ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في جنوب البرازيل إلى 136    كريسبو مدرب العين واثق من الفوز بدوري أبطال آسيا رغم الخسارة باليابان    الأمن العام يدعو لتجنب الإعلانات المضللة بمواقع التواصل    "الوطنية للإسكان" و"طلعت مصطفى" تضعان حجر أساس "مدينة بنان"    صحف عالمية : إجماع دولي على عضوية فلسطين يعمق عزلة إسرائيل    محافظ جدة يشرف أفراح الغامدي    الأمير سعود بن نهار يدشن أكبر مجمع "قرآني تعليمي نسائي "على مستوى المملكة    «نقطة» تفصل الزعيم عن التتويج بلقب الدوري    الأرض تشهد أقوى عاصفة مغناطسية منذ 21 سنة    توقف معظم المستشفيات بعد الاجتياح الإسرائيلي لرفح    غدا.. انطلاق اختبارات نافس    "البيئة" ترصد هطول أمطار في 6 مناطق    تعليم عسير يُعرّف ب«نافس» تعليمياً ومحلياً.. و8 ميداليات ومركزان في الأولمبياد الوطني للتاريخ    أروقة الشعر بين علم الاجتماع والنفس    المياه الوطنية تُكمل الاختبارات التشغيلية لمخطط درب الحرمين بجدة    "رئاسة الشوون الدينية" تستقبل طلائع الحجاج بالهدايا    99% من مسكنات الألم بها مواد مخدرة    التدريب التقني والمهني" ينظم معرض "مبتكرون 2024" بالشرقية غداً    مخالفو أنظمة الإقامة يتصدرون ضبطيات الحملات المشتركة    بعد اقتراب رحيله عن الاتحاد..سباق في مصر لضم أحمد حجازي    وزارة الحج تدعو لاستكمال التطعيمات المخصصة لحجاج الداخل    البرازيل تكشف سبب غياب مالكوم عن كوبا أمريكا    تدشين خدمة الرعاية الطبية المنزلية بمدينة الجبيل الصناعية    الجامعة العربية: القمة العربية تنعقد في ظرف استثنائي    جدة تشهد الملتقى التدريبي لفورمولا1 للمدارس    أمين الشرقية يصدر قراراً باستحداث «بلدية الدمام»    خمسة نجوم مُرشحون للانضمام إلى رونالدو في النصر الصيف المقبل    الفياض: نستثمر في التكنولوجيا لمعالجة التحديات الصحية العالمية    هطول أمطار مصحوبة برياح نشطة على معظم مناطق المملكة    وزير النقل: لا نتدخل في أسعار التذاكر الدولية    حظر الأظافر والرموش الصناعية بالمطاعم ومتاجر الأغذية    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    ليندمان: رؤية 2030 حفّزت 60 بعثة أمريكية للعمل بالمملكة    "الصحة" توضح الوقت المسموح للجلوس أمام الشاشات    نجاح علاج رضيعة صماء بالجينات    اليابان تستعد لاستقبال ولي العهد    مدير ناسا يزور السعودية لبحث التعاون الفضائي    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يصل إلى الولايات المتحدة للمشاركة في آيسف 2024    شرطة الرياض: القبض على (5) أشخاص لمشاجرة جماعية بينهم    العطاوي: سنكمل نجاحات غرفة الرياض التجارية ونواكب المرحلة وتطلعات القيادة    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة معالي الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    جمعية الرواد الشبابية تنظم دورة "فن التصوير" في جازان    سورية: مقتل «داعشي» حاول تفجير نفسه في السويداء    رومارينهو: الخسارة بهذه النتيجة شيء ⁠محزن .. و⁠⁠سعيد بالفترة التي قضيتها في الاتحاد    إيغالو يقود الوحدة بالفوز على الخليج في دوري روشن    وزير الشؤون الإسلامية يدشن المنصة الدعوية الرقمية في جازان    «سلمان للإغاثة» ينتزع 719 لغماً عبر مشروع "مسام" في اليمن خلال أسبوع    رئيس جمهورية المالديف يزور المسجد النبوي    "كنوز السعودية" بوزارة الإعلام تفوز بجائزتي النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    رَحِيلُ البَدْرِ    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    دلعيه عشان يدلعك !    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافتنا بعد قرن من صناعة النخب إلى هواية الجماهير
أعداد من صحف «المؤسسات»
نشر في الجزيرة يوم 13 - 11 - 2020

على الرغم من وجود دراسات متفائلة بمستقبل الصحافة الورقية إلا أنني شخصياً أظن أن هذا الجيل هو آخر جيل يشهد عهد الصحافة الورقية؛ فهي وشيكة الزوال لأكثر من سبب منها: رجوع الشباب إلى المواقع الإلكترونية، وتراجع صناعة الورق تحت حماية البيئة ومصادرها الطبيعية... ومنها أن الإعلام الإلكتروني يمتاز بموارده المتنوّعة وارتباطاته بالمقالات المشابهة والأفلام ونحوها مما لا يتوفر لدى الصحافة التقليدية...
تعد الصحافة من أهم المظاهر المهنية والمعرفية والتواصلية في أي بلد من العالم لتغيير المجتمع وفكره وتطويره ونشر الخبر وكانت تعد في النصف الأول من القرن العشرين مرادفة لما نعنيه اليوم بمصطلح (الإعلام) بمعناه العام من نشر الخبر والتعليق عليه وتحليله حتى تطور البث عبر المذياع ثم التلفزيون لتصبح الصحافة مكان تحليل الأخبار وليأخذ التلفاز مكان عرضها مصورة ... واليوم بدأ عهد جديد مع شبكة الإنترنت أو كما يسميها بعض الباحثين عن النقاء اللغوي ( الشابكة).
زادت رحلة هذه الصحافة على قرن من الزمان في الجزيرة العربية كلها منذ صدور صحيفة ( حجاز ) 1326ه - 1908م، وبلغت مئة عام في المملكة العربية السعودية منذ أن سطعت جريدة (أم القرى) جريدة رسميةً في المملكة سنة 1343ه - 1924م، وقارب عمر الصحافة الآن قرنين في البلاد العربية.
كانت صحافتنا معبرة عن الشأن المحلي ومعبرة عن رؤى المواطنين، ومحللة للشأن الخارجي وناقلة للأفكار والرؤى والاقتراحات ... وكان للأدباء لدينا خاصة دور في دفع الصحافة للأمام كما حدث في مصر والشام بما توفر لديهم من قدرة على التحرير وقدرة على تناول الشأن العام ... ومن أبرز محطاتهم صدور صحيفة (اليمامة) في الرياض سنة 1372 ه - 1953 م والتي أوجدت اهتماماً بالشأن الأدبي والتاريخي وأحدثت تحولاً جاداً في المسار الأدبي والاهتمام التاريخي في المملكة بعنايتها بنشر الوعي المرتبط بتاريخ المملكة والتعريف به ... وكانت بعض تحقيقاتها أقرب إلى مجلة أكاديمية أحياناً.
وتبع ذلك صدور مجلات الجهات الرسمية في السبعينيات الهجرية من القرن الماضي مقدمةً للمواطن والقارئ ما ترى أنه مهم وجديد من موقعها في أجهزة الدولة ومسار اهتماماتها ... ثم أصدرت الدولة نظام المؤسسات الصحفية وعملها في سنة 1383ه - 1964م.
ويعد العقدان الماضيان من سنة 2000 م - 2020 م عهد الأزمات للصحافة الورقية في العالم كله فقد تراجع الاهتمام بها كما تراجعت المؤسسات التي تعتمد عليها في التسويق والإعلان وتراجع مستوى القراءة وذلك كله بسبب منافسة الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى وأصبحنا نواجه ظاهرة الإعلام الإلكتروني والصحافة الإلكترونية.
إن التصور الجديد اليوم يختلف عن التصور القديم لفكرة الصحافة؛ فقديماً كانت الصحافة مهنةَ نخبٍ من المثقفين والمحللين والباحثين، ولتكون صحفياً ناجحاً كان يجب عليك أن تمر بمراحل عديدة من الثقافة والاستعداد الذاتي والتجارب الكتابية العديدة ... وقد تنجح مقالاتك وقد لا تنجح. أما مع فضاء الشبكة الرقمية اليوم فقد ينافس أحد الكتاب الصغار أنجح المحللين وأبرع الكتاب .... في عدد القراء واستقطاب المتابعين.
ومن أبرز نتائج الواقع الإعلامي أن تتجه الصحافة الآن في العالم لتتخلى عن مبدأ (نقل الخبر)؛ فهذا قد صارت له مساراته التقنية الجديدة، بل إن كثيراً من الأفراد في العالم أصبحوا هم ناقلين للأخبار على المستوى الشخصي ... وبعضهم قد يسبق وكالات الأنباء في إعلان الخبر، مما جعل تعريف الصحافة نفسها مختلفاً عن السابق بعد دخول مدونات الأفراد إلى عالم الخبر والتحليل ... وكان من النتائج أيضاً أن ضعف في الصحافة الجانب الترفيهي بسبب موارد الشبكة الإلكترونية غير المحدودة ...كما صار المجال الرقمي مفتوحاً لكل أحد وهذا أحدث مشكلة في مصادر المعلومات التي تغيرت، ولم تعد تقتصر على الجهات الرسمية، بل أصبحنا أمام مشكلة في فرز المعلومات..
يتجه العالم اليوم نحو الميل إلى (نظرية المقال) بدلاً من الخبر، أي أن الصحافة تتقدم عبر المقالات الرصينة التي تقدم في الدرجة الأولى تحليلات للحياة المعاصرة المعقدة أكثر مما تقدم أخباراً جديدة .... ومستقبل الصحافة اليوم يميل تدريجياً نحو التحليل والاستنتاج أكثر مما يميل نحو تقديم المعلومة جاهزة؛ لأن المعلومة صارت أيضاً تصل إلى الشخص بلا صحافةٍ، بل عبر الشبكة. وهذا التطور أوقف بعض المشروعات العلمية والإنسانية الكبرى، وفي طليعتها الموسوعة البريطانية الشهيرة التي توقفت عن الصدور في العقد الماضي بسبب تراجع مبدأ تقديم المعلومات.
وبدأت وكالات الأنباء العالمية بدأت تغلق بعض مكاتبها ليشهد العالم تحولاً هاماً في صناعة الخبر وتسويق المعلومة صار من أبرز ملامحها أن صار الخبر والتحليل تفاعلياً وغير مقيد، بل يتمتع المتابع بحرية كبيرة في التعليق والرد.
لم تعد طرق كتابة الخبر والتحليل كما كانت عليه في السابق، وفي تصوري أن كثيراً من المقالات التي نكتبها اليوم في إعلامنا العربي عموماً ستصبح بلا جدوى، بل ذكرى من التاريخ لأنها لا تحمل معرفة ولا تقدم حلولاً أو تفتح آفاقاً جديدة، بل تعتمد على الأسلوب القديم حين كانت الصحافة مهنة النخبة التي تقدم لنا شؤوناً وأخباراً لا نعرفها إلا منهم.
أصبح التحدي الكبير الذي نواجهه نحن اليوم هو (تحدي المحتوى) أو تحدي الرسالة؛ إذ كيف تستطيع الصحافة سواء أكانت إلكترونية أم ورقية أن تخدم أبعاداً وطنية هامة تتقاطع فيها خطوط الوعي بالهوية الوطنية والهوية العربية والإسلامية والبعد العالمي المرتبط بهذا كله... وهذه كلها صانعة لجيل المستقبل. هذا كله مع وجود نزوح بالشعور نحو (العالمية) بسبب تداخل دوائر المعرفة وانفتاح مصادر المعلومات، حتى لقد أصبحت قضية الهوية الوطنية إشكالاً فلسفياً ينبغي دراسته ومعالجته.
التحدي القائم هو تحدٍ كبيرٌ للهوية والثقافة. والتحدي القائم هو التحدي التفاعلي فهل من مهمة الصحافة الرقمية أن تسوق المقالة والخبر مثلاً، وتحللهما، وتترك التفاعل؟ أم من مهمتها أن تتفاعل مع الجمهور الذي صار جمهوراً غير محليّ بل جمهوراً عالمياً ؟! هذه أسئلة مفتوحة لكل خبير ومهتمّ.
** **
- د. أحمد بن محمد الدبيان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.