مشاهدات سجلها وحوارات وثقها يوسف بن محمد العتيق: * شارك في الإعداد وقام بالتصوير: مكتب الجزيرة بحوطة سدير ناصر العريج وأحمد غزال - مكتب الجزيرة بالرس - منصور الصائغ وبندر الخربوش وعبدالله المريس - مكتب الجزيرة بحائل - ناصر السعدون وعبدالعزيز العيادة وعبدالله الغامدي. عزيزي القارئ الكريم.. ما تجده بين هذه السطور هو القليل في حق بعض من تراث وآثار وباحثي وطننا الغالي.. فقبل سنوات طويلة كتب بعض أساتذتنا الكبار من جيل الرواد عن مشاهداتهم في بعض مناطق الوطن وكان لها القبول عند الناس من ذلك ما كتبه الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تحت عنوان (في شمال غرب الجزيرة) وكتب أيضا (في بلاد غامد زهران) وكتب الشيخ الكريم سعد بن جنيدل (بلاد الجوف دومة الجندل) وكتب أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري عن رحلته إلى المدينةالمنورة كتابه (الحباء من العيبة غب زيارتي لطيبة) والمهم أن هناك كتابات عن المشاهدات في أرجاء الوطن وكان لجزيرتنا الغالية دور مهم في توثيق مشاهدات الكتاب عن أرض الوطن وبخاصة الطرح المميز والوطني في صفحات حدود الوطن التي شملت أرجاء الوطن لو تبق شبر منه دون حديث. ما تجده في هذه السطور إنما هو امتداد لتسجيل مختصر لمشاهدات علمية لآثار وتراجم من ثلاث مناطق من أرضنا الطاهرة (الرياض - القصيم - حائل). آمل أنا والإخوة الذين اشتركنا في إعداد هذه المادة أن نكون قد وفقنا في تقديم معلومات جديدة ومهمة في موضوعات التراث؛ فإلى هذه المشاهدات التي أخذت من الوقت ثلاثة أيام وقطعنا فيها قرابة الألفي كيلو متر سائلين الله أن نكون وفقنا في خدمة جزء بسيط من تاريخ وطننا. صبح الأربعاء كان الانطلاق في صبيحة الأربعاء (28-1-1426ه) وبوقت باكر كان الانطلاق من الرياض إلى الوجهة الأولى وهي إقليم سدير شمال مدينة الرياض حيث سيكون لنا برنامج حافل من التاسعة صباحا وحيث إن وصولي الى سدير كان قبل هذا الموعد فكان لابد من استثماره ابتداء من المحطة الأولى قارة بني العنبر. العريج: القارة معلم تاريخي ومن أقدم التجمعات السكانية في الإقليم ومن معالم مركز حوطة سدير بل من معالم سدير بأكملها قارة بني العنبر التي أخرجت الكثير من العلماء والمؤرخين وكان لنا في وراق الجزيرة مبادرتنا بأن أخرجنا تراجم العديد منهم بأقلام بعض الباحثين وعلى رأسهم الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الفيصل فلما كانت القارة ملهمة للوراق كان لزاماً علينا أن نزورها ونعرف القراء الكرام بها وعلى يد أحد أبناء القارة الزميل ناصر بن ابراهيم العريج مدير مكتب الجزيرة بحوطة سدير حيث قال مشكوراً بأن القارة تقع جنوب شرق الحوطة في قرية صبحا التاريخية التي محيت ولم يبق من آثارها سوى هذه القارة، وهي تل مرتفع عن سطح الأرض ما يقرب من 15 متراً تقريباً، وفي أعلى هذا التل ترتفع منارة يقال أنها منارة المسجد. أما عن مباني القارة القديمة فكانت مبنية بالطين والحجارة، وفي الجهة الجنوبية من القارة توجد آثار لبئر محفورة بها فتحتان: فتحة علوية، وأخرى جانبية، ولم يبقَ من عمق البئر سوى القليل لأن التراب والحجارة قد غمرته بمرور السنين. ولقد أشار الهمداني الى هذه القارة فقال:(ثم تمضي في بطن الفقي وهو وادٍ كثير النخيل والآبار فتلتقي قارة بني العنبر وهي مجهلة، والقارة أكمة جبل منقطع في رأسه بئر على مائة بوع ومن حولها الضياع والنخيل). وبحديث الهمداني لسان اليمن نترك القارة لنتوجه إلى معلم آخر من معالم إقليم سدير. مركز القديري منار أرض العطار وبعد ذلك كانت الوجهة الى مركز ابراهيم بن عثمان القديري الثقافي بمركز العطار بسدير وهو مركز له نشاط ثقافي ومكتبي يرتبط مسماه بشخصية محبوبة لدى أهالي العطار وما جاورها وهو الشيخ الراحل ابراهيم بن عثمان القديري المتوفى سنة (1421ه) وهو مدير المدرسة السعودية لأكثر من أربعين عاماً وهو في الوقت نفسه إمام الجامع وخطيبه منذ عقود عديدة. فهو رجل تعليم من طراز نادر فوضع هذا المركز الثقافي باسمه وفي حياته كان خطوة موفقة من الأهالي ووفاء لمن يستحق الوفاء من رواد التربية والتعليم. وهذا المركز الذي أنشئ سنة (1415ه) كان في أول الأمر يتبع وزارة التربية والتعليم (المعارف سابقا) وانضم مؤخراً لوزارة الثقافة والإعلام. المركز يضم مجموعة من خيرة الشباب في المنطقة يرجى لهم أن يقوموا بدور ثقافي وبخاصة أن المركز مهيأ وفق الأنظمة الحديثة في المراكز الثقافية فبه قاعة محاضرات ومسرح ومكتبة ضخمة ويديره الزميل ناصر العريج ويعمل به الأساتذة صالح الحسينان، وبندر الحسينان. الشاعر الغنام: الروضة تستحق مضاعفة الجهد من أهلها وبعد جولة ماتعة في مركز حوطة سدير كان لا بد من استنشاق عبير التاريخ وريحان الماضي في الغالية روضة سدير فكانت الوجهة إلى الروضة، وكان في استقبالنا الأستاذ عبدالله بن إبراهيم البخيت عضو المجلس البلدي ورئيس مجلس إدارة نادي الاعتماد الرياض بروضة سدير وهو من الطاقات النشطة على مستوى المحافظة بأكملها، وبعد جلوس قليل في ضيافته وصل إلينا من سيتكفل بالشرح والتوضيح لنا في هذه الجولة ألا وهو الأستاذ إبراهيم بن محمد الغنام الذي يحفظ الروضة القديمة كما يحفظ أحدنا اسمه، وهو شاعر له الكثير من القصائد ولا سيما قصيدته عن روضة سدير المسماة (دار النشامى) وهي قصيدة نبطية قائمة على الأسلوب التمثيلي والاستفهامي. وكان لنا لقاء قبل الشروع في هذه الجولة بالأستاذ عبدالله بن محمد الجار الله الجوير وهو من خبراء البر في إقليم سدير الذي لم تسمح له ظروفه بصحبتنا في هذه الجولة. وبعد حديث مختصر عن مخطط الجولة أخذنا الغنام - وبرفقة البخيت والمصور - إلى الروضة القديمة وبشرح مختصر مفيد من الغنام عن أولى المحطات وهي مسجد مشرفة والذي وللأسف تقوضت بعض أركانه وتهدمت خلوته إلا أن فيه بقايا تدل على أصل البناء وبدأ الغنام يشرح لنا تركيبة هذا المسجد بدءًا بالمصلى ومن ثم الخلوة وحدثنا عن منارة المسجد الشاهقة، ثم كانت الوجهة الأخيرة في هذا المسجد إلى أماكن الوضوء حيث رأينا طريقة بديعة في استثمار الماء وفق طرق بسيطة تتناسب وطبيعة الحياة في تلك الفترة حيث إن الماء المستخدم في الوضوء أو الاستحمام في هذا المسجد الذي به مستحم مستقل يتم تصريف هذه المياه عن طريق السواقي إلى بستان نخيل صغير بجوار المسجد ويسمى الحويط وهذا الحويط الذي سمي بهذا الاسم نسبة للحائط الصغير لأن به نخيلات قليلة وهذه النخيلات يكون ناتجها على إفطار الصائم في رمضان في هذا المسجد كما أوضح الغنام.. هكذا كان الأوائل يستثمرون كل شي وبحرفية عالية. ولم يرض البخيت أن نفارق مسجد مشرفة دون أن يؤثر على أسماعنا بخبر محزن - وحق له ذلك - فقد أشار البخيت إلى أن بعض القطع المرتبطة بالوضوء وهي من الصخر قد فقدت ولم يبق إلا المدي وهو القاعدة الكبيرة وكأني بالأستاذ البخيت يريد أن يوصل رسالة إلى من يعنيهم الأمر بضرورة الاهتمام بهذه الآثار قبل أن نراها متفرقة في شرق الأرض وغربها. وبعد مسجد مشرفة كان التوجه إلى مسجد يفوقه في القدم وهو مسجد المحارب وفيه كان الحديث عن التراث المعماري من الأستاذ الغنام، التعليقات من أخينا البخيت وكلهم يشددون على أهمية أن تحيى الروضة القديمة. وبعد ذلك كانت الوجهة إلى إحدى المحطات الاقتصادية في الروضة القديمة وهي ما يسميه الأهالي (القفان) وهو مكان وزن التمر والدقيق والطحين سابقاً بميزان في غاية الروعة شكلاً ويمتاز بالحجم الكبير وأنه معلق بالسقف وليس بقاعدة أرضية. وبقرب (القفان) مكان البيع والشراء وترويج البضائع وهو ما يسمى الحزم وأطلعني الأخوة فيه على بدايات لمشروعات توسعة واهتمام وهذا ما يحرص عليه الأهالي ونتمنى أن نراها قريباً. وبحسب الأستاذ الغنام فإن مسمى الحزم هذا قد يكون له اتصال بتسمية الروضة القديمة وهي روضة الحازمي. ولم ينس الأخوة في هذه الجولة أن يشيروا إلى بعض البيوت القديمة والتاريخية في الروضة والتي كانت محطات مهمة لدى الأهالي مثل بيت البابطين والسويح وغيرهما. وفي ختام هذه الجولة كان للأستاذ الغنام إضافة مهمة وهي توجيه النداء والدعوة لرجال الأعمال ومحبي الروضة القديمة أن يتداركوا ما بقي من الديرة القديمة والاهتمام به والمحافظة على التراث المعماري القديم كما هو الحال ببعض القرى والمدن في منطقة نجد وسائر أرجاء الوطن. الخليل: التويم مذكورة عند ابن بشر والعيسى وقبلهما العمري وبعد هذه الجولة في روضة سدير كان سلوك الطريق مروراً بالغالية والرائعة بلدة الداخلة ذات المسجد الشهير قدما وتاريخا لكن ولظروف وقتية بحتة كانت الوجهة الى مدينة تاريخية أخرى لا تقل عمن سبقها من المدن ولا من بعدها وهي بلدة التويم التي من المهم أن ننقل للقراء الكرام التعريف بهذه البلدة تاريخيا وجغرافيا بحسب كلام أبناء البلدة وموقعها على الشبكة العنكبوتية: حيث ان مدينة التويم تقع على خط طول 85-45 شرقا وعلى خط عرض 11-25 شمالاً، وتقع في منطقة سدير على طريق العام القديم الذي يربط الرياض - سدير - القصيم، على بعد 170كم من الناحية الشمالية الغربية عن مدينة الرياض، وهي تتبع لمحافظة المجمعة، ويمر بالقرب منها وعلى مسافة 9 كم الطريق السريع الذي يربط أيضا الرياض - سدير - القصيم. والتويم: مذكورة في العديد من الكتب والمخطوطات القديمة فقد ذكرها ابن بشر في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد) وذكرها فضل الله العمري في كتابه (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) وذكرها بن عيسى في كتابه (الحوادث الواقعة في نجد) كما تتطرق لها الرحالة (بلجريف) في مخطوطاته عندما زار الجزيرة العربية، فمدينة التويم تعتبر من أقدم مدن منطقة سدير وفيها قبور تعود إلى الفترة السابقة للإسلام. حيث كان في الاستقبال عضو المجلس البلدي الأستاذ محمد بن عبدالله الخليل وبحضور مجموعة كبيرة من المثقفين والباحثين وطلبة العلم الشرعي احتفاء بصفحة وراق الجزيرة وجرى في هذه المجلس الأدبي الراقي نقاش علمي ومفصل كان لصحيفة الجزيرة نصيب الأسد من الحديث وأنها ذات الحضور الأول مع ان ذلك لم يمنعنا ولا يمنعهم من سماع الملحوظات والنقدات على طرح الوراق لأن الصفحات التراثية هي في الأساس لخطاب الباحثين والمثقفين. حضر هذه المناقشة العلمية وشارك فيها أعضاء المجلس البلدي بروضة سدير والشاعر ناصر السعيد عضو المجلس البلدي بجلاجل والأساتذة محمد وأحمد وعبدالعزيز وعثمان وحمد أبناء الشيخ ابراهيم الصوينع والأستاذ محمد الفهد مدير التوجيه والإشراف بإدارة التعليم بمحافظة المجمعة والأستاذ عبدالله الغضفان وخطيب جامع التويم الشيخ الأحمد والأستاذ إبراهيم الشايع والأستاذان عبدالرحمن وسعود الخليل شقيقا المستضيف وأبناؤه وغيرهم. سدير في مقطوعة السعيد الشاعر ناصر السعيد من الشباب الذين أعطوا إقليم سدير اهتمامهم من أقصاه إلى أقصاه دون النظر في بلد بعينه وهذا هو الحس الوطني المطلوب ومن أجل هذا ولمناسبة القصيدة لموضوعنا هنا نريدها راجين أن يكون فيها ما يرضي تطلع القراء الكرام على وطننا الغالي فإلى هذه المقطوعة: ياسدير يا ديرتي يا سدير يا أغلى من الماس ودك مكن في خاطري والتجابه انتي الغلا وانتي الوفا وانتي الانفاس احب سهلك والجبل مع هضابه يا الله عسى مزن الحيا يرمس ارماس برقه على القبلة حقوقٍ سحابه يسقي ديارٍ حبها ماله قياس وادي جلاجل والفقي مع شعابه وتربع فياضٍ مع العام يباس تلقى زهرها فايحاتٍ عذابه نفحة هواها كل ماهب نسناس تشفي جروح اللي عطيبٍ صوابه يطرب لها اللي من عنا الوقت محتاس همه يروح ويبتسم له شبابه افخر انا يا سدير وارفع بك الراس لك منزلٍ بالقلب وايضا مهابه دارٍ لها بالقلب عزٍ ونوماس جدي وابوي اللي نشو في ترابه اهل الوفا والطيب والعز والباس من باسهم تشبع جياع الذيابه ربعي هل الطولات لا حميت الطاس مثل الاسود اللي ربت وسط غابه درب الكرم موروث ساسٍ على ساس قوله هلا للضيف يا مرحبابه له عندنا حشمه وبن بمحماس نفرح إلى جانا عزيزٍ جنابه يقوله اللي يبدع القاف باحساس مثأيلٍ مثل الذهب يعتنابه والخاتمه صلو على صفوة الناس اللي ومر بالخير والشر عابه