لطالما تغنيت واستشهدت ورددت قول الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند وكان هذا البيت مما سلب لبي لما اعتقدت فيه من عمق التجربة وقوة المعنى والعاطفة مما جعلني أطلق معناه دون تقييد. ولكني اليوم ترددت كثيراً في صحة هذا البيت وملاءمته للواقع فعندما أتيت لأطبقه على واقع العراق اليوم وجدته مناقضاً ومنافياً له، بل لقد قيد إطلاقه، وجعله محصوراً في حالات خاصة، فالناظر إلى الوضع في العراق اليوم وما كان عليه قبل سنوات يجد بوناً شاسعاً وفرقاً كبيراً، فقد انتقل من ظلم الطاغية إلى طغيان الظلم، ومن ظلم الأشخاص إلى ظلم دولة بل دول ودويلات ومن أبي غريب صدام إلى أبي غريب الأمريكان وحلف الناتو. ومن الوحدة والتجمع تحت جور ذلك السلطان، إلى التفرق والقتل بين أبناء الأحزاب والطوائف، ومن الهدوء في ظل النظام ولو كان مستبداً، إلى هذا الهيجان والفوضى العارمة.. مما يصدق فيه قول الشاعر: رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه فقد عاش العراقيون ظلم ذوي القربى سنيناً طويلة، وهاهم اليوم يعيشون وقع الحسام.. فأيهما يا ترى أشد مضاضة على النفس، ظلم ذوي القربى أم وقع الحسام؟ إني أرى أن ظلم ذوي القربى كان أخف ولو كان بيت القصيد من إنشائي لغيرته وجعلته: وظلم ذوي القربى أخفُّ مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند