تستمع لصوت فيلسوف وجودي....( في صحاري العدم تبحث عن طريق مفقود، هامت روحك في كل طريق تبحث ولكنها لا تجد إلا خلاء هائلاً.. لا نهاية له.. رملا.. مملة.. متشابهة.. صفراء.. أنت تظن نفسك ضائعاً.. لا.. لا.. لقد أخطأت.. أنت لا وجود لك!.. ) وتخشى الضياع والجنون.. وجراثيم الحضارة اللعينة.. التي تجرك بإصرار غريب نحو القاع.. وأنت مركب بلا شراع.. وتبحث عيناك عن مرفأ.. أي مرفأ.. أتخاف الجنون؟ أنه الكمال بعينه! كانت تتكلم الإنجليزية بلكنة فرنسية.. منتهى الإغراء، رائحتها لا تشبه رائحة فتيات قبيلتك! سألتك هل تذكر متى قام مانسون ببقر بطن شارون تيت؟ فاجبتها هل تذكرين متى قام نابليون بغزو مصر؟ القطط عيونها زرقاء.. أنت لا تحب القطط.. قالت لك: ابق معي يا صديقي وسوف أعلمك الفرنسية كما يتكلمها الدبلوماسيون. فأجبتها: لا.. لا.. بل أريد أن أتكلمها كما يتقنها تجار الأسلحة! كانت تريد أن تعرف كيف يبول البعير؟ البعير يا صديقتي ميشيل يبول إلى الخلف.. دائماً إلى الخلف.. هل تعرفين لماذا؟ لكي لا يلوث أرجله. سألتك ما هي أطول كلمة في اللغة العربية؟ فقلت لها: العطش! وفي الإنجليزية؟ فأجبت: إنكلترا. أما ففي اليابانية فهي: العمل. أحب الألوان إليها كان اللون الوردي أما أحبها إليك فكان: العمى! القرن المفضل لها كان القرن الثامن عشر الذي بدأت به الثورة الفرنسية أما قرنك المفضل فكان السابع للميلاد. أحب الحروف لديها الحرف الذي تبدأ به كلمة حب وأحب حروف لغتك هو حرف الكاف! سألتك لماذا حرف الكاف بالذات؟ فأجبت: كلب.. كرم.. كتاب.. كفن.. colonialism. وأشياء أخرى! قالت لك: ما هذا السائل الذي تشربه.. كما تشرب الماء؟.. فأجابتها بل أعبه عباً كما كان والدي يشرب لبن الإبل.. سألتك هل ما زال والدك بدوياً؟ فقلت لها: ليتني كنت والده! فأجبتها: إنني أجد صعوبة في نطق كلمة حضارة Civilizationولكن نطق كلمة Syphlil بسيط للغاية!! أنت تحسد كل القادرين على النسيان.. الذي ينامون نوماً هادئاً ولا يحلمون.. وتحب الألم الذي لا شأن له بالجسد.. والقلق الذي يجعلك تفكر.. هذا الأرض تجمع تنهدات كثيرة منبعثة من أفواه كثيرة.. ومن عيون الناس البدو البسطاء الذين تحبهم يطل الذهول.. وكل ما يجري يهمك أمره ويعنيك.. فيضانات في الباكستان.. جفاف في إفريقيا.. انتعاش صناعة السيارات في اليابان.. حادث سيارة في الرياض.. ولكن تذكر أن الصحراء التي أحببت لا توجد على الخارطة بل في قلبك! كانت جراثيم الحضارة اللعينة تسحبك بإصرار نحو القاع وأنت مركب بلا شراع.. أتخاف الجنون؟ إنه الكمال بعينه! تتجه ناحية الكتب.. الكتاب الأول.. الآلة في خدمة الإنسان.. قلم.. قلم.. تشطب العنوان: تكتب تحته: الإنسان في خدمة الآلة! تلقيه في سلة القمامة. الكتاب الثاني: أمراض الفكر في القرن العشرين.. الغربة.. العبث.. التمرد.. اللا معقول.. تجمعها كلها.. تلقيها في سلة القمامة.. الكتاب الثاني.. كيف تعامل زوجتك وتكسب الأصدقاء؟.. في سلة القمامة... الوجود والعدم لجان بول سارتر.. في سلة القمامة.. المغرب لالبير كامو.. في سلة القمامة. المعلقات السبع في سلة القمامة، ديوان المتنبي في سلة القمامة. Ulysses لجيمس جويس في سلة القمامة. موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح في سلة القمامة. تنظر إلى السلة بأسف: لقد امتلأت: لم يعد فيها متسع لك! بقي على الطاولة كتابان.. الحقيقة في نظر الغزالي وكتاب عرب الصحراء.. تضعها على الرف ولكن لا يقفان.. تحاول مرة أخرى.. يسقطان.. تبحث في أرضية الغرفة.. كتاب أصفر قديم.. الكيمياء الحديثة.. ترفعه.. تسند به الكتابين.. يقفان! توجد على الطاولة أشياء كثيرة أنت لا تحتاجها، فرشاة الأسنان في سلة القمامة.. سائل في زجاجة من أجل رائحة فم زكية.. وآخر مزيل للعرق.. دواء لتقوية شعر الرأس.. وآخر يزيل الشعر بطريقة سحرية.. صورة فوتوغرافية لمنواليزا دافنشي.. مفكرة المواعيد.. في سلة القمامة، عشرة أشرطة من موسيقى البوب.. السيموفنية التاسعة لبتهوفن.. تلقيها كلها في سلة القمامة.. نظرة قلق تلوح في عينيك. كيف ستعيش بلا موسيقى؟ أجل.. أجل.. سوف تتعلم طريقة العزف على الرباب! كان والدك يقول لك: عندما تنام في الصحراء دائماً انطح الريح برأسك! ولكن والدك لا يعرفة أحذية السلامة وهؤلاء الذين يجرونها في الرواق أمام غرفتك. طرف الغطاء الذي من جهة الرأس يجب أن يبقى من جهة الرأس لذلك وضعت عليه علامة.. خيطاً أحمر! اختراع بدوي! للأقدام رائحة كريهة تترك أثراً على طرف الغطاء.. ولكن لم يجرب والدك قوة الريح القادمة من الشمال.. ريح عاصفة.. باردة. هوجاء لا تبقى ولا تذر! ولم يعرف والدك أيضاً العمل في شركة بترول.. ولم يملك مثلك ثلاث ساعات منبه تدق وتدق وتدق لتجبرك على رمي القطن الذي تحشو به أذنيك.. أنت في حاجة إلى منبه في حجم الكون! يدق.. ويدق.. ويدق ليوقظك من سباتك الذي تجاوز ألفي عام!! لو كان النوم بمفتاح! لتفكر الآن بصيغة الإعلان الذي ستنشره في الصحف.. هل توصلت إلى قرار بشأنه.. أجل.. أجل.. سيكون كالتالي: (بعير ولد في أسطبل.. يظن نفسه حصاناً.. يبحث عن عمل.. أي عمل.. شريطة ألا يكون ملزماً بالدوام في مواعيدة محددة.. وألا يرأسه أحد...).. وستأتيك عروض كثيرة.. من أماكن كثيرة.. وعندما تحتار في قبول أحدها ستجري عليها القرعة... والقرعة يا غبي اختراع بدوي آخر! عندما صحوت من غفوتك في مقهى الشانزليزيه لم تجد ميشيل!؟ وجدت مكانها ورقة مطوية.. فتحتها فقرأت فيها: مسكين أيها البدوي.. أن نقضي بقية الإجازة معاً.. لأنك تمارس الحب بعقلك!