل إلى المنامة للمشاركة في الاجتماع التحضيري ل «قمّة البحرين»    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    في الإعادة إفادة..    سيتي لسحب البساط من تحت قدمي أرسنال    نهائي دوري اليد بين «سيدات» الأهلي والاتفاق    الرزنامة الدراسية !    "الشورى" يطالب "الأمن الغذائي" باستكمال برنامج الحد من الهدر    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    «Mbc Talent» تحصد جوائز أفلام السعودية وتقدّم المنح    نائب الشؤون الدينية الإندونيسي: مبادرة طريق مكة سهلت رحلة الحاج    الجدعان: (إعلان جدة) تضمن مبادرات تخدم العمل العربي المشترك    عاصفة شمسية تهدد أنظمة الاتصالات    فهد بن سلطان: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة سطام    فيصل بن مشعل يستقبل رئيس جامعة القصيم    أمير المدينة يرعى تخريج طلاب جامعة طيبة.. ويتفقد مركز استقبال الحجاج بالهجرة    نائب أمير منطقة مكة المكرمة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    «مكافحة المخدرات» بعسير تقبض على شخص لترويجه 11,100 قرص من مادة الإمفيتامين    الدكتوراه الفخرية العيسى    مسؤولون يخشون انسحاب فوفشانسك وسط هجوم روسي    النزوح الفلسطيني يرتفع مع توغل إسرائيل في رفح    235 ألف ممرض مسجل في السعودية خلال 2030    17 عرضا ومضاعفات لمرضى السكري    القنصل العام في لوس أنجلوس والملحق الثقافي في أمريكا يزوران الطلبة المشاركين في آيسف    مساجد وجوامع تحاكي هويّة مناطق المملكة    17.5 ألف قرار إداري ل"الجوازات" في شوال    واجهات تجارية ل6 مطارات سعودية    الفريق اليحيى: تدشين صالة مبادرة "طريق مكة" بمطار جناح الدولي في باكستان لإنهاء إجراءات المستفيدين بيسر وسهولة    الحضور شرط تجديد الجواز قبل 6 أشهر من انتهائه    محمد نور: غاياردو طرد لاعب الاتحاد    ناشئو الطائرة للآسيوية بالعلامة الكاملة    أمير الحدود الشمالية يرعى ندوة «جهود المملكة في محاربة الإرهاب والتطرف»    «التجارة»: بعض أصوات ناخبي غرفة الرياض «غير نظامية»    يوليو المقبل.. إطلاق خدمة حماية الأجور لرواتب العمالة المنزلية    تخصيص خطبة الجمعة للتوعية بأنظمة وإرشادات الحج    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الغيلاني وطاشكندي يحوزان جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية    القبض على 3 أشخاص لنشرهم إعلانات حملات حج وهمية    النيابة: إيقاف مواطن احتال على ضحاياه بالاستيلاء على مجوهراتهم    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    النفط والذهب يتراجعان    محافظ الأحساء يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تنتظروا عند حافة النهر
نشر في المدينة يوم 28 - 02 - 2010


يعتقد أغلب شعوب الحضارات النهرية القديمة، أنهم من حفروا مجرى التاريخ، وتسكنهم روحه الأبدية، فقد ولدوا يوم ولد النهر الذي أقاموا على ضفافه، ولن يرحلوا إلا حين يرحل النهر، وينعكس مثل هذا الاعتقاد على سلوكيات الشعوب حتى في مواجهة أعتى المحن ف “ نحن باقون والمحنة راحلة حتماً” ولهذا نجد في الأمثال الشعبية لبعض شعوب الحضارات النهرية القديمة ما يعبر بوضوح عن هذا الاعتقاد، فيقول المثل الصيني:” لا تحمل السلاح وتذهب لملاقاة عدوك.. فقط إجلس عند حافة النهر وسيأتي حاملاً جثته يوما ما” . ويقول المثل المصري:” أصبر على جار السوء فإما أن يرحل وإما أن يموت”. لم يقل الشعبان الصيني والمصري أن أياً منهما سيفعل ما هو أبعد من مجرد الانتظار ، فالأول يعتقد أنه ولد مع النهر الأصفر وأنه راسخ رسوخ سور الصين العظيم، والثاني يعتقد أنه توأم نهر النيل الذي لن يموت الا بموت النهر، وأنه راسخ رسوخ الأهرامات التي لم يزحزحها الزمن عن موقعها على ضفاف النيل. لكن كلا منهما طور مفهوم الانتظار على طريقته ووفق ثقافته الخاصة. وكنت قد تحدثت في المقال السابق بعنوان “فن الانتظار” عن نوعين من الانتظار الإيجابي اقترحنا لهما اسم “ الانتظار النشط” والانتظار المرن” وقلنا انه يتعين علينا في حال الانتظار النشط - اذا لم يكن ثمة بد من الانتظار فيما يتعلق بتطورات الملف النووي الايراني وتداعياته الاقليمية والدولية - رصد الواقع وقياس قدرات الأطراف المتصارعة، وتعزيز القدرات الاستخباراتية والمعلوماتية واللوجستية، واستجلاء اللحظة المواتية للقفز من مقاعد المشاهدة الى كابينة القيادة أو على الأقل الى قاطرة الفعل. وفي حال الانتظار المرن لا بديل عن امتلاك خطة جاهزة للتعامل مع كافة السيناريوهات” الاحتمالات” ،وأدوات جرى شحذها بانتظار اللحظة المواتية، وجمهور جرت تهيئته بكافة أدوات التأثير للتعاطي مع استحقاقات مستجدة ومتغيرة. الانتظار إذن ليس موقفاً بليداً بالضرورة، فقد يكون خياراً عملياً، وقد يكون بديلا موفقاً وايجابياً، وقد يكون في حالتيه النشطة أو المرنة استثمارا ناجحا لعنصر الوقت، لكن بين حسابات الانتظار ومواقيته وضوابطه، لا ينبغي أن يغيب عن الموقف العربي الذي يرفض ايران نووية، ولا يريد اشتعال حرب لحرمانها من الخيار النووي في نفس الوقت، حقيقة أن الأطراف المشتبكة فوق خارطة الفعل، قد لا ترى بداً من التسليم بإمكانية التعايش مع قنبلة نووية إيرانية. حدث هذا من قبل مع الهند، ثم باكستان، ثم كوريا الشمالية، ويمكن أن يحدث مجدداً مع إيران إذا ما قادت الحسابات كل من واشنطن وتل أبيب الى حقيقة مفادها أن تكلفة تدمير الخيار النووي الايراني أعلى من تكلفة التعايش معه، ماذا سيفعل الجانب العربي حينها؟ .. هل ثمة حسابات واستعدادات عربية للتعامل مع مثل هذا السيناريو؟ وما هى أبرز النتائج التي يمكن أن يخلص اليها العرب في هذا الصدد؟ هل بينها مثلاً السعى لامتلاك رادع نووي عربي يتيح للعرب تجنب الخضوع لابتزاز نووي ايراني أو اسرائيلي، على حساب المصالح العربية العليا، ثم اذا كان امتلاك رادع نووي عربي مسألة قد تتطلب الانتظار عشر سنوات على الأقل، تحت أي مظلة يمكن للنظام الإقليمي العربي أن يحتمي، وهل تكفي كل مظلات العالم لحماية أي طرف من الخضوع لابتزاز نووي.؟ قبل أكثر من أربعين عاماً قال الجنرال ديجول لدى إعلانه إنسحاب فرنسا من الجناح العسكري لحلف شمال الأطلسي، وإصرارها على تطوير ترسانتها النووية: “إن واشنطن لن تضحي بنيويورك في أية مواجهة نووية من أجل عيون باريس”، أي أن على فرنسا أن تمتلك بذاتها القدرة النووية الكفيلة بردع من تسول له نفسه أن يهاجمها أو يحاول ابتزازها، ولا أظن أن ثمة ما ينفي استمرار صحة مقولة ديجول، حتى بعد انتهاء الحرب الباردة، التي وفرت -رغم انتهائها- النموذج الذي يقول للعالم طول الوقت أن توازن القوى وحده هو القادر على صيانة السلام، فلولا الترسانات النووية العملاقة لدى الاتحاد السوفييتي (السابق) والولايات المتحدة، لشهدت أوروبا عشرات الحروب المباشرة فوق أراضيها.ولولا تلك الترسانات النووية ما ظلت الحرب “باردة”. وهكذا فتوازن القوى الذي أتاح للعالم عقوداً من السلام، قد يكون البديل الوحيد عربياً، للتعايش بين قنبلتين إحداهما في القلب “ اسرائيلية” والثانية في الشرق على تخوم الخليج” إيرانية”، ولكن كيف يمكن بناء هذا التوازن؟ و ما هى مكوناته؟ ومن هم الأعضاء الرئيسيون داخل النظام الاقليمي العربي الذي يمكن أن يقوم على عاتقهم هذا التوازن الضروري للقوى؟ وهل يتوفر لدى النظام الاقليمي العربي الوعي أولاً بأهمية وجود توازن القوى، ثم الارادة اللازمة لبنائه؟ وهل يتعين امتلاك خيار نووي عربي لصنع التوازن المطلوب، أم أن ثمة بدائل أخرى للقوة يمكن استثمارها؟ وهل يتعين على العرب الاستعداد بخطة “طوارىء” للتعامل مع هذا السيناريو النووي؟ وما هى أبرز ملامح تلك الخطة؟ .. عشرات الأسئلة لا يمكن أن يجيب عنها من يؤثرون الانتظار البليد على الفعل الرشيد، لكن لا فكاك من البحث عن اجابات والعمل على تحقيقها وبنائها على الأرض، فالصين لم تكتف بسورها العظيم بديلا عن امتلاك ترسانة ردع نووي، ولم تعد تجلس عند حافة النهر الأصفر بانتظار جثة العدو.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.