تمكنت الهند من أن تدهش العالم، عندما أطلقت مركبتها الفضائية للدوران حول الأرض، قبل أكثر من عقدين من الزمن، في عملية استكشاف طبقات سطح القمر والبحث عن معادن ومواد كيماوية، ورغم العدد الكبير من المركبات التي أطلقت إلى الفضاء في القرن الماضي، إلاّ أن كثيرًا من أسرار الكواكب ما زالت غير معروفة. إن الشيء المثير في هذه العملية هو الوثبة العلمية الكبيرة لبلد فقير مر بظروف صعبة تشابه إن لم تكن أسوأ من كثير من دول العالم النامية، بما في ذلك الدول العربية بطبيعة الحال، حيث تحررت الهند من الاستعمار الإنجليزي قبل حوالى ستين عامًا، وكان ذلك في عام 1949من الميلاد، وكانت الهند تعاني من المجاعات والأوبئة في ذلك الوقت، بالرغم من كل هذه الظروف إضافة إلى كونها تتكون من أعراق وديانات مختلفة، وتتحدث بأكثر من (15) لغة مختلفة، وبعدد سكان يزيد عن 1,3 مليار نسمة، إلاّ أنها استطاعت بعد ستين عامًا من استقلالها أن تطعم نفسها، بل وأن تصل لحد تصدير الغذاء إلى الخارج وقامت بإنشاء الصناعات، وأنفقت بسخاء على البحث العلمي بنسبة (5%) من دخلها القومي مقارنة بأمريكا على سبيل المثال التي كانت نسبة الإنفاق لديها (4.5%) وبنسبة (0.2%) من الدخل القومي لدى الدول العربية. لماذا حققت الهند ما عجزت عن تحقيقه كثير من الدول النامية؟ الجواب بالتأكيد إنه العلم. فالإنسان يمكن أن يتخطى كل العوائق إذا كان متسلّحًا بالعلم. وكان للتعليم مكان هام في الهند، إذ يبلغ عدد الجامعات فيها حوالى (260) جامعة، إضافة إلى أكثر من إحدى عشرة كلية في مختلف التخصصات. ولإيمانها بالعلم انتخبت رئيسًا لها عام 2002م العالم المسلم البروفيسور أبو بكر عبدالكلام.. العالم المتخصص في الفضاء والصواريخ وهو أول من وضع أقدام الهند على سلم الدول المتقدمة، وكان يطلق عليه (أبو الصواريخ)، وقد ألّف أبو الكلام كتابه الشهير (الهند 2020) والذي وضع فيه مخطط تطوير الهند وجعلها قوة عظمى قائمة على المعرفة في نهاية عام 2020م، وذلك ما نشاهد بوادره في الوقت الحاضر، ويؤمن هذا العالم الفذ بقدرة العلم على حل مشكلات المجتمع، وعند توليه رئاسة الهند كان همّه تعليم أبناء الفقراء فقام بتعليم أكثر من 300000 الف طفل، ويدعوهم إلى قصر الرئاسة، ويزورهم في مدارسهم، وكان دائمًا يردد قوله المأثور: (احلموا، وحوّلوا الأحلام إلى أفكار، ثم إلى أفعال). وقد وُلد هذا العالم الفذ عام 1931م في بلدة فقيرة في جنوب الهند، ودرس في معاهد التكنولوجيا، وتخصص في علم الطيران، ونال أكثر من 30 شهادة دكتوراة فخرية، وبفضله تم إطلاق القمر الهندي المعروف (روهيني) في مدار الأرض وبفضله أيضًا استطاعت الهند الاكتفاء الذاتي في مجال أنظمة الصواريخ. وكيل جامعة أم القرى للأعمال والإبداع المعرفي