كلما أقرأ شيئًا عن علم الفرائض أتذكر الدكتور عبدالعزيز الزيد وكتابه الذي أهداه لي قبل أكثر من عشرين عامًا عن علم الفرائض وهو -أي هذا العلم- من العلوم التي يندر أن تجد فيه متخصصين بارعين.. في حياتنا الاجتماعية تجد العائلة الواحدة ملتمة على بعضها والأسرة متكاتفة والإخوان والأخوات حبايب مع بعض وبر الوالدين في أوجه والحياة حلوة في وجود وحياة الوالدين أحدهما أو كليهما وما إن يموت الأب وتموت الأم وتمر أيام أو أسابيع أو قل أشهر حتى تتعادى النفوس وتتقطع الأرحام ويلجأ بعض أفراد العائلة الى الشكاوى ورفع القضايا على أقرب الناس إليهم وسبب ذلك كله التساهل بعدم إقامة فريضة توزيع الورث والتماطل في ذلك وأحيانًا تلاعب البعض من الوارثين الشرعيين وعدم إظهار الحقائق المالية والعينية أو تزويرها والتلاعب فيها وشخصيًا اعتبر أن ذلك عقوبة من الله لعدم الرضا بما قسمه الله وكتبه للورثة سواء كان قليلاً أو كثيرًا ولو تقاسم الورثة فلوسهم وإرثهم بما شرع الله لصلح حالهم، واصطلحت نفوسهم وقد كنت وسيطًا لنار اشتعلت في كذا عائلة نتيجة تأخير أو التلاعب في الإرث وكلها دواعٍ شيطانية فهناك من كان مع أبيه أثناء مرضه في آخر حياته وأقنعه بتحويل أراضٍ أو عمائر باسمه والكل يعرف الى عهد قريب قبل وفاة أبيه أنها لم تكن له فشبت النار في العائلة حتى وصل الأمر مداه من القطيعة وإشهار السلاح ولم يكن أمامي كوسيط خير إلا أن أقنع من تحولت له الأرض أو العمارة باسمه أن يرجعها من حيث أخذها درءًا لما سيؤديه موقفه هذا من تشتت الأسرة والعداوة طول العمر وبعد أن أخزى الشيطان ورجع الى تقواه وعقله أعاد ما سلب من أرض أو عمارة الى اسم والده، عاد بعدها كل شيء الى وضعه الطبيعي وعادت الأخوة والمحبة والقرابة وأزال الله عنهم رجز الشيطان فإقامة فريضة توزيع الإرث كإقامة الصلاة المهم فيها أن يتراضى الجميع الذين لهم حق شرعي في الإرث على صيغة للتوزيع وفق شرع الله وهناك من يتلاعب قبل موته في الحق الشرعي كأن يوزع أملاكه على زوجته وبناته حتى لا يصل شيء إلى إخوانه لأنه ليس له ولد وهكذا تتعدد صور التحايل على ما كتبه الله من توزيع ورضا به والبعض يعتمد التوزيع في حياته على الأولاد دون البنات وسبب ذلك كله عدم الثقة بضمان الله للعبد في رعاية من يخلف وما علموا أن التقوى راعٍ أول للاستخلاف كما قال تعالى (وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله) وهناك راعٍ ثانٍ ألا هو الصلاح كما قال تعالى (وكان أبوهما صالحاً)، وراعٍ ثالثٌ وهو الحرص على تنفيذ حكم الله فيما بين الورثة الشرعيين.